وجدت حركتا «فتح» و «حماس» المتصارعتان على السلطة في الأراضي الفلسطينية، مادة جديدة تزيد الخلاف بينهما تأجيجاً: زيارة رئيس اتحاد علماء المسلمين الشيخ يوسف القرضاوي لقطاع غزة. ففيما استقبلته «حماس» والوفد المرافق له استقبال الزعماء الكبار، شنت «فتح» والسلطة الفلسطينية عليه هجوماً شديداً وصل إلى حد مطالبة دول العالم باعتقاله في مطاراتها ومعابرها في حال استخدامه جواز السفر الفلسطيني الذي منحه إياه رئيس الحكومة المقالة في غزة إسماعيل هنية، واسترداد الجواز منه لحصوله عليه بطريقة وصفتها ب «غير القانونية». وكان هنية منح القرضاوي جواز سفر فلسطينياً، كما منحته الجامعة الإسلامية في غزة شهادة الدكتوراه الفخرية، فيما أقامت «حماس» مهرجاناً شعبياً حاشداً لاستقباله، مماثلاً للاحتفالات الكبرى التي تقيمها في مناسبات وطنية مهمة. ورداً على قرار هنية منح القرضاوي جواز سفر فلسطينياً تقديراً لمواقفه، أصدرت وزارة الداخلية في السلطة الفلسطينية في رام الله أمس بياناً أعلنت فيه أنها «أرسلت رسائل إلى جميع الدول التي تعترف بدولة فلسطين، مفادها أن القرضاوي يحمل جواز سفر فلسطينياً مزوراً»، و «طالبت جميع هذه الدول باتخاذ الإجراءات القانونية من أجل ضبط حامل الجواز، واسترداده وفق القانون الدولي». وأطلق الناطقون باسم «فتح» تصريحات شديدة اللهجة ضد القرضاوي وزيارته لقطاع غزة. وجاء في بيان أصدره الناطق باسم الحركة أحمد عساف أن هنية لا يملك الحق في منح القرضاوي جواز سفر. وأضاف: «من لا يملك أعطى لمن لا يستحق»، معتبراً ذلك من حق الرئيس محمود عباس وحده. وتابع: «إذا ما قررت أي دولة منح جواز سفرها لأي أجنبي تقديراً له، فهذه صلاحيات رئيس الدولة فقط، وليست من صلاحيات رئيس وزراء مطرود بسبب قيادته لانقلاب دموي على السلطة الشرعية». وزاد: «على ماذا يكافأ القرضاوي ليمنح جوازاً ديبلوماسياً وجنسية فلسطينية؟ على الفتاوى التي أصدرها وأباحت الانقلاب الذي قامت به حماس في غزة وراح ضحيته الآلاف من أبناء شعبنا بين شهداء وجرحى ومشردين... أم لفتواه التي حرمت زيارة المسجد الأقصى ومدينة القدس لكسر الحصار الإسرائيلي المفروض عليهما». واعتبرت «فتح» زيارة القرضاوي لقطاع غزة ومعارضته زيارة الأقصى تناقضاً غير مبرر، وقال عساف: «في الوقت نفسه، يبيح (القرضاوي) لنفسه ولغيره بأن يزور قطاع غزة على رغم أنه تحت الاحتلال الإسرائيلي، ودخل إليه بتصريح وتنسيق كامل مع إسرائيل». وأصدر ناطق آخر باسم «فتح» هو أسامة القواسمي بياناً آخر اعتبر فيه قيام مستوطنين باقتحام الأقصى أحد نتائج زيارة القرضاوي لغزة، مضيفاً: «إن ما جرى في القدس من عربدة للمحتلين جاء نتيجة مباشرة لتحريم القرضاوي زيارتها والمسجد الأقصى». وأضاف: «إن القرضاوي يدعو أميركا إلى نصرة الحق في سورية، ودعا الأطلسي إلى غزو ليبيا، ويعمل الآن أيضاً على تهويد القدس، وتكريس الانقسام الفلسطيني». وفي غزة، ألقى القرضاوي أمس خطبة الجمعة في المسجد العمري دعا فيها الفصائل الفلسطينية إلى التمسك بسلاحها وإتمام المصالحة، مضيفاً: «أقول لأبناء غزة وأنصحهم بأن يصبروا على ما هم عليه، وأن يستمروا في بناء بلدهم وبالمقاومة». وأضاف: «لن نتخلى عن المقاومة ولن نسلم سلاحنا... تمسكوا بأسلحتكم واعملوا على أن تتوحدوا». يذكر أن «فتح» والسلطة تعارضان قيام رؤساء دول وزعماء سياسيين بزيارة غزة على اعتبار أن مثل هذه الزيارات تعزز الانقسام. وتتخذ «فتح» موقفاً من القرضاوي على وجه الخصوص بسبب مواقفه التي تعتبرها مساندة ل «حماس».