لم يتغير خطابنا العربي منذ أن وعينا على هذه الأرض، والخطاب الرياضي العربي هو امتداد لذلك، وما حدث في انتخابات منصب رئيس الاتحاد الآسيوي إلا جزء من تلك الثقافة، «ثقافة التخوين والتشويه» التي نخرت جسد الرياضة العربية! ذهبنا إلى عاصمة الاتحاد الآسيوي كوالالمبور بثلاثة مرشحين عرب، وخليجيين تحديداً، وعلى رغم محاولات بعض المخلصين من مسؤولي الرياضة العربية في إقناع المرشحين الرئيسيين «الشيخ سلمان والسركال» بضرورة تنازل أحدهما للآخر، لكن ذلك لم يتم أمام إصرار الاثنين على مواصلة تحديهما، وكان الخوف أن يخسر العرب مرشحيهما في ظل وجود منافس قوي قادم من تايلاند ووصل إلى كوالالمبور من دون ضجيج، ما زاد من درجة الخوف والترقب! ما كان يهم الشارع الرياضي العربي، هو ألا نخسر الاثنين بعد انسحاب المرشح السعودي حافظ المدلج، الذي أستطيع أن أسميه ب«رسول سلام»، بحيث لا يمكن أن نطلق عليه صفة «مرشح»، وهو الذي لوّح منذ البداية بأنه سينسحب في الأول من الشهر الجاري. ومع إيماننا بأن لعبة الانتخابات في أي مجال، ومنها انتخابات رؤساء الدول خصوصاً في الدول العربية، لا تخلو من «اتفاقات» و«صفقات» و«وعود»، وإذا لزم الأمر «قوة تأثير»، وهذا ما حدث في انتخابات منصب رئيس الاتحاد الآسيوي الجديد، فذلك ليس عيباً، بل هو من أساسيات العمل الانتخابي، ومن لا يملك مفاتيح اللعبة الانتخابية ولا يتوافر لديه فريق عمل مؤثر، فلا يكلّف نفسه الدخول في هذا العالم، حتى وإن كان يحمل صفات الإدارة والخبرة كافة، ولأن الأمور تبدو بهذه الصورة، جاءت التسريبات قبل يوم من إجراء الانتخابات بأن المرشح البحريني الشيخ سلمان بن إبراهيم هو الأقرب للفوز بمنصب رئيس الاتحاد الآسيوي لكرة القدم، وكان لهذه الأخبار مبرراتها! ولو كنت مكان المرشح الإماراتي يوسف السركال، لأعلنت انسحابي حينها، بدلاً من الحصول على تلك الأصوات الضعيفة جداً وهي «6 أصوات» في مقابل «33 صوتاً» للشيخ سلمان آل خليفة، و«أصوات» للمرشح التايلاندي داتو ماكودي! ولعلّ حصول الشيخ سلمان آل خليفة على 33 صوتاً من الجولة الأولى، يؤكد ما تتمتع به حملته الانتخابية التي يقودها رئيس المجلس الأولمبي الآسيوي الشيخ أحمد الفهد من قوة ونفوذ، وهو ما منحه هذا العدد الكبير من الأصوات. لقد انتهت الانتخابات واختار الآسيويون رئيسهم الجديد خلفاً للعربي الآخر محمد بن همام، إلاّ أن أصوات المشككين في عدم قدرة الرئيس المنتخب على قيادة الاتحاد في المرحلة المقبلة بدأت، وأول هذه الأصوات كان صوت رئيس الاتحاد الآسيوي السابق محمد بن همام، الذي ترحم على الاتحاد الآسيوي بعد فوز «آل خليفة» وخسارة صديقه السركال! ويبدو أن ذاكرة ابن همام شاخت، فكيف نسي قصة وصوله إلى كرسي رئاسة الاتحاد الآسيوي..؟ أم أنه يريد أن يقنعنا بأن نجاح الاتحاد الآسيوي لن يكون إلاّ بوجود أصدقائه فقط، وهذا نوع من تصفية حسابات قديمة! بقي أن أقول للشيخ سلمان آل خليفة: «حافظ على آسيا». [email protected] abdullahshaikhi@