يراهن الاتحاد الأوروبي على نمو الاقتصاد العالمي للخروج من أزمة الركود الطويلة، حيث أنهكت اقتصادات دول الاتحاد وموازناتها. ويُتوقع استمرار الركود وتراجع الناتج المحلي الخام بنسبة 0.4 في المئة هذه السنة، على أمل أن تكون النسبة إيجابية عام 2014. ويتواصل تباعاً ارتفاع البطالة في السوق الأوروبية إلى نسبة 12 في المئة، وبدرجات متباعدة جداً بين 27 في المئة في إسبانيا واليونان، و5 في المئة في ألمانيا ودون ذلك في النمسا. وتواجه السوق الأوروبية منذ سنوات تراجع الطلب الداخلي، الذي شكل دائماً محرك الدورة الاقتصادية. ويراهن المفوض الأوروبي للشؤون الاقتصادية والمالية أولي ريهن على الاقتصاد الأميركي «ليكون قاطرة بالنسبة إلى اقتصاد أوروبا وكذلك الاقتصادات الناشئة التي تنمو في شكل لافت خصوصاً في آسيا وبوتيرة معتدلة في أميركا اللاتينية». وقال في مؤتمر صحفي عقده أمس في بروكسيل، إن «نمو الاقتصاد العالمي سيدعم اقتصاد أوروبا». ولم يستبعد في تقديمه توقعات فصل الربيع، أن «يستعيد الاقتصاد الأوروبي النمو عام 2014 بنسبة 1.2 في المئة في دول الاتحاد الأوروبي». ولفت إلى أن «استعادة النمو تدريجاً في النصف الثاني من العام الحالي، وتتأكد عام 2014». لكن الزيادة المرتقبة لن تكفي لتخفيف التوتر في سوق العمل، إذ تُقدر نسبة البطالة ب 12.2 في المئة هذه السنة، و 12.1 في المئة العام المقبل. وأكد ريهن «ضرورة بذل الجهود الممكنة لتجاوز أزمة البطالة». واعتبر أن السياسة الأوروبية «تمزج جهود تصحيح أوضاع الموازنات وحفز النمو من أجل نمو مستدام وخلق مواطن العمل». وتتعرض المفوضية والحكومات الأوروبية إلى انتقادات أوساط اليسار والنقابات العمالية، مشككة في جدوى سياسات التقشف المفرطة، لأنها دفعت الأوروبيين إلى خفض الاستهلاك بما يترتب عن ذلك من بطء في الدورة الاقتصادية والاستثمار. وأعلن ريهن أن «تصحيح أوضاع الموازنات يتواصل، لكن وتيرة تنفيذ الإجراءات تراجعت». ورأى ضرورة «تكثيف الإصلاحات الهيكلية لحل المشاكل التي ارتهنت النمو في أوروبا». ودعا رئيس المفوضية الأوروبية مانويل باروزو، إلى «وضع خطة طموحة لتوظيف الشباب»، وقال بعد اجتماع مع ممثلي الأطراف الاجتماعيين: «لا يمكن الانتظار لأن الوضع الاجتماعي يقتضي التحرك العاجل». وأوضح أن الخطة التي كان اقرها قادة الاتحاد العام الماضي لحفز النمو (120 بليون) لم تُنفّذ بالكامل. وتوقع أن تحتل مشكلة البطالة الشباب «نقطة رئيسية في جدول أعمال القمة المقبلة في حزيران (يونيو). وتقدر نسبة البطالة في صفوف الشباب بنسبة 59 في المئة في اليونان، و56 في المئة في إسبانيا، و34.4 في المئة في إيطاليا و38.3 في المئة في البرتغال. ورأى المفوض الأوروبي، أن الوضع الراهن «يتميز أيضاً بتراجع الاستثمار والاستهلاك بفعل السياسات الضريبية وتراجع حجم قروض الاستهلاك والاستثمار، سواء للأفراد أو للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة». وتتفاوت الأوضاع حسب الدول ووفق درجات ركود الاقتصاد. ولاحظ ريهن، أن «على رغم تحسن الوضع في أسواق المال في الاتحاد ككل وانخفاض أسعار الفائدة، لم يتجسّد هذا التحسن في الوضع الاقتصادي». واستنتج أن أزمة المال وصعوبات الديون السيادية ومشاكل القطاع المصرفي في بعض دول الاتحاد (اسبانيا، اليونان، البرتغال، ارلندا)، «أدت إلى فقدان التجانس في السوق الأوروبية». وتوقع «استمرار انخفاض العجز العام من 3.4 في المئة هذه السنة، إلى 2.9 في المئة العام المقبل في الاتحاد الأوروبي. وفي المقابل، سترتفع نسبة الدين العام من 89.8 في المئة من الناتج المحلي الخام إلى 95.5 في المئة، نتيجة تراجع النمو الاقتصادي. ويُرجّح أن «يتراجع اقتصاد فرنسا بنسبة 0.1 في المئة هذه السنة، وكذلك اليونان بنسبة 4.2 في المئة، والبرتغال 2.3 في المئة، واسبانيا 1.5 في المئة، وايطاليا 1.3 في المئة، وهولندا 0.8 في المئة وسلوفينيا 2 في المئة». ويرصد الأوروبيون الصعوبات المتزايدة أمام سلوفينيا، إذ يمكن أن تدفع بين يوم وآخر إلى طلب المساعدة المالية لإنقاذ قطاعها المصرفي، أسوة بما فعلت قبرص قبل أسابيع إذ حصلت على قروض بقيمة 13 بليون يورو في ثلاث سنوات وبشروط قاسية لا سابق لها، شملت تحديداً مساهمة المدخرين والمودعين القبارصة والأجانب في إنقاذ المصارف. وتوقعت المفوضية الأوروبية، تراجع الناتج المحلي الخام في قبرص بنسبة 14 في المئة خلال 2013 - 2014.