كشفت بيانات صدرت امس أن الناتج الصناعي في منطقة اليورو سجل انكماشا تجاوز التوقعات في يناير الماضي، وقال مكتب الإحصاء الأوروبي "يوروستات" إن الناتج في تكتل العملة الموحدة الذي يضم 17 دولة تراجع بنسبة شهرية بلغت 0.4 بالمائة بعدما نما بنسبة 0.9 بالمائة في ديسمبر. ويمثل التراجع في الشهر الاول من العام الهبوط الرابع خلال خمسة أشهر. وتراجع الناتج الصناعي بنسبة 1.3 بالمائة بالمقارنة بمستواه في يناير عام 2012. ويتوقع البنك المركزي الأوروبي انكماش اقتصاد منطقة اليورو بنسبة 0.5 بالمائة هذا العام بعدما انزلق في ركود في الربع الثالث من العام الماضي وقال بين ماي خبير شؤون الاقتصاد الأوروبي لدى المجموعة البحثية "كابيتال إيكنوميكس" إن "تراجع الناتج الصناعي لمنطقة اليورو في يناير بمثابة جرس انذار جاء في توقيت مناسب بأنه رغم أن تحسن المعنويات في دوائر الأعمال وأسواق المال، فقد تظل المنطقة في ركود خلال الربع الأول". وانخفض الناتج الصناعي في الاتحاد الأوروبي الأوسع بنسبة 0.4 بالمائة في الشهر المذكور بعدما نما بنسبة 0.8 بالمائة في ديسمبر. وعلى أساس سنوي، انخفض الناتج الصناعي في الاتحاد الأوروبي بنسبة 1.7 بالمائة خلال يناير. وتؤكد المؤشرات التي نشرت في إيطاليا واليونان والبرتغال الانكماش الذي سجل في 2012 في الدول الأكثر ضعفا في منطقة اليورو وتشعل من جديد النقاش حول غياب النمو بسبب إجراءات التقشف وذلك قبل ثلاثة أيام من قمة أوروبية يتوقع أن تبحث هذه المسألة. وقبل ساعات من اجتماع بروكسل لوزراء الاتحاد الأوروبي المكلفين الشؤون الأوروبية بهدف التحضير لقمة رؤساء دول وحكومات الدول ال 27 حول النمو والتنافسية المقرر عقدها اليوم وغدا الجمعة، تتوالى الأنباء السلبية عن المؤشرات الاقتصادية. وفي إيطاليا، أسهم تأكيد تقلص إجمالي الناتج الداخلي صباح الاثنين بنسبة 0,9 بالمائة في الفصل الرابع من 2012 مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق، في تفاقم مناخ قاتم أصلا بفعل الغموض السياسي وقرار وكالة التصنيف الائتماني فيتش خفض درجة تصنيف إيطاليا. وهو الفصل السادس على التوالي من تراجع إجمالي الناتج الداخلي في الاقتصاد الإيطالي الذي لن يبدأ في التحسن إلا في الفصل الثاني من العام 2013 في أحسن الأحوال. ومع ذلك، يعتبر عدد من الاقتصاديين أن هذا الاحتمال قد لا يكون واقعياً بسبب الأزمة السياسية الناجمة عن نتائج الانتخابات التشريعية التي جرت في فبراير. تقترح المفوضية الأوروبية على قادة الاتحاد الأوروبي منحها سنة إضافية لتقليص العجز العام في الموازنة يذكر أن الاقتصاد الإيطالي يعاني ركوداً منذ نحو عام ونصف العام. وفي سياق متصل سجلت استثمارات الشركات تراجعاً قوياً وملحوظاً خلال نهاية العام الماضي. في المقابل حققت الصادرات نمواً طفيفاً فيما تراجعت الواردات. وأعلنت مؤسسة فيتش للتصنيف الائتماني مؤخراً خفض تصنيف إيطاليا من أيه سالب إلى بي.بي.بي موجب، بسبب الاضطراب السياسي في البلاد مع تدهور الأفق الاقتصادي بأسوأ من المتوقع. ووفقا لمؤشر التصنيف الائتماني للمؤسسة فإن تصنيف بي.بي.بي موجب، يعني أن الديون السيادية الإيطالية، مازالت عند «درجة الاستثمار». وفي بيان أصدرته مؤسسة فيتش بررت المؤسسة خفض تصنيف إيطاليا، بالقول إن احتمالات تبني إيطاليا الإصلاحات الاقتصادية المطلوبة بإلحاح ضعيفة في أعقاب الانتخابات العامة التي أسفرت عن فشل أي معسكر سياسي في الفوز بأغلبية تضمن له تشكيل الحكومة الجديدة. فقد جاء يسار الوسط في المقدمة ولكنه فشل في الحصول على الأغلبية. كما أشارت فيتش إلى أن إيطاليا تواجه خطر ركود أكبر وأطول من التوقعات السابقة. والغيوم السوداء نفسها تخيم على البرتغال حيث تدهور إجمالي الناتج الداخلي بنسبة 1,8 بالمائة في الفصل الرابع من العام 2012 وبنسبة 3,2 بالمائة في مجمل العام الماضي أي الانكماش الأكثر خطورة منذ 1975، بحسب معطيات نهائية نشرت أول أمس. وهي أرقام تعكس انهياراً في الصادرات وتراجعا متزايداً في القدرة الاستهلاكية للأسر. وأقرت حكومة يمين الوسط والمفوضية الأوروبية بان هذا العلاج التقشفي غير المسبوق كان له انعكاس اكبر من المتوقع على الاقتصاد والبطالة التي بلغت رقما قياسياً من 16,9 بالمائة في نهاية 2012. ويتعين أن تنهي «ترويكا» الاتحاد الأوروبي وصندوق النقد الدولي والبنك المركزي الأوروبي، التي تمثل الجهات الدائنة للبرتغال الخاضعة لبرنامج مساعدة مالية، في الأيام المقبلة دراسة فصلية لخطة النهوض المالي في هذا البلد. وستقترح المفوضية الأوروبية على قادة الاتحاد الأوروبي منحها سنة إضافية لتقليص العجز العام في الموازنة، كما اعلن رئيس المفوضية جوزيه مانويل بارسو السبت. ولدى وصوله إلى بروكسل، حذر وزير الخارجية الإسباني جوزيه مانويل غارسيا-ماغايو، من جهته من «تقشف مفرط لن يسهم في إخراجنا من الانكماش». وردا على سؤال عما إذا كان ينبغي منح إسبانيا المزيد من الوقت لجعل عجزها العام عند نسبة 3 بالمائة من إجمالي الناتج الداخلي في 2014، أجاب أن «منح تسهيلات لدول تقوم بواجباتها، يبدو لي فكرة صائبة». والخميس الماضي رفعت وكالة ستاندرد آند بورز العالمية للتصنيف الائتماني توقعاتها للبرتغال من سلبية إلى مستقرة مستشهدة كسبب برغبة الاتحاد الأوروبي في منح البلاد مزيداً من الوقد لسداد قروض إنقاذها. وأبقت الوكالة تصنيف المخاطر العام «بي بي» الذي منحته للبلاد مطلع العام الماضي وهو مستوى تتساوى فيه مع المجر ومقدونيا وقبل درجتين من مستوى الاستثمار. وجاء في بيان الوكالة الذي صدر الليلة الماضية إن التعديل جاء كنتيجة «للدعم المالي الأوروبي». وفي اليونان أيضاً، أشارت دوائر الإحصاء إلى أن إجمالي الناتج الداخلي تراجع بنسبة 5,7 بالمائة في الفصل الرابع من العام 2012 وفق الوتيرة السنوية. وتدل هذه الأرقام، في حال تأكدت، على تردي الوضع الاقتصادي، لكن 2012 تبقى السنة الخامسة على التوالي من الانكماش ومن غير المتوقع عودة النمو قبل 2014. وقالت وكالة الإحصاء اليونانية «إلستات» الخميس الماضي إن معدل البطالة في البلاد تراجع بشكل طفيف إلى 26,4 بالمائة في ديسمبر، إذ لا تزال البلاد تشهد ركوداً شديداً للعام السادس على التوالي. وأضافت الوكالة أنه تم تعديل معدل البطالة لشهر نوفمبر ليصل إلى مستوى مرتفع قياسي عند 27 بالمائة بعدما كان يبلغ في الأصل 26,6 بالمائة. وتزيد البطالة في اليونان حاليا بأكثر من ضعف المتوسط داخل منطقة اليورو والبالغ 11,7 بالمائة مع وجود نحو 1,321 مليون عاطل. ويبلغ عدد العاملين 3,7 مليون شخص فقط في اليونان البالغ عدد سكانها نحو 11 مليونا. وتطبق اليونان إجراءات تقشف لا تحظى بشعبية ويطالب بها الدائنون الدوليون في مقابل تقديم قروض إنقاذ. وفي قبرص، أشارت تقديرات رسمية نشرت الخميس إلى أن اقتصاد قبرص التي تتفاوض على خطة إنقاذ أوروبية، سجل تراجعا في إجمالي الناتج الداخلي بنسبة 1,7٪ في الفصل الأخير من العام 2012 مقارنة بالفصل الذي سبقه. وكان الفصل الثالث 2012 سجل قفزة في قطاع السياحة، وهو القطاع الوحيد المزدهر في اقتصاد واهن. ورفض وزير المالية القبرصي ميكاليس ساريس، الخميس الماضي إمكانية تحمل خسائر على الودائع المصرفية في الوقت الذي بدأ فيه ممثلو جهات الإقراض الدولية جولة جديدة من المفاوضات لوضع اللمسات الأخيرة على حزمة إنقاذ للجزيرة بنهاية الشهر الجاري. وتركز المفاوضات بين ساريس وممثلي المفوضية الأوروبية والبنك المركزي الأوروبي وصندوق النقد الدولي سبل تحديث الدولة وخصخصة الشركات العامة. وتردد أن الحكومة القبرصية تستبعد إجبار مساهمي البنوك القبرصية أو المودعين على المشاركة في تحمل تكلفة حزمة الإنقاذ. وتعيق حزمة الإنقاذ التي تقدر قيمتها بنحو 17 مليار يورو (22 مليار دولار) اتهامات ترددها ألمانيا بأن قبرص ملاذ آمن لعمليات غسيل الأموال والتهرب الضريبي. ويعادل هذا المبلغ الناتج الاقتصادي السنوي للبلاد، وهو ما جعل الكثيرين يتساءلون عما إذا كانت ستستطيع سداده. وتستهدف الحزمة إنقاذ البنوك القبرصية التي تتحمل خسائر هائلة بسبب استثمارات في سندات يونانية عديمة الأداء. وتعهد أناستاسياديس بالعمل من أجل التوصل لاتفاق سريع للمساهمة في تنشيط بنوك الجزيرة التي تحتاج ضخ رأسمال بقيمة تتراوح بين 8 و10 مليارات يورو. من جانب آخر، ذكرت المفوضية الأوروبية أنها تحقق في مدى توافق المساعدات الحكومية التي قدمتها قبرص لشركة الطيران القبرصية «سايبرس ايروايز « مع قواعد المفوضية المنظمة للدعم الحكومي للشركات المتعثرة.