شن اللواء المتقاعد في الجيش الليبي خليفة حفتر، هجوماً حاسماً لطرد المقاتلين الإسلاميين من بنغازي (شرق)، وأعلن أنه سيتنحى عن القيادة لمصلحة ضابط آخر، فور تحرير المدينة، مبدياً ثقته بأن ذلك سيتم في غضون ساعات. ويأتي الإعلان عن الهجوم بعد ستة أشهر من إطلاق حفتر عملية الكرامة ضد المجموعات الإسلامية المسلحة التي وصفها ب»الإرهابية». وسجل تراشق بمختلف أنواع الأسلحة وسمع دوي انفجارات تخللته غارات جوية للطيران استهدفت مواقع «مجلس شورى الثوار» في بنغازي ومحيط مطارها. وأكد شهود أن دبابات الجيش هاجمت مقر «كتيبة 17 فبراير» الإسلامية في بنغازي، في حين شنت مقاتلات غارات على مقر الكتيبة الواقع في غرب المدينة. أتى ذلك غداة قول حفتر في بيان بثته قنوات ليبية موالية له، إن «تحرير مدينة بنغازي واستقرارها هي المرحلة الاستراتيجية الأهم في معركة الجيش ضد الإرهاب لأنها ستفتح الباب أمام تحرير كافة ربوع الوطن من الإرهابيين العابثين باستقراره وأمنه ووحدته». وأكد حفتر أن «الساعات والأيام المقبلة ستكون صعبة على الليبيين، لكن لا بد من ذلك لكي نعيد الأمن والأمان». وللمرة الأولى، أكد حفتر أنه «سيعلن انتهاء خدمته العسكرية عقب خوضه معركة تحرير بنغازي» بعد أن كان يعتمد الغموض حول نواياه الحقيقة. إلا أنه لم يوضح إذا كان يسعى إلى دخول المعترك السياسي. في المقابل، وصف «مجلس شورى ثوار بنغازي» دعوات حفتر شباب بنغازي إلى المشاركة في انتفاضة ضد الإسلاميين، ب»محاولات اليائسة لإنقاذ أتباع ما يُعرف بعملية الكرامة على جبهات القتال». وأوضح المجلس في بيان أن القوات التابعة لعملية «الكرامة»، «تلتقط أنفاسها الأخيرة»، مؤكداً أن «مسألة سيطرة مجلس الثوار على كامل منطقة بنينا جنوببنغازي ستُحسم خلال ساعات». وحذر المجلس أنصار حفتر بأنه «سيتعامل مع أي حراك يعبث بأمن المدينة أو يحاول أذية المُواطنين وانتهاك حرماتهم ومصالحهم، مُعتبراً هذا امتداد للعمليات العسكرية التي يخوضها في جبهات القتال». ودعا أهالي بنغازي إلى الحرص على أمن مدينتهم، مُحذراً من الانجرار وراء ما وصفها بالإشاعات، داعياً إلى «الاستفادة من التجارب السابقة». أتى ذلك بعد مقتل سبعة جنود تابعين لقوات حفتر بانفجار سيارة مفخخة قرب المطار، كما أكد الناطق باسم عملية «الكرامة»، مجدداً دعوة الشبان في بنغازي إلى «ضمان أمن أحيائهم وعدم السماح للإسلاميين بدخولها». ترافق ذلك مع اندلاع اشتباكات مسلحة منذ صباح امس، في منطقة الليثي المؤدية إلى المطار أسفرت عن سقوط قتيل. وأتى ذلك بعد توجه مجموعة من شباب مناطق شبنة والليثي وبوهديمة إلى مفترق المساكن حيث تمركزوا هناك، ما تسبب في حدوث اشتباك بينهم وبين قوات تابعة ل«أنصار الشريعة» موجودة في المنطقة. وشهد عدد من مناطق بنغازي تجمعات مسلحة للشباب الذين أغلقوا بعض الشوارع بسواتر ترابية تحسباً لأي طارئ قد يحدث بعد إطلاق دعوات للتظاهر المسلح. وعبرت الحكومة الليبية برئاسة عبدالله الثني عن رضاها بشكل غير مباشر عن الانتفاضة ضد الإسلاميين، داعية إلى الابتعاد عن أعمال الثأر والانتقام والنعرات القبلية أو الجهوية، و»عدم التعدي على من سلم نفسه طوعاً ومن دون مقاومة». وناشدت الحكومة المؤسسات الإنسانية والهلال الأحمر ومنظمات الإغاثة تكثيف انتشارها في بنغازي لمواجهة احتمال وقوع إصابات. وورد في بيان أصدرته الحكومة أنها «تنظر بكل تقدير واحترام لكل فكر أو عمل فردي أو جماعي يعبر عن نبذه للإرهاب والتطرف ويتصدى له، شرط أن يكون في إطار شرعية الدولة وفي حدود القانون». في غضون ذلك، استهدف مسلحون إسلاميون مطار الأبرق الدولي (18 كلم شرق مدينة البيضاء)، بصواريخ غراد لم تسفر عن أضرار بشرية. وأكد مصدر أمني في المطار أن 9 صواريخ غراد استهدفته من جهة مدينة درنة وضواحيها والتي تسيطر عليها «أنصار الشريعة»، لافتًا إلى أن الصواريخ سقطت في مزارع مواطنين بالقرب من المطار من دون وقوع خسائر بشرية أو مادية. وكان مطار الأبرق الدولي تعرض السبت الماضي، لقصف أسفر عن أضرار مادية. متهم ليبي على صعيد آخر، أعلنت محكمة اميركية الثلثاء سلسلة اتهامات جديدة بحق أحمد أبو ختالة وهو ليبي تتهمه الولاياتالمتحدة بانه المسؤول عن الهجوم على القنصلية الليبية في بنغازي عام 2012 وأن حكماً بالإعدام قد يصدر بحقه. وفي حزيران (يونيو) الماضي، دفع أبو ختالة المعتقل في الولاياتالمتحدة ببراءته حيال «تقديم دعم مادي لإرهابيين» خلال الاعتداء الذي استهدف في 11 أيلول (سبتمبر) 2012 القنصلية الأميركية في بنغازي وأسفر عن سقوط أربعة قتلى بينهم السفير الأميركي في ليبيا كريس ستيفنز. والثلثاء، أضافت محكمة في واشنطن 17 تهمة جديدة بحق أبو ختالة لضلوعه المفترض في شكل مباشر في مقتل أربعة أميركيين، بحسب ما أعلنت وزارة العدل الأميركية. وفي حال ثبتت التهم الموجهة إليه فقد يصدر حكم بالإعدام بحقه. وقال وزير العدل اريك هولدر في بيان إن «هذه الاتهامات الجديدة تعكس الدور الرئيسي لأحمد أبو ختالة في الهجوم على المجمع الأميركي في بنغازي والذي أدى إلى مقتل أربعة أميركيين شجعان». وأضاف: «لن نتوانى عن ملاحقة جميع الذين ارتكبوا أعمالاً إرهابية شنيعة ضد الولاياتالمتحدة». وكانت قوة أميركية خاصة قد اعتقلت أحمد أبو ختالة في ليبيا في حزيران (يونيو) الماضي، ثم نقل إلى الولاياتالمتحدة.