قبل أيام من إكماله السنة الأولى من رئاسته فرنسا، لم ينجح فرنسوا هولاند في مواجهة الأزمة المالية، مع تراجع قياسي في شعبيته، كما يواجه انتقادات من معسكره تحضه على تغيير نهجه الاقتصادي. وكان هولاند هزم نيكولا ساركوزي في 6 أيار (مايو) 2012، ليصبح أول رئيس يساري لفرنسا منذ فرنسوا ميتران. لكن البلاد على شفير انكماش اقتصادي، إذ تُسجّل نسبة البطالة التي بلغت 11 في المئة في آذار (مارس) الماضي، ارتفاعاً متواصلاً، كما أن النمو القريب من صفر، دفع إلى تأجيل مهلة محددة لتحقيق هدف خفض العجز في الموازنة إلى 3 في المئة من إجمالي الناتج الداخلي منذ العام 2013. ويمكن لهولاند التأكيد أن معظم الالتزامات التي قطعها، باتت على السكة، لكن خبراء اقتصاديين يستبعدون نتائج ضخمة، بسبب السياسات المعتمدة، مثل الليونة في سوق العمل والتخفيضات الضريبية للشركات، من اجل تشجيع التنافس والتوظيف وتأمين وظائف للشباب غير المؤهلين. أما بالنسبة لوعد النهوض بالقطاع الصناعي، فإن موظفي شركة «ارسولور ميتال» للتعدين نددوا ب «خيانة» هولاند، بعد إغلاق مصانع الشركة في فلورانج شرق البلاد، إذ أوهم وزير النهوض الإنتاجي آرنو مونتبور العمال بإمكان تأميم المصنع، قبل أن يناقضه رئيس الوزراء جان مارك آيرولت. ويبدو هولاند وكأنه يدير البلاد من دون هدف محدد ولا سلطة فعلية، ويتراجع على كل الصعد، بعد فشل وعده الانتخابي الأساسي، بفرض ضريبة نسبتها 75 في المئة على الرواتب التي تزيد عن مليون يورو، إذ نقضه المجلس الدستوري. وتصف وسائل إعلام هولاند بأنه «ضعيف»، كما يُنظر إليه في الخارج بوصفه «اشتراكياً من الطراز القديم»، يفرض ضرائب على الأغنياء، فيما يسود استياء قسماً متزايداً من الغالبية النيابية الاشتراكية - البيئية، كلما تقرّ الحكومة زيادة في ضريبة القيمة المضافة، أو تخفيفاً في قوانين تسريح الموظفين. ويبدي حوالى 75 في المئة من الفرنسيين «استياءهم» من هولاند الذي أصبح الرئيس الأدنى شعبية بعد سنة على توليه الرئاسة، على رغم اتخاذه قراراً في غضون ساعات، بالتدخل عسكرياً في مالي، أو خوضه اختبار قوة مع النواب حول كشف ثرواتهم، بعد فضيحة حول حساب مصرفي سري فتحه وزير الموازنة السابق جيروم كاهوزاك في الخارج. وبعدما بقي يتذرع ب»الأزمة الاستثنائية» في أوروبا والإرث «الفادح» الذي تركه له اليمين، بات هولاند يقرّ بأن الفرنسيين «يحكمون على الرئيس، لا على سلفه». لكن جميع محاوري الرئيس الفرنسي يرون فيه قدراً مدهشاً من الهدوء والصفاء، فيما يقول: «حددت لنفسي خطاً، وهو ألا أتأثر بأي شيء إطلاقاً وأن أتابع طريقي» في السنوات الأربع المقبلة من ولايته. إلى ذلك، شارك آلاف من أنصار حزب «الجبهة الوطنية» اليميني المتطرف في مسيرة في باريس، تصدرتها زعيمة الحزب مارين لوبن، وهتفوا ل «رحيل» هولاند. وقالت لوبن إن فرنسا «تنزلق في سياسة تقشف عبثية لا نهاية لها»، معتبرة أن مواطنيها «يدركون أن لا شيء تغيّر» منذ انتخاب هولاند. ورأت أن بلادها أصبحت «حبيسة ظلمات أوروبا».