شكلت استقالة وزير الخزانة الفرنسي جيروم كاهوزاك من منصبه إثر إحالته الى القضاء بتهمة التهرب الضريبي، ضربة مؤلمة للرئيس فرنسوا هولاند وسط سلسلة العثرات التي يواجهها في إطار التعامل مع الأزمة الاقتصادية، ما ارتد سلباً على شعبيته بعد اقل من عام على توليه منصبه. فهذه الاستقالة لا تجرد الفريق الحكومي الاشتراكي من أحد أبرز وزرائه وأكثرهم كفاءة فحسب، بل تعزز أيضاً الإحباط السائد في الوسط الحكومي الفرنسي الذي يعتبر أنه يجهد للنهوض بالوضع الاقتصادي من خلال مجموعة من الخطط والإجراءات غير المقنعة وغير المستحبة من قبل الرأي العام الذي يبدي عدم تأييده لهولاند بنسبة تفوق ال 60 في المئة. وتلقي هذه الاستقالة بظلالها حول صدق شعار «الجمهورية النموذجية» الذي رفعه هولاند خلال حملته الانتخابية، خصوصاً وأن كاهوزاك كان مكلفاً باقتراح الإجراءات المتوجب اعتمادها لمعالجة عجز الموازنة، ومن ضمنها مكافحة التهرب الضريبي الذي يشتبه في أنه لجأ إليه. وكانت وتيرة هذه القضية، التي شكلت محور تحقيقات تمهيدية، تسارعت يوم الثلثاء الماضي بعدما قرر ت النيابة العامة الباريسية التحقيق رسمياً في المعلومات التي أوردها موقع «ميديابارت» الفرنسي الإلكتروني، ومفادها أن كاهوزاك كان يملك حساباً سريا لدى مصرف «يو بي أس» السويسري عام 2000. وأفادت تقارير الخبراء أن الحديث الهاتفي المسجل الذي وضعه «ميديابارت» بتصرف القضاء، ويُسمع فيه صوت رجل يقول فيه إنه منزعج من كونه يملك حساباً في المصرف السويسري، وإنه من الأفضل نقله إلى مصرف آخر في آسيا، تسمح بالتأكد بنسبة 60 في المئة من أن المتحدث هو كاهوزاك. وعلى رغم نفيه المستمر وتأكيده على مدى شهرين أن الصوت المسجل ليس صوته، وأنه لا يملك أي حساب مصرفي في الخارج، فإن كاهوزاك اضطر إلى الاستقالة والتفرغ لمواجهة القضاء. وفيما بات مصير كاهوزاك ومستقبله السياسي رهناً بما سيتوصل إليه القضاء من استنتاجات، فإن الوضع العام في فرنسا بات يتسم بعدم الثقة بين المواطنين والسلطة. وسواء توصل القضاء الى تبرئة كاهوزاك أو إلى إدانته، فإن هذا لا يلغي الشعور السائد لدى غالبية الفرنسيين بأن الفريق الحكومي الذي يتولى شؤونهم غير متجانس وغير متناسق كما لو أن هناك فراغاً على رأس الحكومة ورأس السلطة. والانطباع السائد عن رئيس الحكومة جان مارك إيرولت هو أنه شخصية باهتة ولا تزن كما ينبغي على الساحة العامة، في حين أن الانطباع السائد عن هولاند هو أنه مضطر للتوفيق بين وعوده الانتخابية والتعامل في الوقت نفسه مع واقع هو غير قادر على السيطرة عليه. ويتلخص هذا الواقع ببطالة متصاعدة وجمود اقتصادي ومواقف وزارية متباينة، أضيفت اليها استقالة وزير الخزانة بتهمة مهينة لمن يتولى مثل هذا المنصب.