ربط رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي بين الأحداث في العراق والحرب في سورية، وقال إن «الطائفية» لا تحتاج إلى إجازة للعبور من بلد إلى آخر». وفيما ألقت عملية قتل مجموعة من الجنود العراقيين في الأنبار خلال مغادرتهم في إجازة ظلها على الأزمة بين الحكومة والعشائر، وأثارت مخاوف من تكرار حادثة الحويجة، زاد انتشار «البشمركة» الكردية في محيط كركوك حدة الخلاف بين بغداد وأربيل، واعتبر الجيش العراقي انتشارها «تطوراً خطيراً» هدفه «عزل الفرقة الثانية عشرة والوصول إلى آبار النفط». وقال المالكي مخاطباً «المؤتمر الإسلامي الدولي للحوار» الذي عقد في بغداد أمس، إن الطائفية «عادت إلى العراق، وما عودتها إلا لأنها اشتعلت في منطقة أخرى في الإقليم»، في إشارة إلى سورية. وعلى رغم إعلان شيوخ عشائر الأنبار براءتهم من منفذي عملية قتل 11 جندياً قرب ساحة الاعتصام في الأنبار، ورصد رئيس «صحوة العراق» أحمد أبو ريشة مكافأة لمن يعثر على المنفذين، فإن الأزمة استمرت في التصاعد. وكان رجل الدين السني الداعم للتظاهرات عبد الملك السعدي اصدر امس بيانين، بارك في أحدهما تشكيل «جيوش العشائر»، وحضها على أن يكون هدفها «الدفاع عن النفس»، متهماً «المالكي وأعوانه الجناة السفاكين» بتعميق الطائفية، ووعدهم ب «قصاص قريب»، والآخر حرّم فيه «الاعتداء على عناصر الجيش والقوى الأمنية غير الهجوميين». لكن قائد عمليات الأنبار الفريق مرضي المحلاوي، هدد باستخدام «كل الخيارات للقبض على قاتلي الجنود، وفي حال عدم تسليمهم سيكون لكل حادث حديث»، في إشارة إلى احتمال اقتحام ساحة الاعتصام في الأنبار، في سيناريو قد يعيد مجزرة بلدة «الحويجة» التي أطلقت غضباً عارماً. أما العشائر السنية، فقررت تشكيل «جيوش» لحماية مناطق التظاهر، واستمرت في حشد المتطوعين وتأمين الأسلحة، خصوصاً في الأنبار، تحسباً لاقتحامها. وأكد أبو ريشة خلال مؤتمر صحافي امس، أن «قتلة الجنود لا ينتمون إلى ساحة الأنبار»، وجدد استعداد العشائر للدفاع عن النفس. وتؤكد المعطيات على الأرض في المدن السنية، أن هناك انقساماً بين طرفين من المعتصمين وشيوخ العشائر ورجال الدين، طرف يؤكد التزام تعليمات الشيخ السعدي الذي حرم ارتداء «اللثام» في ساحات الاعتصام، واستخدام القوة للدفاع عن النفس في مواجهة القوات المسلحة. وطرف آخر يسعى إلى االتصدي للجيش، وفتح باب الصراع على مصراعيه. وتؤكد مصادر «الحياة» أن الاطراف التي تستعجل المواجهة تعتقد بأن التهدئة بناء على تسوية سياسية للأزمة، ستمكن الحكومة من الاقتصاص لاحقاً من المسلحين وشيوخ العشائر ورجال الدين السنة، كما فعلت بعد نهاية الحرب الأهلية مع قادة تنظيمات «الصحوة» والمجموعات المسلحة، فالأزمة قطعت الطريق أمام هؤلاء الذين لا يثقون بوعود أو عهود تقدمت بها الحكومة والأحزاب والكتل المشتركة في العملية السياسية مقابل «ثورة العشائر». وتنقل هذه المصادر، وهي من داخل ساحات الاعتصام، أن شيوخ عشائر ورجال دين آخرين يتهمون الساعين الى المواجهة بأنهم يريدون «فصل المنطقة السنية من العراق بالكامل وفتحها على الصراع الدائر في سورية، وأن هدف التظاهرات الأساسي هو رد حقوق أهل السنة لا عزلهم عن العراق ببحور من الدم». وعلمت «الحياة» أن حشوداً عسكرية كبيرة نقلت ليل أول من امس من بغداد وجنوبها إلى حدود الأنبار، على بعد كيلومترات من ساحة اعتصام الفلوجة. إلى ذلك، قال قائد القوات البرية في الجيش الفريق الركن علي مجيد غيدان: «تأكد لدينا دخول البشمركة عبر ثلاثة اتجاهات (...) في القسم الجنوبي لكركوك». وأضاف: «هذه مناطق نفوذ الفرقة الثانية عشرة، وبتحركهم (الأكراد) يعزلونها عن كركوك ويريدون الوصول إلى آبار وحقول النفط لجعل الفرقة خلفهم، وهو تطور خطير». وأشار إلى أن «وزارة الدفاع لديها اتفاق مع وزارة البشمركة على نشر نقاط تفتيش مشتركة في كركوك وديالى والموصل منذ عامين (...) والذي حصل اليوم يمثل خرقاً للاتفاق، وهذا سيولد نتائج وأحداثاً كثيرة».