قرر الاتحاد الأوروبي امس رفع الحظر على استيراد النفط من المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة في شمال سورية وشمال شرقها، في صيغة شبيهة ل»النفط مقابل الغذاء» في العراق خلال عقد التسعينات الماضي. في وقت، جددت موسكو تحذيرها الاتحاد الأوروبي من رفع حظر السلاح، وتأكيد إيران أن «افضل خيار» هو استمرار الرئيس بشار الأسد في منصبه حتى صيف 2014. وتحدث المبعوث المشترك الأخضر الإبراهيمي الذي اعتذر للشعب السوري، عن وجود 40 ألف مقاتل اجنبي في سورية. واختتم وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي اجتماعهم أمس بالاتفاق على رفع حظر تصدير النفط السوري من المناطق التي تسيطر عليها المعارضة من أجل المساعدة في تخفيف معاناة المدنيين، بعد فرضه منذ العام 2011. وقال وزير الخارجية الألماني غيدو فيسترفيلي «أن القرار يهدف إلى تمكين المعارضة من الحصول على موارد مالية ستستخدم لتغطية الحاجات الأساسية للسكان المدنيين». وقال وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ لدى وصوله لحضور اجتماع لوكمسبورغ «من الضروري أن نبعث رسالة بأننا مستعدون للمساعدة بطرق أخرى بكل السبل الممكنة بما فيها السبل التي تضيف إلى التمويل» للمعارضة. وقالت مصادر مطلعة ل»الحياة» إن اكثر من 70 من آبار النفط السورية تقع تحت سيطرة مقاتلي المعارضة وقوات «الاتحاد الديموقراطي الكردي» الذي بدأ يبتعد أخيراً عن النظام. كما تقع بعض الحقول تحت سيطرة «جبهة النصرة» في شمال شرقي البلاد، علماً أن إجمالي إنتاج سورية انخفض في السنوات الأخيرة من 470 إلى 330 ألف برميل يومياً. وقال سفير عربي ل»الحياة» عن القرار الأوروبي «إذا استمرت الحرب في سورية فإن قرار الاتحاد سيقود إلى صيغة شبيهة بقرار النفط مقابل الغذاء الذي طُبق في العراق على مدى 23 عاماً». ويأتي هذا القرار قبل نحو شهر من مناقشات ستتناول موضوع الحظر الأوروبي على تصدير السلاح إلى سورية. وقالت مصادر ديبلوماسية غربية ل»الحياة» إن إحدى الصيغ المطروحة لتجاوز الانقسام بين كل من بريطانيا وفرنسا الداعمتين لرفع الحظر من جهة وألمانيا والسويد المعارضتين له هو اتخاذ قرار جماعي برفع سلة العقوبات كاملة التي فرضت منذ سنتين، بحيث يكون لكل دولة قرار سيادي بتصدير سلاح للمعارضة. وأشارت المصادر إلى أن خبراء قانونيين يعكفون على إيجاد صيغ قانونية تعرض على حكومات بلادهم. غير أن وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف قال في مؤتمر صحافي عقب محادثات مع نظيره الغينيي في موسكو إن الحظر الأوروبي لم يكن ضرورياً من البداية لأن مثل هذه الإمدادات محظورة بموجب القانون الدولي، وإنه إذا رفع الحظر «فإن الالتزامات الدولية لدول الاتحاد الأوروبي التي تحرم إمدادات الأسلحة والذخيرة للجهات غير الحكومية لن تتحقق»، علماً أن لافروف سيلتقي وزراء أوروبيين ونظيره الأميركي جون كيري على هامش اجتماع لحلف شمال الأطلسي (ناتو) وروسيا في بروكسل اليوم. وقال رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في مجلس الشورى الإيراني علاء الدين بروجردي في مؤتمر صحافي في دمشق إن «افضل خيار» هو استمرار الأسد في منصبه حتى صيف 2014، بحيث تجرى بعدها «انتخابات حرة ليقول الشعب السوري كلمته في تقرير مصير الأسد». إلى ذلك، كلف «الائتلاف الوطني السوري» الذي بدأ يبحث عن رئيس، رئيس «المجلس الوطني» جورج صبرا مهمات رئاسة «الائتلاف» خلفاً لمعاذ الخطيب الذي جدد تقديم استقالته بعد اجتماع «أصدقاء سورية» في إسطنبول مساء أول امس، ذلك بموجب النظام الداخلي ونص على انه «يتمتع نواب الرئيس بصلاحيات الرئيس في حال غيابه أو خلوّ منصبه». وقالت مصادر المعارضة إن الهيئة السياسية ل»الائتلاف» ستجتمع بحضور أعضائها ال11 في إسطنبول الجمعة والسبت المقبلين، علماً أن ولاية رئيس «الائتلاف» تنتهي في 10 أيار (مايو) المقبل، مع توقع حصول اجتماع الهيئة العامة قبل ذلك في القاهرة، للبحث في قضايا عدة بينها العلاقة مع الحكومة الموقتة. وأشارت المصادر إلى بروز دور الأمين العام ل»الائتلاف» مصطفى صباغ الذي كان منافساً للخطيب، إذ بدأ (صباغ) بتوجيه دعوات لحضور الاجتماعات المقبلة. وشن رئيس»المجلس الوطني» السابق برهان غليون هجوماً لاذعاً على طريقة استقالة الخطيب، قائلاً إنه «أضعف المعارضة والثورة» وتصرف كأنه «موظف» لدى الحلفاء. ميدانياً، دارت فجر امس اشتباكات بين «الجيش الحر» والجيش النظامي في محيط مطار منغ الذي تحاصره المعارضة منذ فترة طويلة. وقالت مصادر المعارضة إن مقاتليها تمكنوا من اقتحام كتيبة العلقمية التي تحميه وقتلوا رئيسها وسيطروا على مخزن ذخائر ومعدات عسكرية. ولفتت مصادر إلى أن اشتباكات حصلت امس بين «الجيش الحر» ووحدات الحماية الشعبية التابعة ل «الاتحاد الديموقراطي الكردي» من جهة وقوات النظام وموالين لها من الشيعة من بلدتي نبل والزهراء في ريف حلب. وفي نيويورك علمت «الحياة» أن الممثل الخاص المشترك إلى سورية الأخضر الإبراهيمي قدم أمام مجلس الأمن اعتذاراً إلى الشعب السوري «لأنني فعلت القليل جداً لهم خلال الأشهر الثمانية الماضية». وخاطب الإبراهيمي المجلس في الجلسة المغلقة الجمعة الماضي معبراً عن «الأسف العميق لأن جهودي لم تثمر سوى القليل جداً» لأن «جهود وقف العنف وتحقيق السلم لم تنجح حتى الآن». وحمّل الإبراهيمي كل الأطراف داخل سورية وفي جامعة الدول العربية ومجلس الأمن مسؤولية عدم العمل على التوصل إلى عملية سياسية تؤدي إلى حل سلمي مشيراً إلى أن قرار جامعة الدول العربية الأخير في الدوحة «يعني أن مسار جنيف أهمل وأن عقد حوار أو مفاوضات أمر غير ممكن أو ضروري». وقال الإبراهيمي لمجلس الأمن إن «مقاتلين أجانب من عرب وغربيين يقاتلون إلى جانب كل من المعارضة والنظام في سورية» مشيراً إلى أن «مصادر موثوقاً بها قريبة من النظام السوري أبلغتني قبل 4 شهور أن عدد المقاتلين الأجانب (في صفوف المعارضة) كان بضع مئات وأن عديد مقاتلي جبهة النصرة يصل إلى قرابة 5 آلاف» أما اليوم، أضاف الإبراهيمي «فقد أبلغني مصدر آخر أن المقاتلين الأجانب وصلوا إلى نحو 40 ألفاً». وتحدث الإبراهيمي عن «مقاتلين أجانب يقاتلون إلى جانب الحكومة في سورية، وهو ما أكده الأمين العام لحزب الله ومتحدثون رسميون في إيران» مشيراً إلى تقديرات بأن «لحزب الله آلاف المقاتلين في سورية إضافة إلى مستشارين يساعدون النظام في إدارة ميليشيا أسمها جيش الشعب تعمل لدعم أو التعويض عن عصابات الشبيحة». وانتقد الإبراهيمي تحول النقاش في سورية ليتركز على نشاط «جبهة النصرة وتنظيم القاعدة» آملاً بأن «لا تغطي الشجرة الغابة» مشدداً على أن «الطريق لاستيعاب المتشددين وخفض تأثيرهم هو العمل بجد على إنهاء النزاع». وقال إن «النظام غير مستعد للإصغاء كما أن المعارضة غير موحدة حول قيادة متجانسة وبرنامج سياسي بناء، ومع ازدياد التدخل الإقليمي والدولي في سورية فإن المزيد من التصعيد أمر لا يمكن تجنبه». وأضاف أن «مطلب المعارضة بتنحي الأسد مشروع تماماً لكن تحقيق هذه الأهداف يتطلب عملية سياسية» مؤكداً ضرورة «تطوير مبادرة معاذ الخطيب بدلاً من تجاهلها». وعقد الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون أمس لقاءين ثلاثيين حول سورية أحدهما مع رئيس الوزراء القطري حمد بن جاسم والأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي، وآخر مع العربي والإبراهيمي.