روضت «نورة» قسوة تجربة العمى من نظرة إشفاق إلى أسلوب «حياة» في مضمار التجربة الجامعية بتحويلها إلى طريقة من طرق العيش، وكثيراً ما كانت تقف الحواجز أمامها، ابتداءً من مواقف المركبات الفوضوية، ومروراً بترتيب دهاليز القاعات الملتوية، لكثرة المداخل واختلافها، وانتهاءً بالأرضيات التي تكاد تكون أشبه بالحواف والتلال والمنحدرات التي تحرم «الكفيفة» من جمع نقاط الوصول إلى هدفها في التعليم. كل هذه الصعوبات التي حاصرت الطالبة «الكفيفة» أرضختها للاستسلام لخيار «المرافقة» المرّ الذي لا حلو لآخره، في تكرار مشهد معاناة، لتبحث «نورة» عنها عبر صفحات الإعلانات ومواقع التواصل الاجتماعي مصحوبة بعرض مغرٍ للقبول، قبل بدء أي فصل دراسي، معللة ذلك بعدم توافر الكتب المطبوعة بلغة «برايل» في مكتبات الجامعات وعدم توافر الأجهزة الإلكترونية المتطورة المساعدة للكفيفة على الكتابة والتي تعرف ب«الأسطر» أو «الأجندة الإلكترونية». وتكبر معاناة أسرة «نورة» في سرد والدها لمهمة البحث عن المرافقة والتي يتولاها في كل مرة للتواصل مع أسر الفتيات الراغبات في مرافقة ابنته، ويقول: «أدى اجتماع الكثير من الأسباب إلى استحداث ماعرف ب «المرافقة» التي باتت من الأعباء التي تثقل كاهل الكفيفة، وتعتبر ابنتي (27 عاماً) الطالبة في جامعة الملك سعود ضمن الكثيرات اللاتي يعانين من المشكلة نفسها في تحمل راتب «المرافقة» الذي يبدأ من 1200 إلى 2800 معتمداً على مدى الحاجة لها، ما يضطره إلى تجاوز عدم الانسجام والمضي ب «صبر» على وجود مرافق أو مرافقة قد تصحبها على مضض بهدف كسب العيش فقط». فيما يتلخص دور المرافقة ل «الكفيفة» في مساعدتها على التنقل في المبنى الجامعي غير الملائم وتحويل الكتب المطبوعة بالمبصر إلى طريقة «برايل» وهي الطريقة التي تستخدمها الكفيفات في القراءة والكتابة، وتشرح «نورة» سبب الحاجة للمرافقة وهو وجودها معها في قاعة المحاضرات حتى تعمل على تسجيل المُحاضِرة صوتياً ومن ثم تعمل على كتابتها على الحاسوب، ويتم إرسالها إلى مركز الطباعة وبعد الطباعة تستلم الطالبة محاضراتها على شكل أوراق منفصلة وتقوم بترتيبها ومن ثم إلى المكتبة وجمعها وتحويلها إلى لغة «برايل». وتستمر «نورة» وزميلاتها الكفيفات ومركز ذوي الاحتياجات الخاصة بالمطالبة بتوفير الأجهزة الخاصة بهن، إذ تعمل الجامعة على «إعارتها» فقط للطالبة تحت تهديد الإدارة أنه في حال عدم إعادتها فإن الطالبة لن تحصل على وثيقة التخرج بالمقابل. وما زال الأمل يطوّق «نورة» وزميلاتها في امتلاك هذه الأجهزة التي يصل سعرها إلى 28 ألف ريال على حدّ قولها، وتزيد «نورة»: «إن المسؤولين يجتهدون بالرفض، مخالفين بذلك أوامر خادم الحرمين الشريفين التي نصت على أنه من حق كل طالب «كفيف» امتلاك مثل هذا الجهاز، وقد ضاقت بهم الوعود التي أذهبت بهذه الأوامر في مهب الريح».