أكد أكاديميون ومتحدثون في ندوات «المؤتمر الدولي للتعليم العالي» المقام حالياً في الرياض أن الجامعات هي البيئة الخصبة لرفع مستوى التأهيل الاجتماعي للقاطنين في الحرم الجامعي، مؤكدين أنها المكان الأنسب لحقل التجارب الخاص بزيادة وعي المسؤولية الاجتماعية والتنمية المستدامة في أي مجتمع، كما طالبوا بإدراج المسؤولية الاجتماعية في هيكلة أغلب الجامعات. وقالت رئيسة جامعة ماليزيا الوطنية شريفة شهاب الدين خلال مشاركتها أمس، إنه في العصر الذي ينظر فيه إلى الجامعات بأنها مراكز لإنتاج المعرفة والحداثة والتكنولوجيا والعمالة الماهرة والأخلاق والقيم، فإنه يطول تهميش الأمور غير الملموسة كالمعتقدات والروحانيات والسعادة وتحمل الآخرين، لتكون مانعة للاحترام المتبادل. وأكدت شهاب الدين أنه لهذا السبب يبرز دور الجامعات في العمل على إشراك المجتمع بتوجيه موارده المباشرة نحو توفير الأبحاث والبرامج التعليمية التي تبتغي حماية الثقافة، مع الوفاء بالتزاماتها الاجتماعية تجاه أوطانها. وقالت: «المعرفة تؤتي ثمارها وتصبح ذات معنى وأهمية إذا اندمجت اندماجاً مباشراً في المجتمعات، مما يعود بالنفع على كل الأطراف». ودعت إلى إدراج المسؤولية الاجتماعية في هيكلة أغلب الجامعات من خلال منصب نائب رئيس الجامعة للشراكة المجتمعية، وأشارت إلى تأثير المشاركة المجتمعية في الجامعات، إذ تصبح المعرفة أكثر جدوى عند تبادلها، وتزيد جودة البرامج التعليمية وفاعليتها عند التواصل مع العالم الحقيقي من حولها، إضافة إلى أن المشاركة المجتمعية تقيم علاقة قوية بين الطلاب والمجتمع من حولهم. وأكدت أن من وسائل خدمة المجتمع منح الطلاب المتطوعين في برامج المشاركة الاجتماعية درجات أكاديمية، والتأسيس لمنح جوائز ثانوية للمشاركات الاجتماعية المميزة، وتأمين المنح البحثية التي تعالج المشكلات الوطنية والمحلية، فيما رأت المديرة الأكاديمية للمركز الأميركي اللاتيني ماريا تابيا أن الناس يعتقدون أن التفوق الأكاديمي هو سبب وجود الجامعات، ولكنها ترى أن سبب وجودها هو تقديم الخدمة لجميع الناس. وكان المؤتمر الدولي للتعليم العالي تواصل في ثاني أيامه أمس، واتخذ عنوان الدورة «المسؤولية الاجتماعية للجامعات» شعاراً له، كما ركزت الندوات الخمس التي عقدت في المعرض أمس، على المسؤولية الاجتماعية، وحملت الأولى عنوان: «تغيير الثقافة الأكاديمية من خلال التغييرات الاجتماعية»، وترأسها عميد وأستاذ كلية الفيزياء والعلوم التطبيقية في جامعة هارفارد بالولايات المتحدة الأميركية الدكتور إريك مازور، وتحدثت المديرة الأكاديمية للمركز الأميركي اللاتيني لخدمات التعلم في الأرجنتين الدكتورة ماريا نيفيز تابيا عن خدمة الجامعات الاجتماعية والتعلم، وأوضحت أن مشاركة الطلاب في خدمة المجتمع تجعلهم يدركون قضايا المجتمع المحيط بهم، وقدمت تعريفاً لتعلم الخدمات يتجاوز تقديم الخدمة من أجل المجتمع إلى تقديمها بالمشاركة معه، وأن المحتويات التعليمية ينبغي أن تكون مرتبطة بالأنشطة الخدمية، وضربت مثالاً لذلك مشاركة أطفال الحضانة في إعادة زراعة النباتات المهددة بالانقراض في حديقة وطنية سبق أن تعرّضت لحريق. من جهته، تحدث رئيس جامعة ماسترخت في هولندا الدكتور مارتن باول عن غرس القيم الاجتماعية تطبيقاً على منهج جامعة ماسترخت، وتناول مفهوم المواطن العالمي الذي يمتلك دراية بالعالم الواسع من حوله، ويحترم ويقدر التنوع الثقافي. وعرض مارتن رؤية الجامعة في ما يتعلق بالمشاركة العالمية والقيم الاجتماعية من خلال التعاون مع الجامعات الدولية ومعالجة المشكلات الدولية، والاعتماد في أبحاثها على التحديات المجتمعية، كما عرض نماذج لبعض المبادرات الطلابية التي تندرج في هذا الإطار، مثل مركز ماسترخت لحقوق الإنسان التابع لكلية الحقوق، مؤكداً أن المسؤولية الاجتماعية والمواطنة العالمية من القضايا الرئيسة في رسالة الجامعة. وأنهت الندوة الثالثة أعمالها بمشاركة رئيس جمعية البحوث التشاركية PRIA في الهند الدكتور راجيش تاندون، وتحدث عن «إطار المسؤولية الاجتماعية: ديموقراطية المعرفة»، مؤكداً أن التحدي الحقيقي الذي يواجه مؤسسات التعليم العالي هو ارتباطها بالمجتمع، وأن الهند تواجه ضغوطاً متزايدة لتفعيل هذا الارتباط. وذكر راجيش أهم أشكال المشاركة المجتمعية، وهي: التعلم مع المجتمع، وربط البحث العلمي بالمعرفة الاجتماعية، وتبادل المعرفة ونشرها، وتصميم المناهج الدراسية والدورات التدريبية بالمشاركة مع المجتمع، وتنفيذ مشاريع مبتكرة بالتشارك مع المجتمع.