أكد الرئيس المكلف تأليف الحكومة اللبنانية الجديدة تمام سلام أنه سيستمر في مهمته «ولن نتوقف حتى تحقيق مهمتنا الأساسية في إجراء الانتخابات النيابية»، لكنه قال إن تشكيل الحكومة يحتاج الى جهد كبير في إشارة منه الى الصعوبات التي تواجهه في هذا المجال. وإذ رأى سلام أن المرحلة حرجة، قالت مصادر مواكبة لاتصالات تشكيل الحكومة إنه ما زال على تفضيله قيام حكومة من غير المرشحين للانتخابات، تكون غير فضفاضة، ومؤلفة من أسماء لا تستفز أحداً، وغير محسوبة على فريق دون الآخر فلا تعتبر أنها ضد هذا أو ذاك، مقابل مطالبة قوى 8 آذار بحكومة سياسية ووحدة وطنية. وإذ استمرت عملية تسريب أسماء على أن سلام يفكر فيها، ظلت مصادره تؤكد عدم صحتها وتشدد على أن الهدف من التسريبات هو استدراجه للرد أو النفي أو التعليق، فيما هو لم يصل بعد الى هذه المرحلة وما زال يركز في اتصالاته على شكل الحكومة ومهمتها وعلى مقياس أن يكون الوزراء ممن لا ممارسة سياسية يومية لهم تجعلهم منغمسين في الخلافات الكثيرة في البلد، ولا شبهة عليهم من ناحية الفساد والصفقات والمحاصصات. وخرج سلام عن صمته ليتحدث بقليل من الكلام عن عملية التأليف أمس أمام وفد من نقابة محرري الصحافة اللبنانية، ونفى رداً على سؤال وجود فتورٍ بينه وبين رئيس البرلمان نبيه بري. وفي وقت قالت المصادر المواكبة لعملية التأليف إن سلام لم يصل بعد الى مرحلة وضع اللائحة القصيرة للأسماء التي يمكن أن يختار منها، وأن الأسماء التي جمعها الى الآن وفق المواصفات التي جمعها قد يصل عددها الى 170 اسماً، فإن أوساطه نفت كل ما يقال عن أنه وضع تشكيلة حكومية ليعرضها قريباً. واجتمع سلام مساء أمس مع رئيس الجمهورية ميشال سليمان للتداول معه في ما آلت إليه اتصالاته وما تجمع لديه ولدى سليمان من معطيات. وصرح سلام بعد الاجتماع بأنه تابع مع رئيس الجمهورية «ما نركز عليه في تأليف الحكومة، ولدى رئيس الجمهورية تجربة وخبرة كبيرة في هذا المجال، ومن الطبيعي أن نتشاور ونتداول، وأنا ما زلت مهتماً بهذا الأمر وأعطيه كل إمكاناتي وقدراتي، لأن موضوع تأليف الحكومة انطلاقاً من الإجماع الذي حصل في التكليف، وتأسيساً على الاستشارات الغنية بالتبادل مع الفرقاء كافة، لا بد من أن يصل الى نتائج. أنا لست مع التسرع ولا التأخير لأن البلد بحاجة الى حكومة والأجواء والمناخات السائدة اليوم من تفاؤل وارتياح يجب أن نحرص عليها ونعززها». ورداً على سؤال عما إذا كان ما زال مصراً على حكومة غير سياسية، قال: «سبق وقلت إننا أطفأنا الموتورات وربما استفدنا من هذا الأمر، ربما غيرنا لم يطفئ الموتورات ولكننا ما زلنا نطفئها ومتكتمين على ما أستطيع أن أنجزه ويرضي ضميري والناس». وأضاف: «كل ما يكون تحت سقف المصلحة الوطنية فيه خير للبلد». وفي هذا الوقت كرّس رئيس «تكتل التغيير والإصلاح» النيابي ميشال عون أمس ربط مسألة تشكيل الحكومة بالاتفاق على قانون الانتخاب بتساؤله: «لماذا استعجال تأليف الحكومة طالما أنهم يقولون إن مهمتها إجراء الانتخابات وهم يقولون بالاتفاق على قانون الانتخاب وبالتالي ليس هناك قانون انتخاب بعد. ليطولوا بالهم علينا». واعتبر عون أن صلاحيات رئيسَي الجمهورية والحكومة لا تعطيهما حق القول لهذا أن يترشح ولذاك ألا يترشح من الوزراء وفصل النيابة عن الوزارة غير قانوني. وسأل: ماذا تعني حكومة حيادية؟ وقام «التيار الوطني الحر» أمس بخطوة انفتاح على المملكة العربية السعودية بزيارة قام بها وزير الطاقة جبران باسيل للسفير السعودي علي بن عواض عسيري. وقال باسيل: «كل طرف داخلي أو خارجي يساهم في وحدة اللبنانيين عليهم ملاقاته في منتصف الطريق من أجل استقرار لبنان». أما السفير عسيري فأكد أن بلاده على «مسافة واحدة من جميع اللبنانيين»، وأمل بأن «ينعكس اللقاء على شخص الرئيس تمام سلام وعلى حكومة يتوافق عليها جميع اللبنانيين وبقانون انتخاب يتوافق عليه الجميع». وفي المقابل انتقدت كتلة «المستقبل» النيابية، بعد اجتماعها برئاسة رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة، «حملة الضغوط الإعلامية والسياسية التي يشنها بعض القوى السياسية على سلام لرسم خطوط حمر ووضع الاشتراطات التي قد تعطل الهدف الذي وضعه الرئيس المكلف لتأليف حكومة المصلحة الوطنية». ودعت الى دعمه لا تكبيل يديه بشروط تجعل عملية التأليف مستحيلة. وبموازاة ذلك قام الحزب التقدمي الاشتراكي باتصالاته حول عملية التأليف، عبر وزير الشؤون الاجتماعية وائل أبو فاعور، باتجاه الرئيس سليمان وقياديين من تيار «المستقبل»، وعبر وزير الأشغال غازي العريضي في التواصل مع «حزب الله» ورئيس البرلمان نبيه بري. وذكرت مصادر «الاشتراكي» أن لا مشكلة لديه مع أي شكل للحكومة لكن، على قاعدة التوافق بحيث لا يزداد الخلاف في عملية التأليف، لا سيما في ما يخص التمثيل الشيعي. وأشارت المصادر الى أن «الاشتراكي» لم يبلغ الرئيس سلام أي موقف من نوع اشتراط حكومة وحدة وطنية أو ما شابه، لكنه يدعو الى التريث والانفتاح وإبداء المرونة لكي تأتي الحكومة استيعابية.