لم يتأكد حتى الساعة ما إذا كان المعاونان السياسيان، لرئيس المجلس النيابي النائب في حركة «أمل» علي حسن خليل، وللأمين العام لحزب الله حسين خليل سيستأنفان نشاطهما بدءاً من اليوم، بحثاً عن المخارج لتبديد العقبات التي ما زالت تؤخر ولادة الحكومة اللبنانية العتيدة وتضع حداً للمراوحة التي ترزح تحت وطأتها الاتصالات التي اصطدمت بحائط مسدود، بسبب إصرار رئيس «تكتل التغيير والإصلاح» النيابي العماد ميشال عون على مطالبه وشروطه في الحقائب الوزارية والأسماء من ناحية، وانقلابه على ما يتفق عليه، وكان آخرها تنصله من التوافق على اسم العميد المتقاعد في قوى الأمن الداخلي مروان شربل كمرشح تسوية لوزارة الداخلية من جهة أخرى. وعلمت «الحياة» ان اللقاء الأخير الذي جمع الرئيس المكلّف تشكيل الحكومة الجديدة نجيب ميقاتي بوزير الطاقة في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل في حضور «الخليلين»، أعاد المفاوضات الى نقطة الصفر، على رغم ان الأخيرين أعدا له بإتقان، ليأتي بعد طول انقطاع بين ميقاتي و «التيار الوطني الحر» بثماره على صعيد ضرورة تخطي العقبات التي تعترض الإسراع في ولادة الحكومة. وفي هذا السياق أكدت مصادر مواكبة للاتصالات الجارية ل «الحياة» ان اللقاء الرباعي بدأ في أجواء إيجابية وأن باسيل جدد تمسكه بالتوافق على العميد شربل لوزارة الداخلية لكن سرعان ما عاد البحث الى نقطة الصفر بسبب تنصل باسيل من التفاهم على شربل كمرشح تسوية للداخلية. كيف تنصل باسيل من العميد شربل؟ وكشفت المصادر نفسها أن باسيل تحدث في بداية اللقاء بإيجابية عن العميد شربل ونصح ميقاتي بدعوته للاجتماع به والتعرف إليه، وأن الأخير أبلغ المجتمعين بأنه تواصل معه واتفقا على لقاء سيعقد قريباً. لكن الحضور فوجئ، كما قالت المصادر، لدى الانتقال الى تثبيت حصة رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان في الحكومة الجديدة، بموقف باسيل المعترض على تمثيله بوزيرين ماروني وأرثوذكسي بذريعة انه لا يحق له ان يتمثل بوزير ماروني آخر باعتبار أن شربل من حصته في الداخلية. وأكدت المصادر عينها أن موقف باسيل قوبل باستياء من الحضور وبردود فعل غاضبة عبّر عنها النائب خليل بدعوته وزير الطاقة الى الكف عن «الدلع». وقالت إن النائب خليل سأل باسيل عن الأسباب الكامنة وراء انقلابه على موقفه لجهة التعامل مع العميد شربل على انه مرشح تسوية، والتصرف على ان توزيره من حصة رئيس الجمهورية خصوصاً أن موقفه جاء متعارضاً مع كل ما قاله في مستهل اللقاء بخصوص التوافق على شربل. مشيرة في الوقت نفسه الى ان حسين خليل لم يتبنَّ وجهة نظر حليفه وزير الطاقة فحسب وإنما أبدى عدم ارتياحه من التحول الذي طرأ على موقفه من المرشح للداخلية بين لحظة وأخرى. وأشارت المصادر أيضاً الى ان باسيل أصر على تمثيل «التيار الوطني» وحليفيه تيار «المردة» وحزب الطاشناق ب 9 حقائب وزارية ووزير دولة أي بزيادة حقيبة واحدة وهذا ما يخالف الاتفاق الذي تم تكريسه في الاتصالات السابقة قبل أن تعلق على خلفية الاختلاف على اسم وزير الداخلية. عون يصر على الشؤون الاجتماعية ورأت أن باسيل لم يكتفِ بنقض الاتفاق في شأن عدد الحقائب الوزارية وإنما تمسك بأن تسند حقيبة الشؤون الاجتماعية الى وزير من «تكتل التغيير» على رغم انه كان على علم مسبق بأن هذه الحقيبة بالذات ستكون من حصة جبهة النضال الوطني بزعامة رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط. وقيل في الاجتماع الرباعي وفق المصادر عينها إن حزب الله لما لديه من موقع «متميز» لدى جنبلاط هو الأقدر على إقناعه بالتخلي عن الشؤون الاجتماعية والاستعاضة عنها بوزارة العمل. إلا أن ميقاتي أصر على أن يصار الى تثبيت الشؤون الاجتماعية لوزير من جبهة النضال مؤكداً أنه أنجز اتفاقه مع جنبلاط في غضون دقائق بينما لم يتوصل الى اتفاق مع «التيار الوطني» على رغم انقضاء أكثر من ثلاثة أشهر على المفاوضات. ومع أن ميقاتي لم يبد حماسة لتخلي جنبلاط عن الشؤون الاجتماعية، فإن حزب الله دخل على خط الوساطة وأدخل مسؤول الارتباط والتنسيق في الحزب وفيق صفا لإقناع رئيس «التقدمي» القبول بوزارة العمل كبديل عن الشؤون الاجتماعية، إلا أن الأخير لم يوافق على الاقتراح... كما ان إصرار باسيل على أن يحسب العميد شربل من حصة رئيس الجمهورية أدى الى تجميد المفاوضات، وهناك من يفسر تراجع عون عن التوافق عليه في الداخلية بأن رئيس «تكتل التغيير» يتخوف من أن يكون سليمان يفكر في توزير نعمة افرام، وانه يريد أن يقطع الطريق عليه من الآن، لحسابات انتخابية مردها الى ما بدأ يتردد في كسروان من أنه سيكون على رأس اللائحة في الانتخابات النيابية عام 2013، المناوئة للائحة المدعومة من «التيار الوطني». ناهيك بأن «التيار الوطني» يرفض أن يأخذ باقتراح ميقاتي الرامي الى مبادرة عون الى اختيار حقائب وزارية وترشيح أكثر من شخص للحقيبة الواحدة ليترك له ولرئيس الجمهورية حرية الاختيار بما ينسجم مع حقهما الدستوري. إلا ان عون ومن خلال باسيل أصر على موقفه سواء لجهة اختيار الحقائب أو لتسمية الوزراء ما يعني انه يفرض على رئيسي الجمهورية والحكومة التقيد باللائحة التي يسلمها لميقاتي وهذا ما يتناقض مع الدستور وصلاحيات رئيس الحكومة. تعثر المفاوضات لذلك، فإن المفاوضات في شأن تأليف الحكومة مجمدة لا سيما ان اجتماع ميقاتي ب «الخليلين» في مطلع الأسبوع الفائت لم يحمل أي جديد بسبب عدم قدرتهما على إقناع عون بضرورة التعامل بمرونة وانفتاح لإخراج عملية التأليف من النفق المسدود. وهذا ما يؤكد كما تقول المصادر وجهة نظر جنبلاط من أن الأكثرية أثبتت عجزها عن تأليف الحكومة. أي برنامج سياسي للأكثرية! وعليه فإن تعثر تأليف الحكومة بدأ يطرح بإلحاح السؤال عن طبيعة البرنامج السياسي الجامع لقوى الأكثرية النيابية الجديدة وكيف سيكون في وسعهم إقراره طالما انهم لم يتمكنوا من تشكيل حكومة من لون واحد...؟ كما ان تعثر عملية التأليف يطرح مدى جدية الإصرار الذي تبديه القيادة السورية لجهة الإسراع في تأليف الحكومة، من دون أن تتدخل في المفاوضات أو تعمل على إقناع عون بتليين موقفه، علماً أن ما آلت إليه الاتصالات إضافة الى التطورات الجارية في المنطقة كانت أمس محور المحادثات التي أجراها وزير الأشغال العامة غازي العريضي موفداً من جنبلاط في دمشق مع معاون نائب رئيس الجمهورية السورية اللواء محمد ناصيف (أبو وائل). شيباني يسأل عن المراوحة؟ وفي هذا السياق تردد أمس ونقلاً عن مصادر رفيعة في الأكثرية النيابية ان استمرار المراوحة في تأليف الحكومة استحوذ على اهتمام مساعد وزير الخارجية الإيراني لشؤون الشرق الأوسط محمد رضا شيباني في محادثاته التي أجراها على امتداد اليومين الأخيرين مع أركانها. لكن الاهتمام السوري والإيراني في ملف تأليف الحكومة لا يقلل من الاعتقاد السائد بأن لا سرعة في التأليف حتى إشعار آخر. وان ما يحصل من مشاورات تتوقف ثم سرعان ما تستأنف... لا يعدو كونها تصبّ في سياق العمل على إضاعة الوقت الى حين جلاء موقف دمشق على حقيقته في ظل انشغال القيادة السورية في التطورات الجارية في الداخل. الجلسة النيابية بين التأييد والاعتراض وفي ضوء كل هذه الاعتبارات والمعطيات المشدودة الى الوضعين الدولي والإقليمي، لا بد من السؤال عن مصير الجلسة النيابية التشريعية التي ينوي الرئيس نبيه بري الدعوة اليها وهو ينتظر الجواب النهائي من أركان المعارضة الجديدة التي لا تبدي حماسة لعقدها. علماً انه أمهلها عشرة أيام بذريعة ان الجلسة ليست ميثاقية. وتردد بأن بري سيبادر في نهاية المطاف الى دعوة الهيئة العامة في البرلمان الى جلسة تشريعية لاتخاذ ما تراه مناسباً لقطع الطريق على الفراغ في حاكمية مصرف لبنان في حال انتهت ولاية الحاكم رياض سلامة من دون الوصول الى تشكيل الحكومة. وفي المقابل فإن القيادات في المعارضة وعلى رأسها رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري تعارض عقد جلسة تشريعية بذريعة ان الحكومة المستقيلة ولظروف استثنائية تستطيع إيجاد مخرج لملء الفراغ في حاكمية مصرف لبنان من طريق التمديد لسلامة الى حين تعيين خلف له، من خلال التوقيع على مرسوم جوال يحمل تواقيع أكثرية ثلثي أعضاء الحكومة، وهذا ما لا يؤيده بري متذرعاً بأنه سبق للبرلمان ان عقد جلسة تشريعية في ظل الحكومة المستقيلة برئاسة ميقاتي في عام 2005 وصدق على اقتراحي قانون، الأول يتعلق بإصدار عفو عن قائد «القوات اللبنانية» سمير جعجع والثاني يشمل الموقوفين في الصدامات مع الجيش اللبناني في جرود الضنية. وهكذا فإن الدعوة الى جلسة تشريعية محاصرة الآن بتأييد بري ومعه الأكثرية وبمعارضة قوى «14 آذار» التي تأخذ على رئيس المجلس إقفال البرلمان في السابق بذريعة أنه لا يفتحه أمام حكومة مبتورة برئاسة الرئيس فؤاد السنيورة بعد استقالة الوزراء الشيعة منها، وبالتالي فهي لا توافق على فتحه هذه المرة في ظل حكومة تصريف أعمال وهو «مقفل» ومن وجهة نظرها أمام حكومة جديدة يفترض أن تولد منذ فترة طويلة وتحمّل الأكثرية مسؤولية التأخير في تأليفها. وبكلام آخر يتعامل بعض الأطراف في المعارضة وكما تقول مصادرها مع دعوة بري لعقد الجلسة من زاوية أن لا مشكلة في ملء الفراغ في حاكمية مصرف لبنان انما من طريق حكومة تصريف الأعمال لئلا يتكيف البلد مع عدم وجود حكومة حتى إشعار آخر.