أسفر تفجير عدد من السيارات المفخخة في بغداد وبابل وكركوك وصلاح الدين والموصل وديالى وذي قار، عن مقتل وإصابة أكثر من 150 عراقياً، بينهم 79 في العاصمة وحدها، فيما حملت «كتلة الأحرار» التابعة للتيار الصدري رئيس الحكومة نوري المالكي مسؤولية ما حصل. وجاءت التفجيرات قبل أيام من توجه ملايين الناخبين إلى صناديق الاقتراع للإدلاء بأصواتهم في انتخابات مجالس المحافظات السبت المقبل. واستهدفت ستة سيارات مفخخة بغداد، توزعت بين ساحة عباس بن فرناس قرب المطار وأحياء البلديات والعبيدي والكرادة والسيدية والشرطة الرابعة. وأكدت قيادة العمليات، في بيان تسلمت «الحياة» نسخة منه، مقتل وإصابة عدد من المدنيين امس بانفجار خمس سيارات في مناطق متفرقة. وجاء في البيان: «في محاولة إرهابية يائسة، قامت الجماعات الإرهابية بعدد من الاعتداءات في مناطق متفرقة من بغداد، حيث استشهد وجرح عدد من المواطنين إثر تفجير سيارة مفخخة في ساحة عباس بن فرناس، وأخرى في تقاطع المعالف، ومثلها في الكمالية، كما انفجرت سيارة أخرى في منطقة الأمين، وأخرى في منطقة الكرادة ساحة 52، وانفجرت عبوة لاصقة في منطقة البلديات». وأضاف: «وتمكنت القوات الأمنية من التصدي وإحباط عدد من تلك المحاولات، حيث تمكنت من تفجير عجلتين مفخختين وتفكيك عجلة اخرى في منطقة الشرطة الرابعة، وتفجير عجلة مفخخة في حي الرئاسة». لكن مصدراً أمنياً في جهاز الاستخبارات قال ل «الحياة»، إن «معلومات توافرت لدينا تفيد بدخول 28 سيارة مفخخة إلى بغداد يأمل الإرهابيون في تفجيرها يوم الاقتراع، لإفشال انتخابات مجالس المحافظات المزمع إجراؤها في العشرين من الشهر الجاري». وأضاف المصدر: «تم ضبط أكثر من 8 سيارات مفخخة توزعت في أحياء جانب الرصافة». يذكر أن بغداد تشهد بين فترة وأخرى أعمال عنف متمثلة بالاغتيالات بكواتم الصوت والخطف والتفجيرات بالمفخخات والعبوات الناسفة، في حين تسعى الأجهزة الأمنية لفرض سيطرتها على العاصمة. وفي ناحية الإسكندرية التابعة لمحافظة بابل، تسبب انفجار مزدوج بسيارتين مفخختين بمقتل وإصابة أكثر من 19 بينهم 3 من رجال الشرطة. وفي محافظة صلاح الدين، قتل وأصيب نحو 66 شخصاً، فضلاً عن هدم 20 منزلاً جراء انفجار خمس سيارات وعبوات ناسفة في مناطق عدة. وأفاد مصدر أمني أن «سيارة مفخخة كانت مركونة قرب القاعة الرياضية المغلقة انفجرت مستهدفة سيارة للشرطة الاتحادية ومركز انتخابات في منطقة طوز خرماتو وأعقب الانفجار انفجار سيارة اخرى بعد تجمع المواطنين، ما أسفر عن مقتل 36، بينهم 3 من منتسبي الشرطة الاتحادية. وأضاف أن «سيارة مفخخة محملة بالقش انفجرت هي الأخرى في قرية بروشلي جنوب الطوز، ما أسفر عن مقتل مواطن وإصابة 30 آخرين، فضلاً عن هدم أكثر من 20 منزلاً طينياً في القرية». وأشار المصدر إلى أن «عبوتين ناسفتين كانتا مزروعتين خلف جامع الوهاب انفجرتا من دون حدوث إصابات». وفي محافظة كركوك نجا مدير الشرطة في قضاء داقوق من محاولة اغتيال بتفجير سيارة مفخخة، فيما قتل أحد أفراد حمايته وأصيب خمسة آخرون بينهم مدنيان. وفي محافظة الموصل أصيب اثنان من شرطة المرور عندما قتلت قوة أمنية انتحارياً يرتدي حزاماً ناسفاً. وفجرت سيارة مفخخة وسط الناصرية وأخرى عند المدخل الشمالي للمدينة، أسفرتا عن مقتل وإصابة 15 شخصاً. وقال محافظ ذي قار طالب الحسن ل «الحياة»، إن «طبيعة المواد المتفجرة وآلية التفجير تكشف أن الهجمات كانت منسقة». وأضاف أن «الشرطة تحقق حالياً في الحادثين، مستندة إلى ما تم العثور عليه من أدلة في موقعي الحادثين والعثور على وثائق تسجيل إحدى السيارتين في مديرية المرور، ومن هذه الوثائق يمكننا التوصل إلى الجهة المنفذة». إلى ذلك، أصيب ستة أشخاص بينهم شرطيان في انفجار سيارة مفخخة وعبوتين ناسفتين في محافظة ديالى. وأكد مسؤولون في «صحوة ديالى» ل «الحياة» مقتل ضابط في جهاز الداخلية جنوب بعقوبة. وأوضح القيادي رعد الجبوري أن «العقيد حامد العتابي قتل في تفجير عبوة لاصقة زرعها مسلحون في سيارته في ناحية بهرز». وأشار إلى أن «أربعة من عناصر الشرطة قضوا، فيما أصيب تسعة مدنيين بتفجير عبوتين في حي المفرق وسط بعقوبة». ودان رئيس مجلس النواب أسامة النجيفي التفجيرات الإجرامية البشعة التي طاولت المواطنين الأبرياء في بغداد ومحافظات عدة. وقال في بيان تسلمت «الحياة» نسخة منه: «ندين ونستنكر التفجيرات الإجرامية التي طاولت المواطنين الأبرياء في مناطق عدة من البلاد، ونؤكد أن الاستهدافات البشعة التي تكررت كثيراً وراح ضحيتها أبناء بلدنا بمختلف مكوناته، لا بد أن تنتهي لينعم المواطن بالأمان والاستقرار». وأضاف: «من المفترض أن تكون أجهزتنا الأمنية أكثر استعداداً وجاهزية لصد مثل هذه الهجمات التي تحصد أرواح الأبرياء مراراً وتكراراً، ونطالبهم ببذل الجهود لملاحقة المنفذين وتقديمهم إلى القضاء لينالوا جزائهم العادل». إلى ذلك، حمّل نائب عن كتلة الأحرار النيابية التابعة للتيار الصدري، القائد العام للقوات المسلحة رئيس الوزراء نوري المالكي، مسؤولية التردي الأمني. وقال النائب علي التميمي في بيان، إن «الخروقات التي حصلت كانت أمراً متوقعاً، نتيجةً الفشل المستمر للخطط الأمنية وعدم كفاءة القيادات العسكرية التي أتى بها المالكي». وطالب التميمي المالكي «بترك الحملات الانتخابية والاهتمام بالملف الأمني وأرواح المواطنين»، مستغرباً في الوقت ذاته «عدم تمكن القيادات الأمنية من فرض سيطرتها على الجماعات الإجرامية التي باتت تتحكم بالزمان والمكان لتنفذ عملياتها». وطالب النائب عن كتلة الأحرار «بتطهير الأجهزة الأمنية من البعثيين والمفسدين الذين يسيطرون على مفاصل حساسة في وزارتي الداخلية والدفاع»، محذراً من أن «بقاء الأوضاع على ما هي عليه ينذر بكارثة أمنية». إلى ذلك، قال عضو التحالف الوطني عن التركمان محمد مهدي البياتي، إن «التفجيرات التي ضربت قضاء طوزخورماتو تحمل أهدافاً سياسية لتخويف الناخبين التركمان وإبعادهم عن المشاركة بالانتخابات». وطالب ب «محاسبة المسؤولين الأمنيين، لتقصيرهم في حفظ أرواح المواطنين، لاسيما الأجهزة التابعة لوزارة الداخلية، التي تعاني من الفساد المستشري واختراقها من قبل الإرهابيين، وقد ذكرنا ذلك مراراً لكن وزارة الداخلية لم تحرك ساكناً، وكأنما لا تريد أن تسمع ذلك». وتابع: «سننزل إلى الشارع لقطع الطرق والبدء بالاعتصامات والتظاهرات بعد أن يئسنا من وعود الحكومة المركزية». وأكد مسؤول مكتب مكافحة الإرهاب في كركوك اللواء تورهان عبد الرحمن، في تصريح إلى «الحياة»، أن «الهدف من الهجمات التي شهدتها المحافظة هو ضرب التعايش».