أدت المخاوف الجيوسياسية وهبوط أسعار النفط، بسبب أحداث المنطقة إضافة إلى تقلبات الأسواق العالمية، إلى هبوط حاد في السوق المالية السعودية قارب ال6.5 في المئة، وبهبوط حاد وصل إلى 706 نقاط. وأكد محللون ماليون ل«الحياة» أن السوق السعودية «امتصت» مؤثرات قوية عدة عبر هبوط في أول أيام عملها بعد إجازة عيد الأضحى، متوقعين عودة الاستقرار إلى السوق خلال الأيام المقبلة. وقال المحلل المالي محمد العمران إن المخاطر العالمية التي تسارعت وتيرتها خلال الأيام الفائتة، إضافة إلى ترقب نتائج الشركات في الربع الثالث، أدت إلى هذا الانخفاض المؤثر والقوي. وأضاف: «الأسواق العالمية تعرضت لانخفاض حاد، فضلاً على أن السوق السعودية كانت بعيدة عن تصحيح الأسعار فترة طويلة، وهو ما حدث أمس، إلى جانب ترقب لاكتتاب في البنك الأهلي الذي له تأثير أيضاً». وأكد العمران أن الأفراد والمستثمرين في حاجة إلى بناء ثقة في هذه المرحلة مع الأحداث السياسية والاقتصادية المقلقة، مبيناً أن السوق ستظل تحوم حول مستوى 10 آلاف نقطة حتى تهدأ الأوضاع. وعن التوقعات للسوق في حال ازدادت الأوضاع سوءاً، قال العمران: «وقتها لكل حادث حديث، نتمنى أن تهدأ الأوضاع، ونحن نأخذ المؤشرات التي أمامنا، وكل مرحلة على حدة». من جانبه قال المحلل طارق الماضي إن انخفاض الأسواق العالمية وأسعار النفط، إضافة إلى عوامل أخرى، كافتتاح الأسواق الخليجية صباح الأحد على انخفاض حاد، هيأت السوق السعودية للتسليم بالانخفاض الحاد. وأضاف: «السوق كانت مهيأة للانخفاض، والتعاطي الإيجابي الكبير لدخول المستثمرين الأجانب السوق السعودية كان مبالغاً به إلى حد ما، لذا تأثرت السوق سريعاً بالمعطيات السلبية، وسوق دبي أقفلت البارحة على انخفاض أكبر مما تعرضت له السوق السعودية، كما سجلت السوق الأميركية أعلى انخفاض لها خلال عامين». وأشار الماضي إلى عدم تغير سلوك المتعاملين في السوق السعودية، الذي يسيطر الأفراد على 95 في المئة من تعاملاته، مضيفاً: «ليس هناك تغيير في السلوك عن أعوام خلت، شاهدنا البارحة بشكل جلي تكوّن سلوك «القطيع» من جديد، وأفراداً يبيعون بخسارة من دون أن يعرفوا أسباب الهبوط ولماذا يبيعون، لكنهم يشاهدون الانخفاض ويلجؤون إلى الهرب». وأكد أن السوق السعودية لن تتأثر بالاكتتابات للشركات طالما كانت جيدة، مطالباً في الوقت ذاته بإيقاف الاكتتابات للشركات الضعيفة برساميلها، مضيفاً: «نحتاج إلى دراسات عن أسباب معاناة الشركات الجديدة، الأمر بلغ حد تكرار السيناريو، وخصوصاً مع شركات التأمين، إذ تبدأ بداية هزيلة، ومن يضيع 70 في المئة من رأس المال خلال عامين، وتعود لرفع رأس المال». وأضاف: «أطراف الاكتتاب هم المؤسسون والشركات الاستشارية، وشركات الوساطة مديرة الاكتتاب، والأفراد، ولو لاحظنا فلا أحد يتأثر سوى الطرف الرابع وهم الأفراد، إذ تتنازع الأطراف الأخرى الأرباح وتترك الخسائر وسوء الإدارة ليتحملها الفرد، وأيضاً في معظم الاكتتابات يكون 50 في المئة على سبيل المثال لشركات أو صناديق استثمارية، ولكن لا تعلن أسماؤها، وهذا أمر خطر، وخصوصاً أن هذه الصناديق قد تضارب على الأسهم وترفعها جلسات متتالية عدة وهي الأقدر على هذا الأمر من الأفراد». وعن تأثير اكتتاب البنك الأهلي الذي سيدأ الأسبوع المقبل ل500 مليون سهم تبلغ قيمتها 22.5 بليون ريال، أكد أن كثيراً من الأفراد سحبوا سيولتهم استعداداً للاكتتاب في أسهم البنك الأهلي، متوقعاً أن يغطي الاكتتاب بالكامل، ولكن بعدد مكتتبين قليل. وعن مسيرة السوق المقبلة، أوضح طارق الماضي أن السوق ستعود إلى الارتفاع، ولكن تحت مستوى القمم التي حققها هذا العام، انتظاراً لمزيد من الأخبار الإيجابية وتحسن الأوضاع الاقتصادية والسياسية. وعن مدى استمرار هذا الانخفاض خلال الأيام المقبلة، قال المحلل الاقتصادي تركي فدعق: «لا أعتقد أنه سيستمر، الانخفاض كان طارئاً بسبب عدم تسجيل السوق أي جني أرباح خلال الفترة الماضية». وأوضح أن هناك أسباباً داخلية تتمثل في تسجيل السوق لجني أرباح كان متوقعاً مع ترقب نتائج الشركات في الربع الثالث وقرب طرح اكتتاب البنك الأهلي الضخم. وأسباب خارجية تتمثل في انخفاض طلب الصين على المواد الخام والبتروكيماوية، وانخفاض النمو المتوقع للاقتصاد الأوروبي، وخفض التصنيف السيادي لفرنسا. وأضاف فدعق: «التوقعات أن مؤشرات الاقتصاد العالمي لن تحقق نمواً بالوتيرة السابقة نفسها أمر مؤثر للغاية، وطبع سلبيته على الأسواق العالمية كافة، إضافة إلى انخفاض النفط، إذ سجلت بعض الأنواع انخفاضاً لأكثر من أربعة في المئة على مدى الأسبوع الماضي». وعن تأثير انخفاض النفط ومدى تأثيره في الاقتصاد السعودي بشكل عام، أجاب فدعق: «لن يكون هناك تأثير سريع إذا ما استمر تسجيل انخفاضات جديدة، قد يؤدي إلى عجز في موازنة عام 2016، ولكن في الوقت الراهن لن يسجل أي تأثيرات». وأكد فدعق أن السوق تؤسس في الوقت الراهن لمنطقة دعم قوية وجديدة، ستعزز تماسكه خلال الفترة المقبلة.