يستضيف «ميدان ياسر عرفات» في وسط مدينة رام الله، معرضاً فوتوغرافياً للصحافية الفلسطينية عرين ريناوي بعنوان «هويتي»، ليكون الجمهور من المارة والباعة في الهواء الطلق. ينتصر المعرض للإنسان الفلسطيني، في ظل أجواء مختلفة، بمشاركة فرقة «انتيكا» الموسيقية، في حين كان شريط المعرض اللافت عبارة عن «نيغاتيف صور»، وهو الذي انقرض منذ زمن أو يكاد، وافتتحه مقص ليلى غنام، محافظ رام الله والبيرة. تقول ريناوي ل»الحياة»: «تقوم فكرة المعرض على تجسيد الحياة الفلسطينية عبر أشخاص عاديين، فالوجوه تعكس روح شعب بأكمله يعاني الاحتلال وغيره... اخترت الشارع ليكون مكاناً لمعرضي الشخصي الأول لأنني انطلقت منه، الشارع لكل الناس، وهو رمز منافٍ للعنصرية والتمييز». وتضيف: «رسالتي في المعرض، بعد الابتعاد عن النمطية والتقليدية، العمل على تطوير مستوى التصوير الصحافي في فلسطين، والدعوة، بطريقة مختلفة، إلى الوحدة الوطنية، عبر الابتعاد في صوري عن التعصب، والتحزب. فجميع الفلسطينيين سواسية، بغض النظر عن انتماءاتهم السياسية، وخلفياتهم الاجتماعية والأكاديمية، وأوضاعهم الاقتصادية». وحول اختيارها «هويتي» إسماً لمعرضها، توضح ريناوي التي حققت حضوراً لافتاً على رغم صغر سنها وحداثة عهدها في التصوير: « تعكس أعمالي الهوية الفلسطينية بالمجمل، من دون الانحياز إلى لون سياسي بعينه، ومن دون الانسياق وراء ما أراده الاحتلال من تلوين بطاقات الهويات الخاصة بالفلسطينيين، خضراء لفلسطينيي الضفة الغربية وقطاع غزة، وزرقاء للمقدسيين»، لافتة إلى أن الصورة الوحيدة في المعرض التي ليست بعدستها هي صورة الأسير الشهيد ميسرة أبو حمدية الذي قضى أخيراً في سجون الاحتلال. وهي لذلك أجلت موعد معرضها الذي كان مقرراً سابقاً، مشددة على أن قضية الأسرى تحظى بجانب كبير من اهتمامها، ولكن بعيداً عن الطريقة النمطية في التصوير، ومشددة على أنها تنتصر للروح أكثر من الجماليات في الصورة، مع عدم إغفال الجانب الجمالي، و»هذا ما يميز صور عرين ريناوي». وتتنوع صور «هويتي»، الذي من المقرر أن ينتقل إلى أسوار عكا، ما بين مسنّة تحتضن حبة رمان، وفتاة تصرخ في وجه جندي محتل، ومسن في حوار خاص مع سيجارته، وووجه طفل ملون بألوان العلم الفلسطيني، وجزء من ثوب مطرّز ليد فتاة فلسطينية تزيّنها الحنّاء، وشبان يقاومون رصاص الاحتلال بالحجارة، وأم أسير تبكي، وامرأة تحتضن زيتوناتها بكفيها. وتبرز أيضاً صورة لطفل يبكي بحرقة تقول ريناوي عنها: «سبب شهرة الصورة أنها طبيعية للغاية، فالطفل يبكي بلا تصنّع، بعدما اختطف الجنود والده أمام ناظريه في المنطقة القريبة من معسكر عوفر الإسرائيلي». وتقول ليلى غنام إن ما يميّز معرض «هويتي» هو الانعكاس الحقيقي لحياة الفلسطيني في ظل الاحتلال، الفلسطيني الذي يعاني، ويقاوم، ويحب الحياة. وتقول: «نجد فلسطين في المعرض بكل تجلياتها، إنه معرض رائع حقيقة، ومتميز بروحه الفلسطينية، إضافة إلى ما تحمله الصور من جماليات، وقبل ذلك كله رسائل وطنية مهمة يمكن قراءتها في كل صورة من صور المعرض الذي يعكس عنوانه مضمونه». وتلفت مسؤولة الدائرة الثقافية في بلدية رام الله فاتن فرحات إلى أن «ثمة أكثر من سبب وراء مشاركة البلدية لعرين ريناوي في تنظيم المعرض، بينها سعينا لدعم الفرق الفنية والمهرجانات المكرّسة والمعروفة، ودعم المبدعين الشباب بمختلف صنوف إبداعاتهم، إضافة إلى سعي البلدية الى تجشيع الفعاليات في الفضاءات المفتوحة لمدينة رام الله، وهو ما قامت به عرين ريناوي، ما من شأنه إتاحة فرصة للمارة للتعرف على أنماط مختلفة من الفنون، قد لا يتاح لهم التعرف عليها في حال عرضها في صالات مغلقة». المعرض في الهواء الطلق أشبه بمهرجان. ولم تقتصر المشاركة فيه على المهتمين وزملاء عرين من مصورين وصحافيين وكتاب، بل كان صوت بائع الخروب يلعلع في المكان، وأصوات رجال الشرطة يتحدثون عبر «اللاسلكي»، وحديث الأصدقاء والصديقات عن جمال صور عرين ريناوي.