ربما يتعثر حيناً لفشل لياقي، لكنه سرعان ما يعود إلى تألقه وتوهجه، لإمتاع عشاقه ومعجبيه، في سان جيرمان بدأت الحكاية، وفي برشلونة كان «الانفجار» الهائل الذي خبا قليلاً بسانسيرو الإيطالي. هي حكاية مستمرة للنجم رونالدينيو آخر «سحرة» بلاد السامبا الذي يرفض رفع الراية والاستراحة، بعيداً عن ميادين جعلت منه نجماً خالداً في ذاكرة جماهير الكرة المستديرة. عندما عاد من «البيات» الأوروبي و«أسكن» أتلتيكيو مينيرو البرازيلي في محطة قد لا تكون الأخيرة بمشواره غير المنتهي، انبعث «المارد» مجدداً من قمقمه، ليعلن لخصومه أنه «لم يمت» كما يتوهمون، طالما أن الموهبة لا تخمد فإن الأساس اليوم استعادة التوازن البدني. وعندما وجد نفسه لياقياً في أحسن حال، استعاد مكانته ضمن منتخب «السامبا» المدعو تحت قبعة مدربه العائد سكولاري، لاستعادة المجد الضائع منذ 2002، والسعي إلى إسعاد الملايين خلال المونديال الذين يحتضنونه بعد عام. لكن الرجل - 33 عاماً - لم يمنح زملاءه في منتخب السيليساو ونادي مينيرو الخبرة اللازمة فحسب، بل تعداه إلى إمتاع الجماهير وإحراز الأهداف الجميلة. حدث ذلك عندما قاد رفاقه إلى فوز عريض (5-2) على أرسنال الأرجنتيني بدوري الأبطال الأميركية «ليبيرتادوس»، وكان من نصيبه هدف ولا في الأحلام، أعاد به ذاكرة مشجعيه إلى الزمن الجميل، عندما كان يصول ويجول مع سان جيرمان الفرنسي (2001/2003) وبرشلونة الإسباني (2003 / 2008) ثم ميلان الإيطالي. وعلى ما يبدو فإن عودته إلى الدوري البرازيلي أعادت إليه «الحياة» مجدداً، مؤكداً سعادته وسعيه إلى التتويج، قائلاً: «أنا سعيد جداً، الأمور تأخذ مجراها الطبيعي، أريد أن أفوز بلقب الدوري البرازيلي، وأيضاً بالكوبا ليبرتادوريس، وهما اللقبان اللذان لم أحصل عليهما عندما غادرت إلى أوروبا، ولهذا السبب بالضبط عُدت إلى البرازيل». هكذا دأب هذا النجم الذي لا يريد أن يتوقف عند هذا الحد، إنه يريد - كما يقول - «اللعب حتى الأربعين» وربما «الخوض في تجربة جديدة في أوروبا»، لكنه قبل ذلك يريد البقاء أطول مدة ممكنة مع منتخب «السامبا» الذي دعي إليه أخيراً، وشارك بودية بوليفيا (4/0)، وذلك لخوض المونديال الذي يقام العام المقبل ببلاده «آمل في الاستمرار مع المنتخب حتى المونديال المقبل». لكن الطموح «الدولي» لا يتوقف عند هذا الحد فحسب، بل يتعداه إلى التتويج باللقب السادس في تاريخه الكروي «لست مع أولئك الذين يزعمون أن منتخبنا الحالي هو الأسوأ بتاريخ الكرة البرازيلية، هناك العديد من اللاعبين الشباب والجيدين معنا، الفريق ليس بهذا السوء، أعتقد أنه ستكون هناك مفاجآت كثيرة في المونديال». وعلى رغم تقدمه بالسنّ ووجود نجوم شباب بمنتخب السامبا في صورة نيمار، إلا أن الساحر رونالدينيو لا يزال يحظى بمكانته لدى عشّاق المنتخب ما يعطيه دفعاً قوياً، لخوض بقية المباريات بأكثر حماسة. وصاحبه حظ أوفر من عبارات الإشادة والإطراء من وسائل الإعلام والصحف البرازيلية، إذ ظهر اللاعب في شكل متميز في المباراة أمام نحو 51 ألف مشجع، احتشدوا في المدرجات، وبرهن على جدارته بالعودة إلى صفوف المنتخب البرازيلي. ولاحظ المعلقون الرياضيون أن رونالدينيو كان «محور» أداء المنتخب البرازيلي، وأنه أزعج المنافس بتمريراته وعرضياته القاتلة. وأوضح موقع «لانسنيت» أن رونالدينيو «أظهر كفاءة وفعالية في تسديداته، ولكن زملاءه لم يظهروا بالشيء نفسه في النهاية». وما يعزز بقاءه مع السامبا، في حال استمر أدائه في النسق المرتفع، وجود المدرب الحالي سكولاري الذي يعتبره الساحر البرازيلي أفضل مدرب لعب بإشرافه. وفي هذا الصدد يوضح رونالدينيو، قائلاً: «لديّ ذكريات خاصة مع فيليبي سكولاري، لقد فزنا بكأس العالم 2002 بقيادته، لقد أظهر إيمانه بي عندما اتصل لإعادته إلى المنتخب من جديد، إنه شجاع جداً». هي أقصى أماني هذا الساحر الذي تُوّج مرتين بجائزة أفضل لاعب في العالم، إما أن يعود إلى منصة التتويج بلقب الأفضل في العالم، فيبدو أن ذلك بات في حكم الماضي في ظل وجود البرغوث الأرجنتيني ليونيل ميسي الذي يعتبره «الأفضل في العالم». ويقر رونالدينيو بأن ميسي «صديق طيب»، مشيراً إلى أنه «كنت أعلم عندما كان صغيراً أنه سيصبح الأفضل، كان من المدهش رؤيته وهو يفعل أشياء لا يستطيع كبار اللاعبين أن يتخيلوها، مستواه خلال الأعوام الأربعة أو الثلاثة الماضية ثابت، لم يشهد العالم مثله من قبل». مبدياً ندمه على عدم لعبه لفترة أطول بجانب الأرجنتيني ليونيل ميسي في برشلونة. وقد جاور رونالدينيو ميسي في برشلونة من 2004 إلى صيف 2008، قبل أن يرحل الأخير إلى ميلان الإيطالي في وقت بدأ فيه نجم البرغوث الأرجنتيني يسطع شيئاً فشيئاً.