انتقد وزير المال التونسي السابق جلول عياد، التوظيف «الكثيف في الإدارات العامة، بهدف امتصاص البطالة من دون حاجة إلى هؤلاء الموظفين». ولفت في ندوة نُظّمت في تونس أمس حول «وسائل مواجهة الاقتصاد المحلي تحديات التنموية»، إلى أن «250 ألف موظف يتقاضون رواتب ولا يفعلون شيئاً في هذه الإدارات». وقدّر «المعهد الوطني للإحصاء» عدد العاطلين من العمل في تونس ب654 ألفاًً نهاية العام الماضي. وحذّر عياد من التوظيف المتزايد في القطاع العام، مؤكداً أن هذا الوضع «سيُغرق الإدارة بمستخدمين لا كفاءة لديهم وسيثقل كاهل الاقتصاد». وعاب على السلطات «غياب معايير لتحديد الكفاءة في الوظائف العامة، ما سيكلف الموازنة ثمناً باهظاً من دون أن يحل مشكلة البطالة». وأظهرت أرقام معهد الإحصاء، تأمين «85 ألف فرصة عمل العام الماضي، وهي السنة التي تسلمت خلالها الحكم، «ترويكا» بقيادة «حزب النهضة» الأصولي، بينها 13 ألف فرصة عمل جديدة في الأشهر الثلاثة الأخيرة من العام الماضي، ما رفع عدد قوة العمل إلى 3.255 مليون شخص، وفق المعهد. لكن عياد اعتبر أن الاستثمار الخاص هو «محرك الاقتصاد والوحيد القادر على إيجاد قيمة مضافة وبناء العمود الفقري للمؤسسة». وأشار إلى أن وظيفة الدولة «تغيرت عما كانت عليه خلال الاستقلال في خمسينات القرن الماضي، إذ بات يقتصر دورها على الرقابة وقمع المخالفات، وليس في إنشاء المؤسسات ذات القدرة التشغيلية العالية». وتشكل المؤسسات الصغيرة والمتوسطة 80 في المئة من المصانع والمؤسسات الخدمية التونسية، لكنها تعاني شحاً في السيولة وصعوبة في الحصول على قروض من المصارف. ورأى عياد، أن الجهاز المصرفي «يسير خلف المؤسسات الاقتصادية بدلاً من قيادتها»، لافتاً إلى أن «بنك التضامن» وافق على «منح عدد كبير من القروض لأصحاب المشاريع الصغيرة، لكن الأموال لم تُحول» لعدم قدرة المفترضين على تأمين حصتهم من التمويل. ويُجابه الخريجون في المرحلة الراهنة صعوبات كبيرة للحصول على فرص عمل أو لتأسيس مشاريع استثمارية. وأظهرت إحصاءات وزعها «المعهد الوطني للإحصاء»، أن عدد الخريجين الذين بقوا عاطلين من العمل بعد تخرجهم «بلغ 228 ألفاً في الربع الأخير من العام الماضي، أي أن نسبة البطالة بين الخريجين تجاوزت 33 في المئة». وأكد المعهد، أن العدد الإجمالي للعاطلين من العمل «تراجع نهاية العام الماضي من 17 إلى 16.7 في المئة، قياساً إلى الفترة ذاتها من عام 2011». واستناداً إلى نتائج بحث ميداني، أشار المعهد إلى أن البطالة «أصابت 257 ألف امرأة، أي 42 في المئة من النساء الناشطات وعددهن 1.062 مليون». فيما شملت البطالة 397 ألف رجل أي 14 في المئة فقط من الرجال في سن العمل». ويُلاحظ أن إحصاءات المعهد كشفت عن تفاوت كبير بين نسب البطالة في المحافظات الساحلية ومثيلاتها الداخلية، «إذ لم تتجاوز النسبة 11.4 في المئة في محافظات الشمال الواقعة على الساحل المتوسطي. فيما تخطّت 21 في المئة في المحافظات الداخلية الشمالية. أما في المحافظات الساحلية الواقعة في الوسط، فسُجلت نسبة مماثلة أي 11.4 في المئة لتتجاوز 20 في المئة في محافظات الوسط الداخلية. ووصلت نسبة البطالة في محافظات الجنوب إلى 25.7 في المئة في المناطق الداخلية، في مقابل 22 في المئة داخل المحافظات الواقعة على الساحل.