أفادت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) أمس بأن «انتحارياً شن هجوماً بسيارة ملغومة» قرب مصرف سورية المركزي ووزارة المال وهيئة الاستثمار في وسط دمشق، ما أسفر عن سقوط 15 قتيلاً و53 جريحاً وخلّف دماراً في حي الأعمال الرئيسي في العاصمة، فيما واصلت قوات النظام قصفها على مناطق مختلفة في الغوطة الشرقية ومحاولة السيطرة على بعض المناطق فيها. وقال رئيس الوزراء وائل الحلقي لدى زيارته مكان التفجير أمس، إن النظام السوري ماضٍ في «المعركة ضد الإرهاب حتى النهاية»، مشيراً إلى أن السلطات «ستبسط الأمن على كامل التراب» وأن «المعركة ضد الإرهاب مستمرة حتى النصر». ووصفت إحدى المقيمات في دمشق الانفجار بأنه «أكبر انفجار» سمعته في العاصمة السورية خلال الانتفاضة المستمرة منذ عامين ضد نظام الرئيس بشار الأسد، علماً أن سلسلة من الانفجارات الانتحارية ضربت دمشق في الفترة الماضية، وقع أحدها على بعد عشرات الأمتار من موقع انفجار أمس. وتصاعدت أعمدة دخان من مكان التفجير في مرأب المقر السابق للحكومة (قبل انتقاله إلى حي كفرسوسة)، بين ساحتي السبع بحرات والشهبندر. وقال شخص آخر إن أبنية تقع على مسافة بعيدة اهتزت في شكل غير مسبوق. وبث التلفزيون الحكومي صوراً للضحايا والحريق بعد قليل من إعلانه حصول «تفجير انتحاري». وعرض لقطات لسبع جثث في الشارع بينها جثتان متفحمتان وسط حطام حافلة مقلوبة، وصوراً أخرى لعربات الإطفاء تشارك في إخماد النيران المندلعة في سيارات دمرها الانفجار. وبث التلفزيون أيضاً فيديو لرجال يحملون امرأة على نقالة وجهها ملطخ بالدماء، بينما هرعت نساء محجبات يرتدين أثواباً طويلة سوداء في فزع صوب المكان. وعرضت اللقطات أطفالاً في زي مدرسي وهم يضعون ضمادات. وقالت «سانا» إن التفجير «ألحق أضراراً كبيرة بمدرسة سليم بخاري وجامع بعيرا ومنازل المواطنين وعشرات السيارات المارة والمتوقفة في المنطقة، إضافة إلى اندلاع حريق كبير». وقال شهود عيان إنه بعيد حصول التفجير أطلقت قوات الأمن النار بكثافة. وقال التلفزيون إن «بعض عناصر الأجهزة المختصة أطلق عيارات نارية لإبعاد المواطنين عن المكان وإفساح المجال أمام سيارات الإطفاء للقيام بعملها». ولم تعلن أي جهة مسؤوليتها عن الهجوم على الفور. إلا أن وسائل الإعلام الرسمية ألقت باللوم على «إرهابيين» وهو وصف تستخدمه الحكومة للإشارة إلى مقاتلي المعارضة، فيما اتهمت جماعات المعارضة الحكومة بتنفيذ الهجوم. وقال أحد النشطاء إن إجراءات أمنية مشددة اتخذت يوم أمس في المنطقة المحيطة بمكان التفجير. وقال آخر إن عدداً من الموظفين لم يأتِ إلى عمله في وزارة المال يوم أمس. وقال الحلقي لدى زيارته المكان إن «الإنجازات الهائلة والنوعية التي تحققها قواتنا المسلحة الباسلة في حربها على الإرهاب، وإفلاس المجموعات الإرهابية المسلحة والجهات التي تقف خلفها، هما الدافع لارتكاب مثل هذه الأعمال الإجرامية». وجدد القول «إن السلطات السورية ماضية في معركتها ضد الإرهاب حتى النهاية لبسط الأمن والاستقرار على كامل التراب الوطني»، لافتاً إلى أن «الشعب السوري بكل أطيافه حسم أمره، وهو مستمر بمعركته ضد الإرهاب حتى النصر». واعتبر الحلقي أن وقوع التفجير قرب المصرف المركزي يهدف إلى «ضرب الاقتصاد السوري الذي صمد مدة عامين في وجه العقوبات والحصار الاقتصادي الجائر وخصوصاً مع استقرار سعر صرف الليرة السورية مقابل العملات الأجنبية في الأسابيع الأخيرة نتيجة الإجراءات الحكومية في هذا المجال». وتراجعت في الفترة الأخيرة قيمة الليرة السورية مقابل الدولار الأميركي، ووصل سعر الدولار إلى 125 ليرة بعدما كان حوالى 50 ليرة قبل سنتين. وكانت طائرات حربية شنت غارات جوية على مناطق مختلفة في شمال سورية، بينها حيّا السكري والأنصاري الشرقي في حلب، والواقعان تحت سيطرة المعارضة. كما أغارت على حي الشيخ مقصود ذي الغالبية الكردية. وحذرت المعارضة السورية أمس من وجود خطط لدى النظام ل «تهجير» أهالي بلدات في الغوطة الشرقية. وأعلنت أن الجيش النظامي كثف عملياته للسيطرة على بلدات العبادة والقيسا والجربا والبجارية ل «تفريغها» من حوالى 70 ألف شخص، باعتبار أن هذه البلدات تشكل «عمقاً استراتيجياً» للغوطة الشرقية و «خط إمداد» لدمشق، وسط تردد معلومات عن قرب حصول «معركة دمشق» بين النظام والمعارضة. وقالت المصادر إن النظام يحاصر العتيبة منذ شهر، وشن أكثر من غارة محاولاً «اقتحامها». كما تعرضت زملكا إلى قصف براجمات الصواريخ، في وقت حصلت اشتباكات بين مقاتلي المعارضة والنظام في مخيم اليرموك. وكانت قيادة الجيش أعلنت مساء أول أمس أنه في إطار خطة ل «تخليص ريف دمشق من الإرهاب» قامت قوات الجيش ب «عملية نوعية» في الغوطة الشرقية أدت إلى «إحكام الطوق» على مناطق فيها، في وقت واصل الجيش عملياته ل «طرد من تبقى فيها من الإرهابيين من جميع أراضي الغوطة وريف دمشق وصولاً إلى استعادة الأمن في أراضي الوطن كافة».