دمشق، نيقوسيا، عمان - «الحياة»، أ ف ب، رويترز - تواصلت المعارك والعمليات الأمنية في مدن وأحياء سورية عدة أمس وأسفرت عن سقوط ما لا يقل عن 40 قتيلاً، بينهم نحو خمسة أطفال. وتبدو مدن حرستا ودوما وسقبا التي تبعد أقل من 15 كلم عن دمشق في حالة حصار مع انتشار الحواجز الأمنية التي يفصل بينها 300 متر والسواتر الترابية، مع إطلاق النار الذي يسمع في شكل متواصل وانتشار المدرعات. وأثر معارك عنيفة، دخلت القوات السورية بلدة رنكوس التي تقع على بعد 40 كلم شمال العاصمة دمشق، بعد محاصرتها ستة أيام، بحسب ما أفاد ناشطون. وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن «القوات العسكرية اقتحمت بلدة رنكوس بعد ستة أيام من محاصرتها وإطلاق نار وقصف عليها». وأضاف إن «المجموعات المنشقة انسحبت من البلدة». وفي ريف دمشق أيضاً تعرضت بلدات عربين وسقبا وحمورية لإطلاق نار من القوات الحكومية بحسب المرصد الذي تحدث عن اقتحام قوات الأمن السورية بلدة معضمية الشام التي يسمع فيها صوت إطلاق رصاص كثيف. وأوضح المرصد أن «بلدة سقبا تتعرض لإطلاق نار من قبل القوات السورية ووردت أنباء عن سقوط جرحى وعن أوضاع إنسانية صعبة كما تتعرض بلدة عربين لإطلاق نار من قبل القوات السورية المتمركزة على مشارف البلدة». وتابع أنه «في حمورية المجاورة يطلق النار من قبل القناصة على كل شيء يتحرك في الشوارع». وتحدث الناطق باسم اتحاد تنسيقيات الثورة في دمشق وريفها أسامة الشامي عن «انشقاقات كبيرة جداً لمئات العناصر والضباط في ريف دمشق في الأيام الأخيرة»، معتبراً أن ذلك «يساهم في خسارة النظام لأجزاء مهمة من الغوطة والريف». وقال إن «النظام يستخدم أحدث الدبابات الروسية بأعداد كبيرة»، موضحاً أن «هذه الدبابات لا يمكن للجيش الحر أن يتصدى لها بالأسلحة البسيطة التي يملكها لكنها تدخل فقط إلى الشوارع الرئيسة، ولا يمكن لعناصرها الخروج منها بسبب هجمات الجيش الحر». وتحدث المرصد أيضاً عن تعرض بلدة قلعة المضيق للقصف من قبل قوات الجيش السوري حيث تسمع أصوات الانفجارات في القرى المجاورة ووجود معلومات عن تهدم منازل. وقال نشطاء إن القوات السورية انتزعت السيطرة على حمورية وهي واحدة من عدة أحياء في ريف دمشق استخدمت فيها القوات السورية العربات المدرعة والمدفعية لإجبار المسلحين على التقهقر بعد أن تقدموا لمسافة لا تبعد عن دمشق سوى ثمانية كيلومترات. وقال ناشط إن «الجيش السوري الحر» شن هجمات متفرقة على القوات الحكومية التي تقدمت عبر حي سقبا الذي سيطر عليه المسلحون قبل أيام معدودة. وتابع: «قتال الشوارع مندلع منذ الفجر». وأضاف إن الدبابات تتحرك عبر شارع رئيسي في وسط الحي وإن «صوت إطلاق النيران يتردد في كل مكان». وذكر ناشطون أن 15 شخصاً على الأقل قتلوا أثناء انسحابهم من سقبا وكفر بطنا. وكان ناشطون قد تحدثوا عن مقتل عشرات خلال ثلاثة أيام من المعارك في الأحياء التي شهدت احتجاجات متكررة وحملات من الجنود. وتحدث سكان بوسط دمشق عن رؤية جنود ورجال شرطة منتشرين حول الميادين الرئيسية. ومع حصار ضواحي شمال دمشق مثل حرستا ودوما وسقبا، قال عسكري في الجيش السوري لصحافي فرانس برس عند مدخل مدينة حرستا قرب دوما: «آسفون هذا الطريق وكل الطرق المؤدية إلى دوما مغلقة حالياً وحتى إشعار آخر»، من دون أن يذكر أي تفاصيل. وسيطر منشقون مسلحون في 21 شباط (فبراير) لفترة قصيرة على دوما المدينة التي يبلغ عدد سكانها مئة ألف نسمة بعد معارك عنيفة مع قوات الأمن قبل أن ينسحبوا منها. ووسط تدهور الوضع الأمني والإنساني، ناشد «المجلس الوطني السوري» في بيان أمس وسائل الإعلام الدولية التحرك في اتجاه بلدة رنكوس، متخوفاً من «مجزرة كبيرة» و «عملية تصفية يقوم بها النظام» بعد أن سيطر على البلدة. وحض البيان «وسائل الإعلام العربية والدولية التحرك العاجل لمتابعة موضوع قيام النظام السوري وأجهزته الأمنية بتجميع مئات الشبان في بلدة رنكوس في محافظة دمشق في ساحة عامة». وأضاف «هناك مخاوف من القيام بعملية تصفية كاملة لهم بعد أن قام النظام باحتلال البلدة والسيطرة عليها أمنياً، والتهديدات التي ترد من طرف النظام تشير إلى احتمال القيام بمجزرة كبيرة». وقال بيان المجلس الوطني إن قوات النظام استخدمت في اقتحام البلدة «الدبابات وراجمات الصواريخ»، وانه تم «قطع الاتصالات الهاتفية والماء والكهرباء» و «الإمدادات الغذائية والطبية» عن البلدة و «شن عملية اعتقال واسعة شملت شباب البلدة ورجالها»، مشيراً إلى أن عدد السكان يصل إلى 25 ألفاً. ودعا «اتحاد تنسيقيات الثورة السورية» إلى إنشاء «لجان شعبية محلية» لحماية المناطق السكنية، والى «استخدام كل الوسائل المتاحة للدفاع عن النفس من الإبادة» التي يقوم بها النظام السوري في ظل «تخاذل» المجتمعين العربي والعالمي، بحسب ما جاء في بيان صادر عنه أمس. كما أكد أن «الجيش الحر هو الذراع العسكري للثورة السورية وعلى عاتقه تقع مهمة حماية المدن وحماية التظاهرات السلمية». وتكثفت المعارك منذ أيام في المناطق القريبة من دمشق، بحسب ما أفاد المقدم ماهر نعيمي الناطق باسم «الجيش السوري الحر». وقال نعيمي إن النظام السوري شن «في الساعات الأربع والعشرين الأخيرة هجوماً لا سابق له استخدم فيه المدفعية الثقيلة» ضد بلدات ريف دمشق خصوصاً مناطق القلمون ورنكوس والغوطة. وفي حمص (وسط) قتل 17 مدنياً بينهم فتاة إضافة إلى طبيب اغتيل برصاص مجهولين. وقال المرصد السوري إن «عدد الشهداء المدنيين الموثقين بالأسماء وظروف الاستشهاد في حمص ارتفع اليوم إلى 17». وفي درعا أعلن المرصد أن ستة من عناصر الأمن قتلوا أمس في مدينة الحراك في محافظة درعا في هجوم استهدف حافلة للأمن. وقال المرصد إن «حافلة صغيرة تقل ستة من عناصر الأمن دخلت... إلى مدينة الحراك لتنفيذ حملة اعتقالات فاستهدفت من قبل مجموعة منشقة وقتل جميع أفرادها» صباح أمس. وأضاف إن «دبابتين ترافقهما قوات عسكرية دخلت بعدها وأطلقت النار في شكل عشوائي مما أدى إلى استشهاد ثلاثة مدنيين» وإصابة مسجد. كما قال سكان في مدينة درعا الجنوبية التي انطلقت منها الاحتجاجات في الانتفاضة المستمرة منذ عشرة أشهر إن المنشقين عن الجيش والقوات الحكومية اشتبكوا في معارك خلفت ما لا يقل عن 20 قتيلاً معظمهم من القوات الحكومية. أما في إدلب، فقال المرصد السوري إن اشتباكات عنيفة بين الجيش النظامي السوري ومجموعات منشقة تدور في أورم الجوز وبلدة كفرنبل في محافظة إدلب. وأعلنت وكالة الأنباء السورية أن «مجموعة إرهابية مسلحة استهدفت فجر أمس في عملية تخريبية خط نقل الغاز الواصل بين حمص وبانياس بالقرب من قرية الرابية التابعة لمنطقة تلكلخ عبر تفجيره بعبوة ناسفة ما أدى إلى حدوث انفجار وتسرب نحو 460 ألف متر مكعب من الغاز بنقطة التفجير». وأشار مصدر في وزارة النفط إلى أن خط الغاز المستهدف يتبع للشركة السورية للغاز ويغذي محطة توليد كهرباء بانياس العاملة على الغاز ما أدى إلى توقف مجموعتي توليد باستطاعة 260 ميغاواط ساعي. وأشارت «سانا» إلى أن «المجموعات الإرهابية المسلحة استهدفت أكثر من مرة خطوط نقل النفط والغاز والمشتقات النفطية عبر تفجيرها بعبوات ناسفة كاستهداف خط نقل مادة المازوت الممتد من حمص إلى حماة وإدلب بين قريتي موسى الحولة وطلس وخط الغاز القادم من حقول المنطقة الوسطى المار بالقرب من مدينة الرستن والذي يغذي محطتي الزارة والزيزون لتوليد الطاقة الكهربائية». كما أفادت أن ستة عسكريين بينهم ضابط برتبة عقيد قتلوا ب «نيران مجموعة إرهابية مسلحة استهدفتهم خلال أدائهم لواجبهم في نقل الطعام للوحدة العسكرية التابعين لها» في ريف درعا جنوب البلاد. وأضافت أن «اشتباكاً حصل مع المجموعة الإرهابية ما أدى إلى مقتل وجرح عدد من الإرهابيين». وأشارت إلى انه «في إطار استهدافها للعقول والخبرات الطبية والفنية والتقنية اغتالت مجموعة إرهابية مسلحة أمس الطبيب مصطفى محمد سفر»، وهو طبيب في أحد مستشفيات حمص وسط البلاد.