يؤكد مقاتلون عرب وأكراد معارضون للنظام السوري في حي الشيخ مقصود في حلب بشمال سورية أنهم يقاتلون جنباً إلى جنب ضد جيش بشار الأسد، لكن على الأرض تبدو الأمور أكثر تعقيداً، فعامل الثقة مفقود غالباً بين الطرفين. عند مدخل الحي، يقول القيادي في الجيش السوري الحر أبو أحمد مشيراً إلى وشاح أصفر وأحمر وأخضر بألوان العلم الكردي وضعه حول رقبته: «أنا احمل علم إخوتنا الأكراد، علماً أنني عربي». ويقول إن «لجان الحماية الشعبية» التابعة ل «حزب الاتحاد الديموقراطي الكردي» زودت المقاتلين حتى غير الأكراد «بالذخيرة، وهم في الخطوط الأولى في المعركة ضد النظام». و «حزب الاتحاد الديموقراطي» هو الفرع السوري ل «حزب العمال الكردستاني» التركي المحظور التي تعتقل زعيمه عبدالله أوجلان. ومنذ بداية الاضطرابات في سورية قبل أكثر من سنتين، حاول الأكراد (10 في المئة من السكان) الموجودون في الشمال خصوصاً، إبقاء مناطقهم في منأى عن الحرب. وفي صيف 2012 انسحب الجيش السوري من دون معارك من مناطق كردية في محافظة الحسكة، ما جعل بعض المعارضين يتهمون الأكراد بالتواطؤ، بينما يقول ناشطون أكراد أن النظام أقدم على ذلك لإثارة توترات بين مقاتلي المعارضة العرب والأكراد. وانعكست هذه الشكوك على الفور معارك في مدينة رأس العين الحدودية مع تركيا بين مقاتلين عرب معارضين وآخرين أكراد استمرت ثلاثة أشهر وانتهت بوساطة من شخصيات معارضة على رأسها ميشال كيلو. لكن في حي الشيخ مقصود حيث تدور «معركة حلب الكبرى»، بحسب مقاتلين، يؤكد عناصر من الطرفين أنهم في صف واحد. ويوضح أبو عبدالله القيادي في الجيش السوري الحر أنه بفضل مساندة الأكراد «تمكنا من قطع طريق الإمداد والتعزيزات للجيش نحو مستشفى الكندي والسجن المركزي» في شمال حلب. ويضيف: «اليوم لا تستطيع قوات النظام الحصول على التموين إلا بواسطة الطائرات». ويقول المقاتل الكردي أبو جوان «لا تمييز بيننا. نحن نقاتل العدو نفسه». ويؤكد مقاتل كردي آخر «أنها مسألة ضمير. نحن نحارب قمع النظام». وعلى رغم هذا التضامن المعلن، تسود الشكوك بين الجانبين. فعند حاجز ل «لجان الحماية الشعبية»، يتجمع عشرات المسلحين بلباس عسكري خاص بهم، ويبدون منظمين جداً على عكس حواجز الجيش الحر التي يقف عليها غالباً شبان بلباس رث. ويوضح قيادي كردي أن الهدف الأول للأكراد هو «الدفاع عن النفس»، مضيفاً: «نحن هنا لحماية شعبنا وسكان الشيخ مقصود حيث وجود حزب الاتحاد راسخ منذ سنوات». ويتابع: «هناك مقاتلون في الجيش الحر محترمون، وآخرون يأتون فقط للسرقة. يدخلون الشركات والمؤسسات ويسرقون آلات التصنيع». ويراقب عناصر «لجان الحماية» عن قرب المنطقة الصناعية في الشيخ مقصود، بينما يتواجد عناصر الجيش الحر إجمالاً في المناطق السكنية. ويخشى الجيش الحر من جهته تعاون بعض السكان الأكراد مع عناصر من قوات النظام وتزويدهم بمعلومات. ويقول أبو عبدالله «في البداية، كنا نسمح للمدنيين بدخول المنطقة. اليوم وبعد أن ازدادت وتيرة القصف، نحاول أن نكون أكثر حذراً».