شهدت أحياء في وسط مدينة حلب في شمال سورية معارك كر وفر بين القوات النظامية السورية ومقاتلين معارضين أمس، في وقت يقصف الجيش السوري خصوصاً أحياء في شرق المدينة، وفق ما ذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان. وشنت المدفعية السورية قصفاً عنيفاً على أحياء عدة في حلب «وسط حالة من الذعر بين السكان»، وفقاً لما أكده نشطاء من المعارضة السورية. وقالت لجان التنسيق المحلية المعارضة إن «كثيرين من الناس» أصيبوا في حي الشعار، الذي يعاني من أزمة إنسانية في ظل عدم وجود الأطباء والإمدادات الطبية والغذاء، مشيرة إلى مقتل 11 شخصاً على الأقل. وأوقعت أعمال العنف في كل المناطق السورية 51 قتيلاً هم ثلاثون مدنياً و13 عنصراً من قوات النظام وثمانية مقاتلين معارضين. وقال مدير المرصد السوري رامي عبدالرحمن إن «الجيش السوري الحر» هاجم ما بين الخامسة والنصف (2.30 ت غ) والتاسعة صباح أمس (6.00 ت غ) مقر الجيش الشعبي الذي يقع على الطرف الجنوبي من حي الأشرفية، والذي يوجد فيه «ما بين 300 إلى 400 من عناصر الجيش الشعبي والأمن والشبيحة»، وفق قوله. وعلى الأثر، حصل قصف مروحي على المنطقة، دفع المقاتلين المعارضين إلى التراجع. ثم عمدوا إلى «شن هجوم آخر على مقر الأمن الجنائي بالقرب من مستشفى ابن رشد، فقامت مروحيات النظام بقصف محيط المقر أيضاً لمنع الجيش الحر من التقدم». وترافق ذلك مع اشتباكات عنيفة. وانسحب المقاتلون المعارضون مجدداً نحو حي الأشرفية الذي يسيطر عليه مقاتلو «وحدات الحماية الشعبية الكردية» التابعون لحزب الاتحاد الديموقراطي الكردي. وقال عبدالرحمن في اتصال هاتفي مع فرانس برس إن «المقاتلين الأكراد أمنوا الحماية لعناصر الجيش الحر وعبروا إلى مناطق آمنة من دون أن يدخلوهم إلى المناطق السكنية في حيهم خوفاً من استهداف الحي بالقصف». وقتل ثلاثة مقاتلين معارضين في الاشتباكات. والجيش الشعبي جزء من الجيش النظامي السوري، لكن عناصره مكلفون حماية المقار الحكومية ولا يشاركون عادة في العمليات الحربية. وذكر المرصد السوري أن هناك قصفاً «مركزاً وشديداً بالمروحيات والمدفعية من القوات النظامية على أحياء صلاح الدين وسيف الدولة (جنوب غرب) والصاخور والشعار (شرق) والسكري (جنوب) وباب الحديد وباب النصر (وسط)». ورأى عبدالرحمن أن هذا «القصف العنيف مقترناً بالحشود المتواصلة يمهد على ما يبدو لعملية اقتحام تنفذها القوات النظامية». وأوضح أن القصف «يجبر عناصر الجيش الحر على الانكفاء إلى مناطق أكثر أمناً وبالتالي الانسحاب من الشوارع». وشملت الاشتباكات منطقة باب أنطاكية وأحياء باب جنين والعزيزية والسبع بحرات في وسط حلب، إضافة إلى القصر العدلي في حي جمعية الزهراء (غرب). وبين القتلى الذين سقطوا في مدينة حلب سبعة مدنيين وثلاثة مقاتلين معارضين. وقال مقاتلو المعارضة إن ذخيرتهم قاربت على النفاد بعد أن حاصرت قوات النظام معقلهم عند المدخل الجنوبي لحلب. وقال الشيخ توفيق وهو من قيادات المعارضين «يحاول الجيش السوري محاصرتنا من ناحيتين في صلاح الدين» الحي الذي يقع جنوب غربي حلب ويشهد قتالاً عنيفاً. وانفجرت قذائف مورتر وقذائف دبابات في الحي في وقت مبكر صباح أمس ما أجبر المقاتلين المعارضين على الاحتماء بمبانٍ متداعية وأزقة يملأها الحطام. ودخلت دبابات أجزاء من صلاح الدين وانتشر القناصة التابعون للجيش فوق أسطح المنازل الأمر الذي حد من حركة المعارضين. وقال أبو علي وهو قيادي آخر للمعارضين إن القناصة في الساحة الرئيسة بصلاح الدين يحولون دون جلب المعارضين التعزيزات والإمدادات. لكن المقاتلين قالوا إنهم ما زالوا يسيطرون على الشوارع الرئيسة في صلاح الدين والتي كانت خط المواجهة الأمامي في اشتباكاتهم مع قوات النظام. وقال ناشط في حلب إن طائرة مقاتلة قصفت أهدافاً في الأحياء الشرقية من المدينة وإن دوي قصف المدفعية سمع في الصباح الباكر. وأضاف «يعتقد أن عائلتين أي 14 شخصاً في المجمل قتلوا عندما سقطت قذيفة فوق منزلهم وانهار هذا الصباح». وقال إن المنزل كان يبعد مسافة شارع واحد عن مدرسة يستخدمها مقاتلو المعارضة. ويؤكد الجيش السوري الحر أنه يسيطر على أكثر من خمسين في المئة من المدينة وأنه استولى على عدد من المقار الأمنية فيها. في المقابل، ذكرت صحيفة «الوطن» السورية المقربة من السلطات أن «الجيش يمهد للحسم بعمليات نوعية في حلب». وتوقعت الصحيفة أمس أن يصدر الجيش السوري أوامره «خلال الساعات المقبلة بعدما جرى استكمال التعزيزات العسكرية»، موضحة أن الجيش «بدأ عمليات نوعية تمهيدية ضد المسلحين أفضت إلى مقتل العشرات منهم في أحياء مختلفة من المدينة». وقالت إن «الحدث الأبرز أمس تمثل في مقتل عشرات المسلحين بينهم قيادي بارز في حي صلاح الدين، المعقل الرئيس لهم، إثر شن الجيش عملية عسكرية من محورين تقدم خلالها إلى شوارع مهمة في الحي وأجبر المسلحين على التراجع». كما أشارت إلى استمرار «الضربات الجوية الموجعة التي ينفذها الجيش ضد تجمعات ومراكز المسلحين في أحياء السكري والشعار والصاخور وطريق الباب وغيرها». وكان قائد كتيبة في الجيش السوري الحر يقاتل في حي صلاح الدين قال لفرانس برس أول من أمس إن «نحو 15 قناصاً ومئة عنصر من القوات النظامية تمكنوا من التسلل إلى سبعة أو ثمانية مبانٍ في شارعين رئيسين من حي صلاح الدين هما الشارع العريض وشارع الإشارات الذي يتجه نحو دوار صلاح الدين». وأضاف أنه بات في إمكانهم «أن يسيطروا بالنار على الشارعين». وفي مدينة حمص (وسط)، قتل خمسة أطفال في حي دير بعلبة، بينما قتل أربعة مدنيين إثر القصف على مزارع مدينة الرستن بالريف. كما هاجمت مجموعة من المقاتلين المعارضين حقلاً نفطياً في ريف دير الزور واشتبكت مع القوات المكلفة حمايته، ما تسبب بمقتل ستة عناصر من هذه القوات واربعة مقاتلين معارضين، بحسب المرصد السوري. وتم خلال العملية ايضاً اسر عدد من عناصر القوات النظامية. وذكرت لجان التنسيق المحلية ان الجيش الحر تمكن من «أسر تسعة جنود من جيش النظام بينهم رقيب» خلال الهجوم. في محافظة إدلب (شمال غرب)، ذكر المرصد أن اشتباكات تدور على طريق أريحا - سراقب بين مقاتلين معارضين وجنود قافلة عسكرية متجهة إلى حلب وسط «معلومات أولية عن إعطاب بعض آليات القافلة».