عرضت سويسرا التوسط لدى كوريا الشمالية في ظل تصاعد حدة التوتر في شبه الجزيرة الكورية بعد العقوبات التي فرضتها الأممالمتحدة على بيونغيانغ رداً على تجربة نووية أجرتها في شباط (فبراير) الماضي. وقالت ناطقة باسم وزارة الخارجية السويسرية، إن الوزارة أجرت اتصالاً مع السلطات الكورية الشمالية أخيراً، لكنها أضافت أنه لا توجد أي خطط حالياً لإجراء محادثات. وذكرت الناطقة في بيان أن «سويسرا على استعداد للمساهمة في تهدئة الوضع في شبه الجزيرة الكورية، وهي مستعدة دائما للمساعدة في إيجاد حل، إذا كانت هناك رغبة لدى الأطراف (المعنية)، مثل استضافة اجتماعات بينها». وأطلقت كوريا الشمالية تحذيرات شديدة اللهجة بشن حرب وشيكة على كوريا الجنوبيةوالولاياتالمتحدة ودعت الديبلوماسيين يوم الجمعة إلى النظر في مغادرة بيونغيانغ. وغالبا ما تتوسط سويسرا التي تلتزم الحياد لحل الصراعات الدولية أو استضافة محادثات السلام وساهمت خلال السنوات الأخيرة في التوسط لإبرام اتفاق يهدف إلى حل صراع طويل الأمد بين أرمينيا وتركيا. وأشارت وزارة الخارجية السويسرية إلى أنها شاركت في أكثر من 15 جولة من مفاوضات السلام في الأعوام السبعة الماضية من بينها مفاوضات في السودان وكولومبيا وسريلانكا وأوغندا ونيبال. ويعتقد أن زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون قضى سنوات عدة في سويسرا للدراسة تحت اسم مستعار. وتولى كيم الثالث الحكم في كانون الأول (ديسمبر) 2011 بعد وفاة والده كيم جونغ إيل. على صعيد آخر، سعت الولاياتالمتحدة إلى التهدئة في مواجهة كوريا الشمالية بإرجائها تجربة صاروخ نووي باليستي قد تؤدي إلى تأجيج التوتر في شبه الجزيرة الكورية حيث نصبت بيونغيانغ صاروخين يمكن أن يطاولا أراضي يابانية وأميركية. وأعلن مسؤول في وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) السبت، تأجيل تجربة صاروخ نووي باليستي عابر للقارات كانت مقررة الأسبوع المقبل من قاعدة فاندنبرغ في ولاية كاليفورنيا. واضاف هذا المسؤول أن وزير الدفاع تشاك هاغل قرر تأجيل تجربة إطلاق الصاروخ «مينيوتمان 3» حتى الشهر المقبل لأنها «قد تفسر بأنها تهدف إلى تأجيج الأزمة الجارية مع كوريا الشمالية». وأوردت وسائل الإعلام اليابانية امس، أن وزير الدفاع ايتسونوري اونوديرا سيصدر أمراً «خلال يوم أو يومين» بإسقاط أي صاروخ كوري شمالي يوجه إلى الأرخبيل الياباني. الصين وفي هذا الإطار، قال الرئيس الصيني شي جينبينغ إنه لا يملك أي بلد الحق في دفع آسيا إلى الفوضى، من دون أن يذكر كوريا الشمالية أو الولاياتالمتحدة، وذلك في أجواء من التوتر الشديد في شبه الجزيرة الكورية. وقال شي: «من غير المسموح لأحد دفع المنطقة، إن لم يكن العالم، إلى الفوضى بسبب أنانيته». وأضاف: «علينا التحرك بالتشاور لتذليل الصعوبات الكبرى من أجل ضمان الاستقرار في آسيا» التي «تواجه تحديات جديدة طالما أن هناك قضايا حساسة وتهديدات أمنية تقليدية وغير تقليدية». ودعا شي، الذي كان يتحدث بحضور عدد من رؤساء الدول في المنتدى الاقتصادي السنوي في بواو الجزيرة الواقعة جنوب هينان الصينية، الأسرة الدولية إلى الدفاع عن «رؤية الأمن الشامل والمشترك والتعاوني». في الوقت ذاته، قال الناطق باسم وزارة الخارجية هونغ لي في بيان: «إن الحكومة الصينية طلبت من كوريا الشمالية ضمان أمن الديبلوماسيين الصينيين في كوريا الشمالية، تطبيقاً لاتفاقية فيينا والقانون والأعراف الدولية». وأضاف أن السفارة الصينية في بيونغيانغ تعمل «كالمعتاد». وعبر وزير الشؤون الخارجية الصيني وان يي، في اتصال هاتفي مع الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، عن «قلقه الكبير» إزاء التوترات المتصاعدة في شبه الجزيرة الكورية. بريطانيا تدعو إلى الهدوء إلى ذلك، قال وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ إنه لا توجد مؤشرات على تحريك كوريا الشمالية لقواتها المسلحة رغم التصريحات الحربية لبيونغ يانغ، داعياً بالتالي إلى «الهدوء». وأوضح هيغ في تصريحات لهيئة الإذاعة البريطانية: «لم نر قوات (كورية شمالية) يعاد تمركزها أو قوات برية تعيد انتشارها وهو ما نتوقع رصده في فترة تسبق هجوماً» عسكرياً. وأضاف متوجهاً إلى المجتمع الدولي: «لهذا السبب من المهم أن نبقى هادئين لكن أيضاً حازمين وموحدين». كما أكد الوزير البريطاني أنه لا توجد «ضرورة آنية» لسحب الديبلوماسيين البريطانيين من بيونغ يانغ رغم التوتر في شبه الجزيرة الكورية. إلغاء اجتماع كوري - أميركي من جهة أخرى، أعلن مسؤول في سيول أن كوريا الجنوبيةوالولاياتالمتحدة أرجأتا اجتماعاً عسكرياً مهماً كان يفترض أن يعقد منتصف الشهر الجاري في واشنطن بطلب من سيول بسبب أجواء التوتر في شبه الجزيرة الكورية. وكان رئيس أركان الجيوش الأميركية الجنرال مارتن ديمبسي ونظيره الكوري الجنوبي الجنرال جونغ سونغ-جو سيناقشان السياسة المشتركة في مواجهة كوريا الشمالية وقضايا أخرى خلال محادثاتهما السنوية في 16 الجاري. وقال ناطق باسم هيئة الأركان الكورية الجنوبية، إن «قرار تأجيل الاجتماع اتخذ بسبب الوضع الحالي الخاص لدفاعنا الوطني». وأفادت وكالة الأنباء الكورية الجنوبية «يونهاب»، أن كوريا الجنوبية قلقة من احتمال حدوث عمل استفزازي كوري شمالي في غياب رئيس الأركان عن البلاد. وكانت كوريا الشمالية نصبت صاروخاً ثانياً متوسط المدى على ساحلها الشرقي، ما أثار مخاوف من عملية إطلاق وشيكة، وحذرت من أنها لا تستطيع أن تضمن أمن البعثات الدبلوماسية في بيونغ يانغ اعتباراً من العاشر من الجاري. لكن يبدو أن الديبلوماسيين الأجانب العاملين في بيونغيانغ قرروا السبت البقاء فيها على رغم هذا التحذير. وأعلنت الحكومات الأجنبية المعنية إلى أنها لا تنوي سحب موظفيها حالياً، بما في ذلك الدول السبع الأعضاء في الاتحاد الأوروبي الممثلة في كوريا الشمالية، أي ألمانيا وبريطانيا والسويد وبولندا ورومانيا وتشيخيا وبلغاريا. ولخصت لندن الشعور العام بالقول إن هذه التحذيرات أقرب إلى «الخطابة» منها إلى تهديد حقيقي، على حد قول الناطق باسم وزارة الخارجية البريطانية. وقال مصدر أوروبي إنه سيعقد اجتماع لسفراء الدول ال27 الأعضاء في الاتحاد الأوروبي حول كوريا الشمالية اليوم في بروكسيل. ولا تفكر الأممالمتحدة كذلك في إجلاء موظفيها. وقال الناطق باسم المنظمة الدولية في نيويورك مارتن نيسيركي، إن موظفي الأممالمتحدة في كوريا الشمالية «يبقون ملتزمين عملهم الإنساني والتنمية في جميع أنحاء البلاد».