ذهب أعضاء وجاء آخرون في مجلس الشورى، والمواطنون يتفاءلون ويحسنون الظن في أن ينحاز الأعضاء إلى همومهم، ومعاناتهم الحياتية، وما زالوا يحسنون الظن في هذا المجلس وأعضائه، لكن الأعضاء لا يفتؤون يباغتونك بنوادرهم، واقتراحاتهم، ولعل من هذه الاقتراحات، التي أثارت حفيظة المواطنين، الاقتراح الذي تقدم به أحد الأعضاء برفع أسعار البنزين، ليزيد من عناء المواطنين في عقر دار النفط ليكون المواطن متساوياً مع غيره من المواطنين في البلدان الأخرى في أسعار البنزين، والسبب، كما يقول: هو تهريب البنزين وبيعه في السوق السوداء، ما يسبب هدره واستنزافه، مع أن هذا الاقتراح كان من المفترض أن يوجه للمعنيين بمكافحة التهريب وضبط الموانئ، والجمارك في المنافذ البرية والبحرية وإحلال قبضة الأمن في السيطرة على هذه المسألة، إلا أن السيد عضو الشورى أخذ المسألة من أقصر أبوابها ولم يجد أمامه سوى هذا المواطن الغلبان الذي يدفع ثمن الأخطاء المرتكبة من الآخرين، وهو الذي يجب أن يؤدب وتترك الأمور من دون معالجة الأسباب الجوهرية، وصرف النظر عنها، وتوجيه مسبباتها للمواطن، صاحب هذا الاقتراح لا يختلف عن أولئك الأعضاء الذين عارضوا رفع رواتب المتقاعدين، وتحديد الحد الأقصى لرواتب السعوديين في المنشآت الخاصة، وكما اقترح أحد الأعضاء السابقين حماية أشجار الآراك من الانقراض، فهذا أيضاً يخشى على النفط من النضوب بسبب استهلاك المواطن. لكن المقترح الذي تقدم به بعض الأعضاء في شأن حقوق الموظف بعد نهاية الخدمة، وللإنصاف لابد من الإشادة به، فهو أول اقتراح أجده يصب في مصلحة المواطن، وما المانع أن يصرف للمواطن راتباً كاملاً عن كل سنة خدمة، فالدولة قادرة على ذلك، وما كان هناك داعٍ لأن تكون الأعوام الخمسة الأولى بنصف راتب. أما موافقة المجلس على ضوابط البت في قضايا غياب بعض المستأجرين، أو هروبهم وفي ذممهم إيجارات متبقية مع ترك العين مقفلة، وإعطاء إمارات المناطق سلطة معالجة إخلاء العين، فهذا قرار جيد يضمن للمالك حقوقه، ولكن أين هي المعالجات لحقوق المستأجر الذي دخل بعقد 17 ألف ريال في العام، وصاحب الملك يزيد عليه الإيجار كل عام حتى وصل إلى 30 ألفاً في العام والزيادة مستمرة سنوياً، أين هي حقوق هذا المستأجر ومن يحميه من جشع المؤجر؟ ربما هذه الأفكار لا تخطر على بال الأعضاء لأنهم كلهم يمتلكون منازل، لا تجعلهم يشعرون بمعاناة 64 في المئة من السكان السعوديين الذين لا يمتلكون سكناً. عندما جاء الأعضاء الجدد، هناك من كتب عنهم تمجيداً، وهناك من كتب عنهم ترحيباً، وبين هؤلاء وهؤلاء يقف المواطن صامتاً ينتظر ماذا سيقدمه له هؤلاء الأعضاء، فالمواطن يهمه أن يتنازل هؤلاء إلى مستوى تطلعاتهم، وأن يُعملوا فكرهم في تحقيق رفاهيتهم، وأن يجعلوا أنفسهم في معركة حياته بمعالجة البطالة، والفقر، ومناقشة أحوال التعليم وطرح المقترحات في تطويره وتدويره من حال الفشل التي يعانيها، والبحث عن حلول لمحاربة الغلو والتطرف والتنابز بالألقاب، والأعراق، الطافحة على مفارق الوطن، والقضاء على العنصرية بين المواطنين أنفسهم، بالبرامج الهادفة إلى رفع مستوى الوعي، وأن الوطن لجميع طوائفه «سنة، وشيعة»، بتجريم الطائفية، وإيجاد قوانين تحد من انتهاك كرامة المرأة، وتمكينها من حقوقها المشروعة، وحفظ حقوق الأبناء، ومحاربة الفساد بشتى أنواعه وصوره، واقتلاعه من رأس هرمه بإصلاح القضاء الذي أسيء استخدامه من بعض ضعفاء النفوس، وأعتقد، ومن وجهة نظري الشخصية، هذه هي أهم الملفات الساخنة للشورى. [email protected] @zainabghasib