بعدما لاحت أزمة خانقة هددت تنفيذ «خريطة الطريق» التي اتفق عليها الزعيم المُعتقل لحزب العمال الكردستاني عبدالله أوجلان وجهاز الاستخبارات التركية، لنزع سلاح حزبه وتسوية القضية الكردية سياسياً، أوفد رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان رئيس الاستخبارات هاكان فيدان إلى سجن إمرالي حيث يُحتجز أوجلان، لإيجاد مخرج للأزمة التي ظهرت بعد رفض مسلحي الحزب الانسحاب من تركيا، إلا بعد ترتيبات قانونية للبرلمان التركي، تنظّم العملية وتقدّم ضمانات بعدم ملاحقة المنسحبين. كما أوفد أردوغان في شكل مفاجئ، وفداً رابعاً من «حزب السلام والديموقراطية» الكردي إلى أوجلان، بعد تسريب معلومات عن اتفاق مع زعيم «الكردستاني» على أن يدعو أنصاره إلى التخلي عن شرطهم وأن يتركوا أسلحتهم في مكانها وينسحبوا بهدوء، وأن تشرف الاستخبارات التركية على الانسحاب، لتؤمن عدم حدوث أي مشكلات. وكان الوفد يستعد لزيارة خاصة، للاحتفال مع أوجلان بعيد ميلاده الذي يصادف اليوم، لكنه اضطُر للذهاب مبكراً، لمناقشة مشكلة الانسحاب. وكان أردوغان ورئيس البرلمان جميل شيشيك رفضا اشتراط الجناح العسكري ل «الكردستاني» لسحب مسلحيه، إقرار ترتيبات قانونية أو وضع قانون في البرلمان يؤمن عملية الانسحاب، إذ من شأن ذلك تقديم اعتراف رسمي بالحزب وجعله نداً سياسياً شرعياً. ويحرص أردوغان على تقديم التفاهم مع أوجلان، بصفته مبادرة من «الكردستاني» لإلقاء السلاح والجنوح إلى تسوية سلمية، معتبراً أن الحكومة لن يكون لها دور، إلا بعد إلقاء الحزب سلاحه، بحجة أنها لا تتفاوض مع منظمات إرهابية. في غضون ذلك، شدد الرئيس عبدالله غل على أهمية إشراك المعارضة في أي تسوية سياسية للقضية الكردية، محذراً من إقصائها أو تهميشها. أتى ذلك بعد حملة رفض وتخوين قوية شنتها المعارضة البرلمانية، بشقيها القومي واليساري الأتاتوركي، على أردوغان بسبب الاتفاق مع أوجلان، إذ تعتقد أنه سيحوّل تركيا نظاماً فيديرالياً ويمهد لتقسيمها وإنهاء صيغة الدولة القومية فيها. وانتقدت المعارضة أيضاً تشكيل أردوغان «لجنة حكماء» تضم 63 شخصاً، بينهم صحافيون وفنانون ورجال أعمال، إذ دعا ناطق باسم «حزب الشعب الجمهوري» الأتاتوركي إلى تحديد «وظيفة اللجنة وآلية اختيار أفرادها» الذين يتمتع غالبيتهم بعلاقة جيدة مع الحكومة. كما انتقد «حزب السلام والديموقراطية» الكردي تركيبة اللجنة، مذكراً بتجاهل الحكومة اقتراحاً في هذا الصدد طرحه أوجلان قبل سنوات. وانتقدت صحف معارِضة «استخدام» الحكومة أوجلان عند كل مشكلة، معتبرة ذلك «مسرحية هدفها إظهاره في صورة بطل يواجه صقور الجناح المسلح لحزبه، من أجل السلام». وبدأ حزب «العدالة والتنمية» الحاكم الترويج، إعلامياً وسياسياً، لمسودة دستور اقترحها في البرلمان، يفترض أن تتضمن تسوية جذرية للقضية الكردية، من خلال تعديل مواد تعريف المواطنة والإدارة المحلية، وتروّج لجعل نظام الحكم في تركيا رئاسياً.