تستعد تركيا لاستقبال رسالة «تاريخية»، من الزعيم المعتقل ل «حزب العمال الكردستاني» عبدالله أوجلان في رأس السنة الكردية (النوروز) بعد غد الخميس، يدعو فيها إلى نبذ السلاح إلى الأبد وتسوية القضية الكردية بوسائل سلمية، لإنهاء نزاع دموي استمر نحو أربعة عقود. وكشف رئيس «حزب السلام والديموقراطية» الكردي صلاح الدين دميرطاش، بعد زيارته على رأس وفد برلماني كردي، لأوجلان في سجنه في جزيرة إمرالي، أن الأخير سيسلّم الحزب قريباً خطاباً خطياً لتلاوته على الملأ خلال احتفالات «النوروز» في دياربكر بعد غد، يؤكد فيه نيته تسوية القضية الكردية من دون سفك دماء، وأنه سيدعو مسلحي «الكردستاني» إلى وقف كامل لإطلاق النار وانسحاب تدريجي من تركيا إلى شمال العراق. وتلا دميرطاش رسالة من أوجلان، ورد فيها: «أُعِدّ لتوجيه نداء في 21 آذار (مارس) الذي يصادف الاحتفالات بعيد النوروز، وسيكون هذا الإعلان تاريخياً». وأضاف: «سيشمل النداء معلومات مرضية تتّصل بالبعدَين العسكري والسياسي للتسوية. أريد تسوية مشكلة الأسلحة بسرعة، ومن دون إهدار وقت أو مزيد من الأرواح... تتقدّم العملية الحالية على المسار الصحيح، وهدفنا إرساء الديموقراطية في كل تركيا». وورد في الرسالة: «إن مساندة البرلمان والأحزاب السياسية لن تُقدّر بثمن، لتطبيق ذلك. وليتمّ الانسحاب سريعاً، وليكون السلام دائماً. آمل بأن يفي البرلمان التزامات مهمته التاريخية، بالوتيرة ذاتها». ويُتوقّع أن يسلّم أوجلان رسالته الخطية إلى الاستخبارات التركية غداً، لتسلِّمها إلى «حزب السلام والديموقراطية» من أجل تلاوتها خلال احتفال ضخم سيُقام في دياربكر بعد غد، إحياءً ل «النوروز». وكان أوجلان توصل إلى خطة سلام، بعد مفاوضات استمرت شهوراً في سجنه، مع رئيس جهاز الاستخبارات التركية هاكان فيدان. وتنصّ الخطة على نزع سلاح «الكردستاني» وانسحاب مسلحيه إلى شمال العراق، في مقابل اتفاق على تسوية سياسية للقضية الكردية في تركيا، تستند إلى تعديلات دستورية جذرية تشمل تغيير التعريف الدستوري للمواطن التركي، بحيث لا يشير إلى أي عرق أو مذهب أو طائفة. وتوسّع التعديلات قانون الإدارات المحلية بما يتناسب مع ما تطبّقه دول الاتحاد الأوروبي، بدل الطرح الكردي القديم الذي اشترط وضع دستور جديد ينص على أن الأتراك والأكراد هم المكوّنان العرقيان الأساسيان في الجمهورية التركية، ويضمن نظاماً فيديرالياً مناطقياً يتيح للأكراد حكماً ذاتياً في جنوب شرقي البلاد حيث غالبية كردية من السكان. وعلى رغم أن أوساطاً كردية اعتبرت هذه التسوية تراجعاً وتنازلاً عن المطالب التاريخية للأكراد، إلا أن الجناح العسكري ل «الكردستاني» أعلن مساندته أوجلان ووجّه إليه رسالة خطية أكد فيها التزامه خطة التسوية لوقف النار، لكنه طالب بتمديد فترة الانسحاب من تركيا وإلقاء السلاح تدريجاً، من ستة أشهر إلى سنتين، مشدداً على وضع آليات لضمان التزام حكومة رجب طيب أردوغان الخطة التي أيدتها أيضاً القيادات السياسية الكردية. في المقابل، أعلن أردوغان استعداده لخوض أضخم مغامرة سياسية لمساندة أي تسوية سلمية للقضية الكردية، مهما كلّفه ذلك. لكن المعارضة البرلمانية، بشقيها القومي واليساري الأتاتوركي، تشترط كشف كل تفاصيل الاتفاق بين فيدان وأوجلان، محذرة من التزامات سرية قد تكون قدّمتها الحكومة، بعد «تنازلها» عن شرط رفض التفاوض مع «إرهابيين»، وقبولها حواراً مباشراً مع أوجلان. وحذرت المعارضة من وضع خطر ومتأزم، في حال تفرّدت الحكومة بالتفاوض مع أوجلان ووضع تسوية سياسية، متهمة أردوغان بالسعي إلى «نصر» سياسي لتمرير دستور جديد يجعل النظام رئاسياً في تركيا، ويمنح صلاحيات واسعة للرئيس العتيد... الذي يُرجّح أن يكون أردوغان. في غضون ذلك، طالب النائب العام في اسطنبول بعقوبة السجن المؤبد للرئيس السابق للأركان التركي الجنرال إيلكر باشبوغ، إضافة إلى 9 متهمين آخرين، بينهم جنرالات، لاتهامهم بالتآمر لإسقاط حكومة أردوغان العام 2007، في ما عُرِف بتنظيم «أرغينيكون» الانقلابي.