لم تستقر المشاورات الجارية بين الأطراف السياسية اللبنانية الرئيسة على موقف موحد في داخل كل من فريقي «8 آذار» و «14 آذار» والكتلة الوسطية التي يمثلها رئيس «جبهة النضال الوطني» وليد جنبلاط، من العناوين السياسية المتعلقة بمهام الحكومة اللبنانية العتيدة واسم الرئيس المكلف في نهاية الاستشارات النيابية الملزمة التي سيجريها رئيس الجمهورية ميشال سليمان مع الكتل النيابية يومي الجمعة والسبت المقبلين لتشكيل هذه الحكومة. وعلمت «الحياة» من مصادر سياسية مواكبة لهذه المشاورات انها ما زالت في طور التأسيس لمواقف واضحة من اسم الرئيس المكلف وطبيعة ودور الحكومة الجديدة، وانها «في حاجة الى مزيد من الاتصالات لبلورة المواقف النهائية» قبل بدء الاستشارات النيابية التي سيتولاها الرئيس سليمان الذي أكد بعد خلوة عقدها أمس مع البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي على هامش ترؤس الأخير صلاة عيد الفصح المجيد في الصرح البطريركي في بكركي، أنه توافق معه على وجوب اجراء الانتخابات النيابية في موعدها. وإذ اعتبر رئيس الجمهورية أن «اجراء الانتخابات وفق قانون الستين الذي يرفضه معظم اللبنانيين خطأ كبير فإن عدم اجرائها والتمديد للبرلمان خطيئة كبرى وان الدخول في الفراغ هو خطيئة مميتة»، أكد في المقابل أنه لن يوقع على قانون يمدد للمجلس النيابي وان «باستطاعة حكومة تصريف الأعمال اجراء الانتخابات لأن الدستور ينص عليها ولن يكون في استطاعة أحد أن يعطلها». وحدد سليمان مهمات الحكومة المقبلة بإجراء الانتخابات وصون الأمن في لبنان والحد من تداعيات الأزمة السورية عليه وتطبيق اعلان بعبدا. وقال إنه سيدعو في المقابل الى الحوار باعتباره «مساراً مستقلاً عن تشكيل الحكومة»، مؤكداً أنه «يحق لرئيس الجمهورية أن يناقش ويوجه في الاستشارات النيابية الملزمة التي يجريها على قاعدة التزامه بالدستور». وكشفت المصادر السياسية أن بعض الأطراف سارعت الى التكهن بأن جنبلاط يميل الى ترشيح رئيس الحكومة المستقيلة نجيب ميقاتي لإعادة تشكيل الحكومة الجديدة، «وبالتالي أخذت تروج أن لا تعديل في المعادلة السياسية التي كانت وراء تأليف الحكومة المستقيلة، مع أنه ما زال يدرس موقفه ويقوم بمشاورات بعيدة عن الأضواء تجلت أخيراً بإيفاد الوزير وائل أبو فاعور الى المملكة العربية السعودية للقاء كبار المسؤولين فيها للتشاور في طبيعة الوضع الراهن في لبنان الذي يمر حالياً في حقبة سياسية خاصة فرضتها استقالة الحكومة». وافادت المصادر بان احتمال لقاء أبو فاعور، خلال وجوده في السعودية، رئيس «تيار المستقبل» رئيس الحكومة السابق سعد الحريري قائم، على رغم ان لا شيء نهائياً في هذا الخصوص. واستغربت المصادر عينها قول بعض الأطراف في 8 آذار إنها لم تحسم موقفها من الحكومة، وهي تنتظر الآن ماذا سيقول «تيار المستقبل» في ضوء المشاورات التي جرت في الساعات الماضية بين الحريري ورئيس كتلة «المستقبل» رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة في حضور عدد من قيادات «المستقبل». وعزت السبب الى ان هذه المشاورات لم تكن مخصصة للخروج بموقف نهائي من الحكومة الجديدة أكان تكليفاً أم تشكيلاً. وقالت إنها لم تتطرق بالتفصيل الى هاتي المسألتين وانما تمحورت حول استعراض طبيعة المرحلة السياسية وأبرز محطاتها وشكلت مناسبة للتداول فيها. وأكدت أن الحريري تداول مع قيادات «المستقبل» في هذه العناوين، وقالت ان هناك جولة جديدة من المشاورات وإنما بعد انتهاء الأول من المشاورات التي سيجريها مع حلفائه في 14 آذار وتحديداً حزبي «الكتائب» و «القوات اللبنانية»، والمستقلين. ولفتت الى ان مشاورات الحريري مع حلفائه «ستؤدي حتماً الى بلورة موقف موحد يفسح في المجال أمام التشاور تمهيداً لإعلانه قبل بدء الاستشارات النيابية الملزمة». وسألت المصادر عن موقف رئيس «تكتل التغيير والإصلاح» العماد ميشال عون، وعما إذا نجحت المساعي التي تقوم بها قيادة «حزب الله» لتنقية الأجواء بينه وبين رئيس المجلس النيابي نبيه بري وآخرين من قوى 8 آذار. وأوضحت أن الحزب «ماضٍ في وساطته بين بري الذي يمضي حالياً فترة نقاهة بعد العملية الجراحية التي أجريت له، وبين العماد عون الذي يتردد في ترشيح ميقاتي لرئاسة الحكومة والذي يربط عودته عن قراره بشروط». لكن المصادر سألت أيضاً عن كيفية التوافق على المضامين السياسية للبيان الوزاري بصرف النظر عن اسم الرئيس المكلف تشكيل الحكومة، وقالت: «كيف يمكن الجمع في هذا البيان بين الشيء ونقيضه أي بين اعلان بعبدا وإصرار حزب الله على اعادة تعويم معادلة الجيش والشعب والمقاومة». واعترفت بأن المهمة «ستكون أكثر من صعبة للتوفيق بين مرجعية الدولة في السلاح كما نص عليها اعلان بعبدا» وبين معادلة الجيش والشعب والمقاومة».