اغتنم البابا فرنسيس أمس، أول قداس يرأسه بعيد الفصح خلال حبريته، للدعوة إلى السلام في العالم، وخصّ بالذكر الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي والتوتر بين الكوريتين، والحرب في «سورية العزيزة» حيث حضّ على التوصل إلى «تسوية سياسية». ورأس البابا قداساً في ساحة القديس بطرس، حضره أكثر من 40 ألف مؤمن، ثم جال في سيارته المكشوفة البيضاء «باباموبيلي» بين الحشد الذي صفّق له، ملوّحاً بأعلام. وعانق البابا شاباً معوقاً، وقبّل أطفالاً ورَبَتَ على رؤوس أولاد. وأصرّ معجبٌ بالبابا، وبنادي سان لورنزو الأرجنتيني الذي يشجعه الحبر الأعظم، على أن يأخذ البابا قميصاً للفريق كان المشجع يلوّح به أمام البابا الذي أمسك القميص لفترة وجيزة، وسط تصفيق الحشد. وحيّا البابا الكرادلة الحاضرين، فرداً فرداً، لكنه لم يذكر اسم البابا المتقاعد بنديكتوس السادس عشر الذي احتفل بالفصح في كاستل غاندولفو، وهو مقرّ صيفي للباباوات على تلة جنوب شرقي روما. وسيكسر البابا فرنسيس تقليداً، إذ لن ينتقل بعد الاحتفال بعيد الفصح، للاستجمام في كاستل غاندولفو الذي بات مقراً لسلفه. وكان الفاتيكان أعدّ لائحة تهنئة بالفصح، سيتلوها البابا ب 65 لغة، لكن الأخير عَدَلَ عن ذلك، مكتفياً بالتعبير عن تمنّيه بفصح مجيد باللغة الإيطالية. ولم يوضح الفاتيكان سبب ذلك، ولكنه أشار إلى أن البابا مرتاح الآن لدوره الجديد في استخدام اللغة الإيطالية المعتمدة في الكرسي الرسولي. وألقى البابا عظته من شرفة كاتدرائية القديس بطرس، متوجهاً إلى ربع مليون مؤمن احتشدوا في ساحة القديس بطرس وعلى جادة ديلا كونشيلياتسيوني، وقال: «رحمة الله يمكن أن تزهر في الأرض الأكثر جفافاً، وأن تعيد الحياة إلى العظام المتيبسة». ووصف الفصح بأنه «عبور البشر من عبودية الخطيئة والشرّ، إلى حرية الحب والخير». وحضّ البشر على أن يكونوا «أدوات رحمة وأقنية يمكن أن يروي الله الأرض عبرها»، مجدداً دعوته إلى «السلام في العالم الذي ما زال منقسماً إلى حد كبير، بسبب جشع الذين يسعون إلى مكاسب سهلة، ومن الأنانية التي تهدد الحياة الإنسانية والعائلة، والمتمثلة في الإتجار بالبشر وهي أوسع أشكال العبودية في القرن الحادي والعشرين». وانتقد «العنف المرتبط بتهريب المخدرات والاستغلال الجائر للموارد الطبيعية»، وحضّ الجميع على أن يكونوا «حراساً» على الكون. وتطرّق البابا في عظته إلى «السلام في الشرق الأوسط، وخصوصاً بين الإسرائيليين والفلسطينيين الذين يكافحون لتلمّس طريق اتفاق»، داعياً الجانبين إلى «معاودة المفاوضات بإرادة وشجاعة، لإنهاء صراع استمر طويلاً جداً». وأضاف: «سلام في العراق حيث يجب وقف كل فعل عنف، وخصوصاً لسورية العزيزة، لشعبها الممزّق بالنزاع وللاجئين كثيرين ينتظرون مساعدة وعزاءً. كم سُفكت دماء! وإلى أي مدى يجب أن تستمر المعاناة، قبل إيجاد تسوية سياسية للأزمة؟». ودعا البابا إلى «السلام في أفريقيا التي ما زالت تشهد نزاعات عنيفة»، معرباً عن أمله بأن تستعيد مالي «وحدتها واستقرارها». كما أشار إلى جمهورية الكونغو الديموقراطية وجمهورية أفريقيا الوسطى حيث «يُضطر كثر إلى مغادرة منازلهم والعيش في خوف». ولفت إلى «هجمات محزنة» في نيجيريا حيث ذكّر باحتجاز «مجموعات إرهابية، رهائن، بينهم أطفال». وأمِل البابا بإحلال «السلام في آسيا، وخصوصاً في شبه الجزيرة الكورية، لتجاوز الخلافات وإنضاج روح متجددة من المصالحة»، في إشارة إلى إعلان كوريا الشمالية أنها «في حال حرب» مع الشطر الجنوبي. في غضون ذلك، دعا بطريرك القدس للاتين المونسنيور فؤاد طوال في عظة الفصح، البابا فرنسيس إلى زيارة الأرض المقدسة، فيما احتفل عراقيون بالعيد، معربين عن أمل بأن يزور البابا «المتواضع والطيب» بلادهم.