استعادت الأسر السعودية، أمس، معاناتها المتكررة مع نهاية كل إجازة مدرسية، سواءً أطالت مدتها أم قصرت، والمتمثلة في صعوبة إعادة ضبط «الساعة البيولوجية» لأبنائهم وبناتهم إلى وضعها الطبيعي، والاستيقاظ المبكر بعد نحو 10 أيام من الاعتياد على السهر حتى الفجر، ومع عودة الطلبة، أمس، إلى مقاعد الدراسة، عاشت الأسر من جهة، وكذلك المؤسسة التربوية، ممثلة في المدرسة، مجموعة من المواقف منها: «العزوف» عن الحضور في أول يوم دراسي. أما من حضروا فكان «الخمول» و«التعب» ظاهرين على كثير منهم. وينشغل القطاع التربوي، وأولياء الأمور، بالنقاش حول الطريقة المُثلى لضمان عودة الطلاب إلى مقاعد الدراسة برغبة وحماس، والتغلب على حال الضجر والملل الذي يصيبهم في يومهم الدراسي الأول الذي ربما يدفع بعضهم إلى التفكير في غياب الأسبوع الأول كاملاً، متذرعين ب «حجج واهية». ويشير تربويون إلى حال من «التقصير» تتحمله الأسرة، عبر ترك الاختيار للأبناء في تحديد أوقات نومهم، وعدم حثهم على النوم المبكر. ما يتسبب في عدم إراحة العقل ليتهيأ للعودة إلى الدراسة من جديد، وفي الطرف المقابل يرى الطلبة أنفسهم «ضحية»، ولكن ليس ل «السهر»، بل «ضحية عدم تقدير بعض المعلمين والمعلمات لنفسية الطلبة، نظراً لمبادرتهم بالشرح وتكليف الطلاب بالواجبات منذ الحصة الأولى، من دون أن تكون هناك أي تهيئة لهم». فيما يرى بعضهم أن حفلات الاستقبال التي تجرى في اليوم الدراسي الأول، «تساعد على التأقلم بشكل تدريجي». وما بين عتب التربويين على الأسر، وبين عتب الطلبة على معلميهم، «تبقى المشكلة قائمة من دون حل»، بحسب قول اختصاصية طب الأسرة الدكتورة ابتسام الخضيري، التي تقول: «يتواصل الدوران في حلقة مفرغة، فما يجري في الأيام الأولى بعد العودة للدراسة ليس وليد اللحظة، بل نتيجة متوقعة لتراكم سابق حول سوء تنظيم الوقت لدينا بشكل عام، فمجريات شؤوننا كافة تنطلق في وقت متأخر، سواءً أكنا في إجازة، أم كنا على رأس العمل، إلا أن الفارق الوحيد في وقت الإجازة أننا نطلق العنان لأنفسنا كثيراً». وتوضح الخضيري، ل «الحياة»، أن «ثقافة استثمار الإجازة مفقودة، وتُبنى بناء على ما نراه من سوء استغلال لها، فهي فترة نقاهة يتم من خلالها الترويح عن النفس، واستكشاف ما هو جديد من أماكن ومناطق، إضافة إلى زيارة الأهل والأقارب الذين يتعذر الوصول إليهم خلال فترة العمل أو الدراسة»، مؤكدة على أن يتم «استقطاع جزء من الإجازة، لتطوير الذات وتعلم مهارات جديدة ونافعة على المدى البعيد». وأشارت إلى أن وجود خطة لدى التربويين، وذلك بالتنسيق مع الأسر، «يساهم في حل هذه الأزمة، بدلاً من تقاذفها بين الطرفين»، لافتة إلى أن الأسرة ينبغي عليها أن «تعيد التفكير في نمط حياتها في العطل والإجازات. كما أن دور المدرسة هو توجيه المعلمين والمعلمات بضرورة عدم تكثيف الجرعة التعليمية منذ اليوم الأول، إضافة إلى إقامة حفلات استقبال مبسطة، للتهيئة من جهة، و لزيادة التلاحم بين الطلبة وأساتذتهم من جهة أخرى».