نمت الجماعات الجهادية في مصر بعد ثورة 25 يناير وباتت فاعلاً رئيسياً في مناطق نفوذها خصوصاً شبه جزيرة سيناء، لكن المفارقة أن هذه المجموعات ترفض نهج حلفائها القدامى، وتأخذ عليهم مشاركتهم في السياسة وتشكيل الأحزاب السياسية. ولطالما تحالف كثير من قادة هذه المجموعات مع الجماعة الإسلامية في مصر التي انخرطت في العمل السياسي بحزب «البناء والتنمية»، كما اتجه السلفيون إلى العمل السياسي عبر أحزاب عدة أشهرها حزب «النور». وقال محمد الظواهري القيادي في السلفية الجهادية شقيق زعيم تنظيم «القاعدة» أيمن الظواهري ل «الحياة» إن التيار السلفي الجهادي «تيار فكري» بالأساس ويرفض العمل السياسي، أو خوض الانتخابات وتشكيل البرلمان «كما نرفض الدستور الحالي»، معتبراً أن «كل هذه الأمور تخالف الشرع». وأضاف: «نحن مجرد أنفس خلقها رب العالمين ليبتلينا أنشكر أم نكفر، خُلقنا للعبادة بالاستسلام، وسمانا نبينا إبراهيم مسلمين، لذا يجب علينا أن نكون مستسلمين، وهذا هو التوحيد والعقيدة. لا يجوز أن نسجد للصنم أو نصلي لغير الله، وكذلك لا يجوز أن نجعل الحكم إلا الله». وقال: «أحترم الحركة الإسلامية لكن اختلف معها في مسائل عدة. فالأصل أننا خُلقنا لله والحكم لله وحده، فلا يمكن أن يكون الشعب هو الحكم أو أن يأتي بالشرائع عن طريق البرلمان. هذا خرق لأساس الدين لا نشارك فيه، لكن هذا لا يعني أبداً أننا نُكفر من دخل من الحركات الإسلامية هذا المضمار. نقول هم مخطئون وارتكبوا ذنباً ومعصية لأننا نعلم أن هدفهم السعي لتطبيق شرع الله». هذه الرؤية لدى الجهاديين تلقى أخذاً ورداً في حواراتهم مع حلفائهم القدامى خصوصاً قيادات الجماعة الإسلامية. وقال مسؤول ملف العلاقات الخارجية في الجماعة الشيخ محمد ياسين ل «الحياة» إن هناك «علاقات وثيقة وصداقة بين أبناء الجماعة وأعضاء وقادة المجموعات الجهادية. وفي حواراتنا معهم، يتضح أنهم زالوا يرون أن النظام القديم يحكم، خصوصاً أن التشريعات لم تتغير»، موضحاً أن النقاش مع المجموعات الجهادية «مستمر على مدار الساعة» لأنهم شركاء في المسيرة، وهناك اتفاق على عدم إحداث أي رد فعل عنيف و «الصبر على الدولة» لأنها لا تحتاج إلى مزيد من الاضطرابات. وقال ياسين: «هناك اتفاق على عدم إحداث أي عنف، لكن ماذا في الغد؟ نسأل الله أن يُسلم ... معظم الجهاديين لا يرى رفع السلاح الآن، وهذا يعني إمكان رفعه في الغد إن تغير رأيهم، إن لم تُطبق الشريعة أو حصل تغيير جذري في القيادة، وتولى آخرون القيادة قد يحملون السلاح». وأوضح ياسين الذي ينخرط في حوارات الجماعة الإسلامية مع الجهاديين أن هذه المجموعات «ليست على فكرة واحدة أو أيديولوجية واحدة. بل هم مجموعات تتفق وتختلف في بعض الأمور، حتى في التكتيك، وتحت مسمى العمل الجهادي تنخرط فروع أو تنظيمات أو مجموعات كثيرة أُقدرها بالعشرات تضم آلافاً. لكن حالياً معظم كلماتهم وآرائهم ومناقشاتهم ترى عدم حمل السلاح، والصبر على الدولة». وزاد: «يرون أن الرئيس محمد مرسي فيه خير والمفترض أنه أتى بالمشروع الإسلامي لكن لم يقدم شيئاً لهذا المشروع، وهذا رأيهم. وأخذنا على عاتقنا في الجماعة الإسلامية فتح باب الحوار والنقاش معهم». وأوضح ياسين أن الجهاديين يرون أن هناك فرصة ذهبية «أن يحكم الإسلام بالشريعة، والإخوان لهم منهجهم في التدريج». وأضاف إن سيناء «أحد الروافد الرئيسية لهذا التيار الجهادي، لكن بحسب معلوماتي هم موجودون في القاهرة والإسكندرية وبعض محافظات الدلتا»، مضيفاً: «قد تكون سيناء مركز القوة، بل في تصوري أن بعضاً ممن يحمل هذا المنهج يغادر إلى سيناء». وحذر من أن الدولة «قد تضطر خلال سنوات قليلة إذا لم تطبق الشريعة إلى مواجهات مع هؤلاء»، مؤكداً ضرورة فتح باب الحوار مع من يحملون هذا الفكر وإزالة مظالمهم ربما من خلال عفو رئاسي عن المسجونين منهم، وهم عشرات بعضهم من القيادات، كي تُظهر الدولة «الوجه الحسن» لهم، وألا يكون لأحد منهم حجة لرفع السلاح. وشدد على أنه لا يمكن احتواء هؤلاء إلا من خلال «الحوار»، ومحاولة خلق حياة لهم بعدما دُمرت حياتهم الاقتصادية والاجتماعية.