"انتخبوا زوجة المرحوم"، "صوتوا لزوجي"، انتخبوا زوجة الشيخ"، هي بعض من الدعايات الانتخابية الخاصة بانتخابات مجالس المحافظات في العراق، التي غزت شوارعه في وقت قياسي وباتت تثير سخرية وسخط الناخبين. فبعد أيام قليلة على الاعلان عن بدء الحملات الإنتخابية في الثاني من اذار/مارس الجاري، افترشت صور المرشحين مدن المحافظات ال 15 المشمولة بالانتخابات، وخصوصاً بغداد. ومن المفترض ان تجري هذه الانتخابات في 20 نيسان/ابريل المقبل في 13 محافظة عراقية من بين 18 بعدما قررت الحكومة تاجيل الانتخابات في الانبار ونينوى لاسباب امنية، وعدم شمول محافظات اقليم كردستان الثلاث بهذه الانتخابات. ولم تستثن اللافتات التي حملت معظمها صورا كبيرة للمرشحين، اي موقع او زاوية يمكن ان توضع عليه، فعلقت والصقت على الاشجار واعمدة الانارة والجسور والجدران، وحتى على بعض السيارات. وفي المحمودية (20 كلم جنوب بغداد)، رفعت لافتة كبيرة تتوسطها صورة شخص يرتدي زياً عربياً تقليدياً، وفي زاويتها اليمنى وضعت شارة سوداء للدلالة على وفاة هذا الشخص. وفي حين ان اللافتة التي توزعت على احياء عدة من المحمودية لم تحمل سوى صورة هذا الرجل، كتب عليها بالخط العريض "انتخبوا زوجة المرحوم الشيخ...". وانتشرت لافتة في محافظة صلاح الدين (شمال بغداد) وضعت عليها صورة نائبة في البرلمان تقف الى جانب رجل وكتب فوق الصورة "انتخبوا زوجي". ودعا رجل وضع صورته على ملصق انتخابي، ليس الى انتخابه، بل الى انتخاب زوجته التي لم يتسع الملصق لصورتها. ويقول الصحافي العراقي ياسر الموسوي لوكالة فرانس برس ان "هذه الملصقات تعكس مستوى المرشحين للانتخابات". ويضيف "اذا كان هذا هو مستوى طريقة ادارتهم لحملتهم الانتخابية، بهذه السذاجة والتفاهة، فكيف ستكون ادارتهم للدولة والاهتمام بامور الناس". كما يرى علي عدنان (36 عاما) وهو موظف حكومي ان الانتخابات باتت "عملية انتخاب بالوكالة". ويتابع "يبدو ان هؤلاء يريدون تشكيل عائلات سياسية على حساب الشعب". وفي بغداد، عمد معظم المرشحين عن القائمة المدعومة من رئيس الوزراء نوري المالكي، الى وضع صورته الى جانب صورهم، في محاولة للايحاء للناخبين بانهم على علاقة وطيدة به، علما ان بعض هؤلاء لم يلتقوه ابدا. كما وضعت احدى المرشحات صورتها الى جانب صورة رجل سياسي بارز، وكتبت عليها "مرشحة الدكتور...". وفي ملصق دعائي اثار سخط كثير من العراقيين، وضع مرشح اية قرانية فوق صورته وعمد الى ابراز كلمة وردت في هذه الاية، هي نفس اسم عائلته، حتى يوهم الناس بان اسم عائلته ورد في القرآن. وعمدت بعض المرشحات الى وضع اسمائهن على اللافتات الانتخابية، من دون ان يوضعن صورهن، حيث استبدلن صورهن بعباءة وضع في مكان الوجه فيها هالة بيضاء. وعلق شخص يدعى علي على هذه اللافتة التي انتشرت على موقع "فيسبوك" كاتبا "انتخبوا الولية الصالحة التي لم يرها بشر الا وقضت حاجته، ومن كفاءتها انها بقراءة الادعية ستبلط الشوارع". ويقول الموظف الحكومي احمد تعليقا على استخدام الدين في الدعاية الانتخابية "هذه محاولات يائسة من المرشحين الذين ليس لديهم تاريخ حقيقي في خدمة الناس، والذي يستخدم الدين بهذا الشكل انسان فارغ ومفلس". والى جانب الاستعانة بالدين والاقرباء، الميتين منهم والاحياء، حملت بعض الملصقات حسا فكاهيا. ففي محافظة ديالى (شمال شرق بغداد)، وزع عازف عود بوسترا انتخابيا له وهو يحمل عوده، وكتب عليه "خلي ننتخب (لننتخب) فنان ونعشق احساسه، شحصلنة (ماذا حصلنا) غير الشيب من السياسة". وكتب لاعب كرة قدم سابق على ملصق انتخابي خاص به "انتخبوا مرشحكم اللاعب الدولي السابق الذي خدم العراق...."، ووضع صورته وهو يرتدي قميص نادي انتر ميلان الايطالي الشهير. وحاول اللاعب السابق تذكير الناخبين به، فكتب "الملقب بالطائر السريع". وفي ظاهرة جديدة في العراق، توجه بعض المرشحين الى عشائرهم على وجه الخصوص، واعلنوا انهم مرشحو العشيرة المعينة، غير ابهين بالناخبين الذي ينتمون الى عشائر اخرى. ويرى المحامي والمراقب السياسي طارق المعموري لفرانس برس "ما نراه هو نتيجة التخبط الذي اصاب العملية السياسية التي افرزت اشكالا غير محترمة في السابق ما قلل احترام الناس للانتخابات وللعملية الانتخابية بشكل عام".