حصلت المعارضة السورية على مقعد دمشق في القمة العربية التي تبدأ أعمالها اليوم (الثلثاء) في الدوحة، على ان يرأس وفدها الرئيس المستقيل ل «الائتلاف الوطني السوري» المعارض معاذ الخطيب، فيما وجهت وسائل الاعلام الرسمية السورية انتقادات حادة لمنح المعارضة مقعد سورية. وافاد بيان ل«الائتلاف» ان وفد المعارضة برئاسة الخطيب سيضم نائبه سهير الاتاسي والامين العام ل «الائتلاف» مصطفى الصباغ ورئيس الحكومة الموقتة غسان هيتو ورئيس «المجلس الوطني» جورج صبرا ورئيس هيئة اركان الجيش الحر اللواء سليم ادريس فضلاً عن الحراكي، ذلك في سابقة في العمل العربي بعد قرار المجلس الوزاري تعليق عضوية سورية والطلب من المعارضة تشكيل هيئة تنفيذية لشغل مقعد سورية. ونوه «الائتلاف» بقرار المجلس الوزاري العربي، داعياً «الجامعة العربية والأمم المتحدة وجميع الدول الشقيقة والصديقة إلى وقف التعامل السياسي والديبلوماسي مع نظام (الرئيس بشار) الأسد في شكل كامل، والاعتراف بالائتلاف الوطني ممثلاً شرعياً وحيداً للشعب السوري». وبدأ الخطيب و «الائتلاف» بعد ظهر اول من امس التمهيد لعودة الخطيب عن استقالته، خصوصاً بعد إعلان الهيئة السياسية عدم قبول الاستقالة ترامناً مع كتابة الخطيب على صفحته على «فايسبوك» انه «حتى اجتماع الهيئة العامة لإقرار الاستقالة لا بد من اتخاذ قرار: هل القي خطاب المعارضة السورية ام اعتذر عنه؟ ما هو الأكثر فائدة للشعب السوري؟». ثم كتب بعد ساعات على صفحته: «الى الإخوة الأحبة، بعد التوكل على الله والاستخارة الشرعية والاستشارة للعديد من الثقات وفي مقدمهم أخونا الفاضل حراكي، قررت إلقاء كلمة باسم الشعب السوري في مؤتمر الدوحة، وأرجو منكم صالح الدعاء بالتوفيق. وهذا امر لا علاقة له بالاستقالة والتي ستناقش لاحقاً». وتوقف نشطاء معارضون عند عبارتي «الاستخارة الشرعية» واستشارة الحراكي، اذ قال احدهم ان الخطيب «يجب ان يكون ممثلاً لجميع السوريين وليس لفئة». وتوقعت مصادر معارضة ان يتطرق الخطيب الى استقالته في الخطاب الذي سيلقيه في القمة. وأوضح الحراكي ان استقالة الخطيب لم يتم قبولها وانه لا يزال رئيساً ل «الائتلاف» وليس لها علاقة بالقمة «انما هي رسالة الى الزعماء العرب لما بعد القمة وما سيقدمه المجتمع الدولي». وقال المعارض احمد رمضان ان الخطيب اراد من خلال استقالته ان «يطلق صرخة احتجاج كبيرة بعد ان أعطي وعوداً كثيرة». وبحسب رمضان، فإن الخطيب الذي كان معارضاً لفكرة اقامة حكومة موقتة، «تعرض لضغوط كبيرة من وزراء خارجية ومن الائتلاف للتوجه الى قطر وقيادة وفد المعارضة في هذه اللحظة التاريخية». ورداً على تقارير اعلامية اكدت وجود خلاف بين هيتو والخطيب، اشار الحراكي الى ان ما بين الرجلين «هو اختلاف في وجهات النظر وليس خلافاً». وقد خلط اعلان استقالة الخطيب الاوراق ملقياً بظلاله على الملف السوري في القمة، كما اثار شكوكاً حول قدرة المعارضة السورية على اقتناص فرصة الجلوس في مقعد دمشق في الجامعة العربية، وهو امر يكرس قطيعة نهائية بين العرب والنظام السوري. وكان تسعة من اعضاء الائتلاف المعارض علقوا عضويتهم غداة اختيار هيتو لمنصب رئيس الوزراء الموقت. وحظي قرار استقالة الخطيب ب «ترحيب» من معارضي الداخل، بينهم المنسق العام ل «هيئة التنسيق الوطني للتغيير الديمقراطي» حسن عبد العظيم الذي قال في بيان انه «لا بد من توجيه التحية» للخطيب على «موقفه الشجاع» لأنه «وضع النقاط على الحروف ازاء تواطؤ المجتمع الدولي». ولم يتخذ وزراء الخارجية الذين اجتمعوا في الدوحة الاحد قراراً حول المشاركة السورية في القمة العربية، فيما أبدى العراق والجزائر تحفظات حيال منح مقعد سورية للمعارضة، كما نأى لبنان بنفسه عن القرار. ولم يعرف ما اذا كان الخطيب سيجلس في المقعد المخصص لسورية في افتتاح القمة، ام ان ذلك سيحصل بعد قرار القمة ذاتها. في المقابل، انتقدت وسائل الاعلام الرسمية في دمشق قرار الجامعة. وبثت قناة «الإخبارية» الرسمية عشية القمة ان منح المقعد جرى «بغية استنساخ الحدث الليبي ومنح التدخل الخارجي غطاء وشرعية ما يسمى الجامعة العربية»، وانتقد «مجلس الدمى المستولد في الدوحة للسطو على مقعد سورية في الجامعة». وكتبت صحيفة «الثورة» الحكومية ان الجامعة العربية ستتحول «من دون شك» الى «زريبة يساق اليها من يساق بعصا البترودولار الغليظة حيناً وبالتهديد بتحويل بلاد من يفكر قليلاً الى افغانستان او صومال جديد». وأضافت انه تم منح «مقعد سورية المغتصب الى قطاع الطرق وشذاذ الآفاق، الى عصابة الائتلاف المعارض ظناً منها ان من سيجلس في مقعد سورية قادر على تمثيل الشعب السوري». وتابعت ان «الشعب هو من يمنح الصلاحيات والشرعية وليس أمراء الظلام والرمل». في غضون ذلك، قال وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس في مقابلة مع «إذاعة اوروبا 1» ان على المعارضة السورية ان توحد صفوفها، وأضاف: «إن اردنا تفادي تفتت سورية و (تجنب) ان تكون الغلبة في نهاية المطاف للمتطرفين، لا بد من حل سياسي. ولذلك ينبغي ان يكون هناك اعادة توازن للقوى العسكرية على الارض». وتعليقاً على الخلافات بين المعارضة، كاستقالة الخطيب وعدم قبول «الائتلاف» للاستقالة ورفض «الجيش السوري الحر» رئيس الحكومة الموقتة غسان هيتو قال فابيوس ان فرنسا تود ان «تتوحد المعارضة من جديد». وتابع: «نود ان تبقى المعارضة في حدودها الاصلاحية ولسنا موافقين على الاطلاق على اي انحراف يكون انحرافاً متطرفاً».