اختتم وزراء الخارجية العرب في الدوحة أمس اجتماعهم التحضيري للقمة التي تبدأ أعمالها الثلثاء المقبل، من دون أن يقرروا إعطاء مقعد سورية إلى المعارضة، فيما تركت مشاركتها في القمة للمشاورات بين أمير قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني والزعماء العرب. وأعلنت السعودية وقطر دعمهما الكامل ل «الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية» وحكومته الموقته برئاسة غسان هيتو، ودعا رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني الذي تسلم رئاسة الاجتماع من نظيره العراقي هوشيار زيباري إلى «وقفة عربية قوية مع الشعب السوري الشقيق»، وقال: «إذا كانت هناك قضايا لا تحتمل التأجيل أو التسويف وتتطلب توحيد الموقف وتستوجب الحزم والحسم ففي مقدمها الأزمة السورية بكل أبعادها الإنسانية والسياسية والأمنية وبكل تداعياتها الخطيرة ليس على سورية وحدها وإنما على المنطقة كلها». إلى ذلك، قال نائب وزير الخارجية السعودي الأمير عبد العزيز بن عبدالله: «نرى أن قرار مجلس الجامعة العربية لشغل مقعد سورية من قبل الائتلاف الوطني السوري يشكل نقطة تحول بالغة الدلالة في إضفاء الشرعية الدولية على هذا الائتلاف الذي تجتمع تحت مظلته أطياف المعارضة السورية كافة باعتباره الممثل الشرعي للشعب السوري متمنين له التوفيق وتحقيق آمال الشعب السوري الذي اختاره»، ولفت إلى» تصاعد أعداد القتلى والجرحى جراء ما يتعرض له الشعب السوري من قتل وتدمير من جانب نظام الأسد». ووجه انتقاداً إلى الأممالمتحدة فقال: «يؤسفنا أنه على امتداد عمر الانتفاضة الشعبية في سورية ما زالت الأممالمتحدة، خصوصاً مجلس الأمن عاجزة عن القيام بما هو منتظر منها، وفقاً لميثاقها وتمشياً مع منطق العدالة وما تفرضه مسؤولية مجلس الأمن في حفظ الأمن والسلم الدوليين، يحدث ذلك كله مع استمرار نظام الأسد في مماطلاته وتسويفه وإمعانه في سياسة القتل، مستخدماً أكثر أنواع الأسلحة فتكاً وتدميراً، يساعده في ذلك دعم متصل من بعض الأطراف فزادت حدة الأعمال العسكرية وتقلصت فرص الحل السياسي» واستهل الشيخ حمد بن جاسم الاجتماع الوزاري مطالباً ب» بوقفة عربية قوية مع الشعب السوري الشقيق الذي يقاتل من أجل الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية ويتشرد الملايين من أبنائه داخل سورية وخارجها في واحدة من أكبر المآسي الإنسانية في التاريخ بينما يقف مجلس الأمن الدولي عاجزاً عن القيام بواجبه ومسؤوليته تجاه شعب يتعرض للقتل والإبادة». وقال:» لابد من الإشادة بجهود السيد معاذ الخطيب رئيس الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية في الانتقال بالعملية السياسية إلى هذه المرحلة المتقدمة، ونرحّب بانتخاب السيد غسان هيتو رئيساً للحكومة السورية الموقتة ونعتبر ذلك خطوة مهمة وضرورية في إطار ترتيبات المرحلة الانتقالية». يذكر أن الخطيب استقال من رئاسة الائتلاف ما شكل عقبة أخرى في طريق منح المعارضة مقعد سورية في القمة العربية، وأسف الشيخ حمد لذلك، بعدما قال: «نتطلع إلى مشاركتهما(الخطيب وهيتو) في القمة تنفيذاً لقرار المجلس الوزاري العربي في اجتماعه في القاهرة في السادس من آذار (مارس) الجاري» وأكد «الوقوف إلى جانب الائتلاف حتى يحقق هدفه المشروع بإقامة نظام عادل في سورية يحترم حقوق جميع السوريين ويحقق الحرية والعدالة ويحافظ على وحدة سورية ويصون أمنها واستقرارها وسيادتها». و شدد على «الوقوف إلى جانبه في مشروعات البناء وإعادة الإعمار وإعادة النازحين واللاجئين إلى مدنهم وقراهم بعد استكمال النصر وتأمين الحياة الكريمة لهم». ورأى أن القمة «تكتسب أهميتها من أهمية القضايا المطروحة عليها ومن واقع الظروف الدقيقة التي تعقد في ظلها ومن حجم الآمال المعقودة عليها». وأضاف أن «الشعوب العربية تريدها قمة للتوافق السياسي والتكامل الاقتصادي، تنطلق من ثوابت أمتنا العربية وتعبّر عن تطلعات المواطن العربي، وتضع الأسس وتبلور الرؤى وتحدد انطلاقة جديدة لمسيرة العمل العربي المشترك». وزاد أن «الشعوب العربية تريدها أيضاً قمة تستفيد من دروس الماضي وتواجه تحديات الحاضر وتستلهم تطلعات المستقبل من أجل أمة عربية تعلو فوقها رايات التضامن وتنعم بالأمن والسلام والاستقرار وتسير بقوة وثقة على طريق التنمية والتقدم، كما تريدها قمة تبحث بصراحة ووضوح حل القضايا التي تهم أمتنا وتناقش بكل الجدية والمسؤولية ما نواجهه من أزمات وما تعتري مسيرة عملنا المشترك من عقبات وأن تطرح برؤية شاملة وفكر منفتح الحلول الإستراتيجية لمشاكلنا المزمنة والمستجدة». ورأى الأمين العام للجامعة العربية الدكتور نبيل العربي أن «تحقيق الحل السياسي للأزمة في سورية ما زال ممكناً إذا توافر الموقف العربي الموحد المتماسك»، ووصف الوضع بالكارثي. وقال «يحدونا الأمل بإمكانية تحقيق الحل السياسي الذي يجنب الشعب السوري المزيد من الويلات» وأكد أن «عدم استجابة النظام السوري تطلعات شعبه في التغيير والإصلاح الديموقراطي الحقيقي وإعماله آلة البطش والتدمير ونزيف الدم أوصلنا إلى هذا الوضع الكارثي». وتابع أن «هذا الحل(السياسي) ما زال ممكناً عندما يكون هناك موقف عربي موحد ومتماسك يستطيع أن يصوغ موقفاً إقليمياً داعماً ويدفع كما تقضي مسؤولياته إلى المحافظة على السلم والأمن الدوليين». وأشار إلى أهمية «التركيز على مجلس الأمن الذي يجب أن يصدر قراراً ملزماً بوقف إطلاق النار وإرسال قوات حفظ سلام والاستفادة من التطورات الإيجابية التي طرأت أخيراً على المعارضة السورية وتحليلها التحليل السليم». ولفت إلى «أهمية البدء بالاتصال مع الممثل المشترك السيد الأخضر الإبراهيمي والمعارضة ممثلة بالائتلاف السوري وحكومته التي بدأت أولى خطوات تشكيلها بهدف استطلاع الرأي حول تنفيذ أسس ما تم الاتفاق عليه في البيان الختامي لاجتماع جنيف بتوجيه سؤالين إلى كل من النظام والمعارضة: الأول كيف تبدأ المرحلة الانتقالية؟» والثاني «كيف يمكن تشكيل الحكومة الانتقالية ذات الصلاحيات الكاملة التي اتفق عليها في البيان الختامي لاجتماع جنيف؟». ودعا إلى تحرك «عربي فاعل يتصدى لمعاناة الملايين من النازحين واللاجئين السوريين الذين فروا من قراهم ومدنهم هرباً من شدة العنف والاقتتال». وفيما شدد العربي على أن المسؤولية العربية «تحتم علينا إنقاذ سورية من المنزلق الخطير الذي تنحدر نحوه وتنعكس آثاره الواضحة في المنطقة برمتها وعلى وجه الخصوص في دول الجوار»، قال «إن الشعوب العربية تتطلع إلى توصل القمة إلى مخرج خصوصاً وهي تعقد تحت عنوان»الوضع الراهن وآفاق المستقبل». وأعلن نائب وزير الخارجية السعودي في كلمته في جلسة مغلقة أن بلاده تتفق مع ما تضمنته توصيات هيئة متابعة تنفيذ القرارات التي تدعو إلى ضرورة دراسة جدوى المشاريع التي تشتمل على رصد مبالغ أو مساهمات مالية قبل عرضها على مجلس الجامعة على المستوى الوزاري أو القمة، للنظر فيها». ووصف الأمير عبد العزيز نيل فلسطين صفة دولة مراقب غير عضو في الأممالمتحدة بأنه اعتراف دولي بفلسطين، ومدعاة كي تخرج قمتنا بقرارات تعزز مكانة الدولة الفلسطينية ودفع مجلس الأمن إلى اتخاذ التوصية اللازمة بقبول فلسطين عضواً كامل العضوية «. ولفت إلى قرار كان قضى بتكليف لجنة مبادرة السلام العربية إعادة تقويم الموقف من عملية السلام من جوانبها كافة وإعادة النظر في جدوى اللجنة الرباعية، والمنهجية الدولية المتبعة في التعامل مع القضية الفلسطينية والصراع العربي الإسرائيلي للتوصل إلى تغيير هذه المنهجية، وقال «يفترض أن تقدم اللجنة تقريرها وتوصياتها إلى مجلس الجامعة في دورة طارئة لعرضها على القمة « ورأى أن «هذا القرار يشكل أفضل مدخل لتجاوز الوضع الراهن بالتعامل مع قضية الصراع العربي الإسرائيلي بغية الأخذ بأسلوب جديد مبني على أفكار ومفاهيم غير تلك التي كانت سائدة في الحقبة المنصرمة». وتابع: «في كل الأحوال ما زلنا عند رفضنا القاطع للنشاط الاستيطاني الإسرائيلي الذي نرى فيه محاولة لتقويض حل الدولتين من خلال عزل المدن الفلسطينية عن بعضها بعضاً وتطويق القدس الشريف بالبؤر الاستيطانية، ونحن ماضون في رفض ما تتعرض له القدس من خطط تسعى إلى تهويدها، بخاصة تلك التي يتعرض لها المسجد الأقصى المبارك ومحيطه، ونطالب المجتمع الدولي بوقف تلك الممارسات التي تقوض أي حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية». وأعلن أن «المملكة العربية السعودية من منطلق حرصها على تنفيذ قرارات القمم العربية أوفت بكامل التزاماتها تجاه دعم موازنة السلطة الفلسطينية، بخاصة ما أقرته قمة بغداد حيال إنشاء شبكة أمان مالية عربية لدعم السلطة الفلسطينية ومؤسساتها». إلى ذلك، قال الشيخ حمد:» ليس أمام إسرائيل سوى الإقرار بهذا الحل إذا كانت تريد السلام وتمتلك الإرادة الحقيقية فما تقوم به حالياً من انتهاكات متكررة لحرمة المسجد الأقصى المبارك واعتداء على المصلين في رحابه ومن تكثيف لعمليات الاستيطان في الأراضي المحتلة واستمرار سياسة تهويد القدس الشريف وطمس معالمها الإسلامية وهويتها العربية، ممارسات لا شرعية، تتنافى مع القانون الدولي ومن شأنها زيادة التوتر في المنطقة». وحض»المجتمع الدولي على تحمل مسؤولياته وإرغام إسرائيل على وقف تجاوزاتها الخطيرة والتجاوب مع الرغبة الفلسطينية والعربية في تحقيق السلام». وعن إصلاح وتطوير جامعة الدول العربية قال إنها» قضية مهمة وملحة ينبغي أن نوليها ما تستحق من اهتمام إذا كنا نريد للعمل العربي المشترك الانطلاق نحو آفاق جديدة وإذا كنا نريد للجامعة العربية أن تكون مؤسسة عصرية قادرة على التفاعل مع المستجدات والمتغيرات الإقليمية والدولية ومنسجمة مع متطلبات وتطلعات المواطن العربي ومواكبة للمناهج الجديدة في العمل المؤسسي الذي يقوم على الدراسة والتخطيط والفكر الاستراتيجي». أما العربي فطالب بعمل «جاد ومنسق يلزم الأطراف الفلسطينية تحمل مسؤولياتها الوطنية في تحقيق المصالحة من دون إبطاء»، وحض على «توفير الدعم المالي العربي الذي يمكّن الشعب الفلسطيني والحكومة من الصمود ومواجهة جرائم الاحتلال الإسرائيلي». وأكد أن هناك «مشاورات مع الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن وحالياً مع الولاياتالمتحدة لتحديد موعد زيارة وفد برئاسة رئيس لجنة المبادرة العربية إلى واشنطن في الأسبوع الأخير من الشهر المقبل بهدف التحاور والاتفاق مع الجانب الأميركي. فما يهمنا هو الإشارة بوضوح إلى تقبل الولاياتالمتحدة ما ينادي به الجانب العربي من ضرورة العمل على إنهاء الاحتلال وكان هذا واضحاً خلال لقائي مع وزير الخارجية الأميركي مطلع الشهر الجاري».