تقف تركيا على عتبة مرحلة حرجة جداً، تشمل تغييرات سياسية ضخمة وخطرة قد تغيّر وجه البلاد في المنطقة. ويبدو واضحاً أن رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان يريد لمسيرة تسوية القضية الكردية ونزع سلاح «حزب العمال الكردستاني»، أن تسير بالتوازي والتوافق مع وضع دستور جديد للبلاد يُرجّح أن يشمل طرح فكرة جعل النظام رئاسياً، لتأمين دخول أردوغان القصر الجمهوري كي يكون الراعي والضامن لتلك المرحلة من التغيير الضخم، متمتعاً بصلاحيات واسعة. وجدد أردوغان نيته طرح مسودة دستور أعدّها حزبه، على استفتاء شعبي، إن لم تتمكن الأحزاب الأربعة الممثلة في البرلمان من الاتفاق على مسودة واحدة، خلال آذار (مارس) المقبل ، ليترافق ذلك التاريخ مع بدء مسيرة نزع سلاح «الكردستاني» التي يُتوقع أن تبدأ مطلع الشهر الجاري، بعد إعلان رئيس «حزب السلام والديموقراطية» الكردي صلاح الدين دميرطاش أنه سيطلب إذناً من وزارة العدل الأسبوع المقبل، لزيارة زعيم «الكردستاني» عبدالله أوجلان في سجنه، للحصول منه على بيان يأمر مسلحي الحزب بالانسحاب تدريجاً من تركيا في عيد «النوروز» في 21 آذار المقبل، تمهيداً للتخلي عن السلاح نهائياً ودخول العمل السياسي السلمي. وتشتبه المعارضة، بشقيها القومي والأتاتوركي، في أن أردوغان أبرم اتفاقاً سرياً مع «حزب السلام والديموقراطية» لنيل تأييده خلال التصويت في البرلمان على مسودة الدستور التي سيقترحها رئيس الوزراء، للحصول على 330 صوتاً لازمة لطرح المسودة على استفتاء شعبي. ويخطط أردوغان لربط الدستور الجديد الذي سيتضمن غالباً، نظاماً رئاسياً، بتسوية القضية الكردية، من خلال طرح تعريف جديد للمواطنة في تركيا، وإصدار عفو عام عن السجناء الأكراد المُتهمين بالانتماء إلى «الكردستاني». ويُتوقع أن يناقش البرلمان التركي الأسبوع المقبل، تعديلات دستورية طرحتها الحكومة على القضاء، لربط تهمة الإرهاب بالعنف، ما سيساهم - إن أُقرّت - في إطلاق آلاف من الأكراد المتهمين بتقديم دعم لوجستي أو معنوي أو إعلامي ل «الكردستاني». لكن هذه التعديلات لن تساعد في إخراج أي عسكري مُعتَقل احتياطياً على ذمة قضية «انقلاب»، وهذه مفارقة انتقدها «حزب الشعب الجمهوري» الأتاتوركي بشدة، معتبراً أن «هذه الصياغة تشير في وضوح إلى اتفاق سري بين أردوغان والأكراد، وأن التعديلات هدفها الإفراج عن آلاف ممّنْ لا يخفون مساندتهم لحزب العمال الكردستاني، ومساعدته في تنفيذ عملياته ضد الجيش، في مقابل نيل دعم لإعداد دستور جديد يقرّ نظاماً رئاسياً جديداً». في غضون ذلك، تابعت السلطات اعتقال جنرالات متقاعدين، على ذمة قضية التخطيط لإسقاط حكومة الإسلامي نجم الدين أربكان عام 1997، وشملت الحملة السابعة في هذه القضية 8 عسكريين، بينهم 4 برتبة جنرال، مع إمكان تنفيذ اعتقالات إضافية.