منذ أيّام زار مارادونا إيطاليا بعد أعوام من المقاطعة لتصفيّة حساباته مع الضرائب الإيطاليّة التي اتهمته بالتحايل والتهرّب، وهو ما أنكره النجم الأرجنتيني، صانع أمجاد نابولي في الثمانينات.. وظلّ النّاس يتابعون أخبار دييغو فيما كان الفاتيكان يبحث عن بابا جديد بعد إعلان البابا الألماني استقالته لأسباب قيل إنّها مرتبطة بتقدّمه في السنّ وعجزه عن قيادة العرش البابوي.. لكنّني رأيت في زيارة مارادونا، ولو افتراضياً، أنّها جاءت بالكاردينال خ. ماريو بورغوليو حبراً أعظم للفاتيكان.. وبذلك يكون دييغو قدم خير على الأرجنتين والفاتيكان معاً.. وعلى ضرائب إيطاليا، التي أغلقت الملف بعد أعوام من المتابعة والتهديد بالسجن لأشهر لاعب في العالم. المفارقة العجيبة أن الأرجنتين عاشت فرحتين في ليلة واحدة، الأولى اختيار ابنها بورغوليو أول شخصيّة روحيّة من خارج أوروبّا لقيادة الفاتيكان، ومنح نفسه اسم فرانسيس الأوّل، والثّانيّة هي تألق ابنها الآخر ميسي في كأس رابطة الأبطال أمام ميلان، حين جعل الإيطاليين يقولون إنّ هزيمة فريقهم لم تكن مفاجئة أمام لاعب قادم من كوكب آخر.. فالإيطاليون هزمهم ثلاثة أرجنتينيين في أسبوع واحد، هم مارادونا وميسي والكاردينال بورغوليو. وحين قرأت عن شخصيّة البابا الجديد، وجدت أنّه من الغاوين لكرة القدم، وهو من أعضاء الشرف لنادي سان لورنزو دي ألماغرو، أحد أحياء بوينس آيرس، ويملك بطاقة انخراط في النّادي، وتمّ تكريمه في العام 2008 بمناسبة مرور 100 عام على تأسيس هذا النّادي العريق الذي أسّسه القسّ لورنزو ماسا. والمفارقة العجيبة أيضاً أنّ التحاق البابا الجديد عضواً في نادي سان لورنزو، كان في اليوم نفسه الذي انتخب فيه على رأس الفاتيكان، إنّما قبل خمسة أعوام.. وهو ما اعتبره الأرجنتينيون مؤشّراً إلى إمكان نجاح ابنهم في قيادة العالم المسيحي نحو ما فيه خير للإنسانيّة. وتذكر وسائل الإعلام أن البابا الجديد شهد منذ أعوام تألق الدّولي الأرجنتيني حزقيال لافيزّي مع نادي سان لورنزو.. وهو من المعجبين به، وربّما يكون هذا هو السبب في اختيار البابا اسم فرانسوا، الذي يشتهر به الفرنسيون، كون لافيزّي يصنع أمجاد العاصمة الفرنسيّة هذه الأيّام. إنّها مجرّد مصادفات، نعطيها بعض الملح في قراءات طريفة، كون الرياضة تمثل ملح الإنسانيّة في زمن الحروب والنزاعات المسلّحة شرقاً وغرباً، فلا يرتاح العالم إلا في مواعيد كرة القدم والأحداث الرياضيّة المميّزة. ويبدو أنّ العالم يعيش اليوم الزمن الأرجنتيني بامتياز، كون هذا البلد الذي عاش فترات صعبة من تاريخه مع الديكتاتوريّة، عاد ليكون عنواناً للإبداع والتألق مع لاعبين كبار أمثال دي ستيفانو وكامبس ومارادونا وتارانتيني وريكيلمي وزانيتي وفالدانو وبوروشاغا، وباساريلا وأرديليس، ولافيزيّ ودي ماريّا.. وميسي. ومعهم اليوم بابا يحبّ الكرة ويشجع ناديّاً عريقاً، وقد يجد نفسه مضطرّاً لمجاملة الإيطاليين بتشجيع أحد فرق روما، ليزداد قرباً من الشعب الإيطالي الذي يحبّ الكرة كثيراً، ويحبّها أكثر إذا كان البابا يحبّها أيضاً.. والأيّام ستكشف أيّ باب كرويّ سيطرقه البابا الأرجنتيني. [email protected]