أشار تصريح لمسؤول بارز في حكومة دبي الأسبوع الماضي، إلى توقعات بطرح أسهم شركة رئيسة واحدة على الأقل للاكتتاب العام في بداية العام المقبل، ولا شك في أن هذا التصريح رفع درجة التفاؤل بإعادة النشاط إلى سوق الإصدار الأولي في الإمارات والذي يشهد ركوداً منذ بداية التأثيرات السلبية لأزمة المال العالمية في نهاية 2008، وتزامن هذا الركود مع تراجع كبير في مؤشرات أداء أسواق الأسهم في المنطقة وخسارتها نسبة مهمة من قيمها السوقية، ما أدى إلى تراجع الثقة بالاستثمار في أسواق المال الثانوية أو الأولية. ولا شك في أن ركود سوق الإصدار الأولي كانت له تأثيرات سلبية واضحة في أداء اقتصاد المنطقة باعتبارها السوق التي تؤسَّس فيها الشركات المساهمة العامة ثم تطرح للاكتتاب العام فتُدرج في أسواق المال. وتأسيس الشركات العامة يساهم في تعزيز أداء القطاعات الاقتصادية المختلفة وبالتالي نمو الناتج المحلي وبالمقابل توظيف مدخرات المستثمرين الذين يبحثون عن فرص استثمار مجدية محلية، فيما تتطلب عودة الثقة إلى سوق الإصدار الأولي طرح أسهم شركات قائمة أو عاملة، سواء كانت شركات حكومية أو عائلية، إذ يُطرح جزء من رأس المال للاكتتاب العام. ولحفز الإقبال على الاكتتابات بأسهم هذه الشركات يجب توافر سجل واضح وحافل من الإنجازات لهذه الشركات، سواء في مستويات الأداء أو مؤشرات المال ومؤشرات النمو والتدفقات النقدية والأصول القوية، كي يستطيع المستثمر احتساب السعر العادل لأسهم هذه الشركات وبالتالي ضمان غياب الأخطار عند الاستثمار بأسهمها. وفي المقابل أدى طرح أسهم شركات حديثة التأسيس خلال فترة طفرة أسواق المال بعدما ثبت تعثر العديد من هذه الشركات سواء لضعف دراسة الجدوى الاقتصادية أو عدم كفاءة الإدارة التي اختارها المؤسسون لتحقيق أهداف هذه الشركات وتطلعاتها، إلى فقدان الثقة بأسهم الشركات الحديثة التأسيس من قبل شريحة مهمة من المستثمرين. وستشجع عودة الثقة التدريجية إلى أسواق الأسهم في المنطقة خلال هذا العام، الإقبال على الإصدارات والاكتتابات المتميزة، خصوصاً الشركات التي تملكها الحكومات وتعمل في قطاعات إستراتيجية. وتملك حكومة الإمارات، مثلاً، 50 شركة مساهمة تعمل في قطاعات معظمها شركات متميزة الأداء، إضافة إلى توافر شركات عائلية إماراتية قوية لها سمعة وأداء وشهرة قوية وترغب في طرح جزء من أسهمها للاكتتاب العام بهدف تعزيز رأس مالها العامل وتنويع إداراتها التنفيذية وغيرها من المزايا التي يحققها الطرح. كذلك سيساهم طرح أسهم الشركات القوية للاكتتاب العام ثم إدراجها في أسواق المال، في تنويع فرص الاستثمار المتوافرة داخل الأسواق وبالتالي زيادة عمقها ورفع كفاءتها. ولا تزال قطاعات اقتصادية مهمة كثيرة غير ممثلة عبر شركاتها في أسواق المال ما جعل هذه الأسواق لا تعكس أداء كل القطاعات الاقتصادية في الدولة، فقطاع النفط والذي يشكل نسبة مهمة من الناتج المحلي الإجمالي للدولة، لا توجد له شركات مساهمة مدرجة في أسواق الإمارات. وينطبق الأمر ذاته على قطاع السياحة وقطاع الفنادق والطيران في إمارة دبي، وهي قطاعات تلعب دوراً مهماً في نمو الناتج المحلي الإجمالي لإمارة دبي خصوصاً والإمارات عموماً وما من شركات مدرجة في السوق تمثل هذه القطاعات. * مسؤول أسواق المال في «بنك أبو ظبي الوطني»