حققت أسواق الأسهم الإماراتية (سوق أبو ظبي للأوراق المالية وسوق دبي المالية) إنجازات قياسية خلال أيلول (سبتمبر) الماضي، تُعتبر الأفضل على مستوى المنطقة، إذ بلغت مكاسبهما نحو 26 بليون درهم (سبعة بلايين دولار) بعدما ارتفع مؤشر سوق دبي المالي بنسبة 13 في المئة ومؤشر سوق ابو ظبي بنسبة سبعة في المئة. وقلصت هذه المكاسب نسبة كبيرة من الخسائر التي تعرضت لها هاتان السوقان هذه السنة. وعلى رغم المكاسب الكبيرة، لا يزال مؤشر سوق دبي المالية منخفضاً بنسبة ثلاثة في المئة ومؤشر سوق أبو ظبي بنسبة واحد في المئة، مقارنة ببداية السنة. وفي الوقت ذاته، يستمر تحسن أداء السوقين خلال تشرين الأول (أوكتوبر) الجاري في ظل ارتفاع مستوى الثقة في الاستثمار في السوقين، ما رفع مستوى السيولة المتدفقة إليهما إلى الضعف منذ مطلع السنة. وساهمت في ذلك عوامل كثيرة، يأتي في مقدمها اتفاق «شركة دبي العالمية» مع 99 في المئة من دائنيها على إعادة جدولة ديونها وإعادة هيكلتها. ورفع هذا الاتفاق مستوى التفاؤل لدى مجتمع الاستثمار الإماراتي وعزز مشاعر الثقة في أفاق مستقبل أسواق الائتمان في المنطقة في شكل عام وإمارة دبي في شكل خاص وضاعف إمكانية تدفق السيولة مجدداً وبث النشاط والحيوية في التدفقات الائتمانية في ما بين المؤسسات المالية. وأعقبت هذا الاتفاق تغطية الاكتتاب في سندات حكومة دبي بأربعة أضعاف المبلغ المستهدف، ومهد النجاح القوي الذي حظي به الطرح الطريق أمام شركات القطاع الخاص في الإمارات للعودة إلى أسواق الائتمان الدولية مرة أخرى. وتحققت تغطية بلغت ستة أضعاف تستحق عام 2015، لأوراق مالية قابلة للتحويل بقيمة 500 مليون دولار طرحتها «إعمار العقارية» وهي الشركة القيادية الأولى في أسواق الإمارات. وخلال ساعة واحدة دخل 250 مستثمراً دولياً. وتعتزم «إعمار» توظيف صافي عائدات هذا الإصدار في إعادة تمويل التزامات قصيرة الأجل. وساهم في تحسن مؤشرات أداء الأسواق المالية الإماراتية أيضاً انضمام 21 شركة مساهمة مدرجة في أسواق الإمارات إلى المؤشر «فاينانشيال تايمز» في 17 أيلول، ما عزز تدفق استثمارات أجنبية مصدرها صناديق تحوط ومحافظ عالمية تتتبّع هذا المؤشر في استثماراتها. وشجع هذا التدفق المستثمرين المحليين على الدخول ورفع مستوى تحمل الأخطار وعزز مستوى الثقة في الاستثمار في أسهم الشركات التي انضمت إلى المؤشر الذي يختار الشركات استناداً إلى معايير عالمية. ولا شك في ان انخفاض سعر صرف الدرهم الإماراتي نتيجة لانخفاض سعر صرف الدولار، بالترافق مع ارتفاع سعر النفط، ساهما ايضاً في تشجيع محافظ استثمارية أجنبية على الدخول في أسواق الإمارات التي تُعتبر جاذبة للاستثمار استناداً إلى معايير تقيم الأسعار، وفي مقدمها مضاعَف الأسعار. ويعوّل عدد كبير من المستثمرين والمضاربين على نتائج الشركات، خصوصاً منها القيادية، خلال الربع الثالث من السنة، لتعزيز حجم الطلب في الأسواق، على رغم قناعة معظم المتعاملين في الأسواق بتواضع أداء شركات قطاع العقارات خلال الربع الثالث، مقارنة بالربعين الأول والثاني من السنة. يُذكَر ان أسهم هذه الشركات تستحوذ حصة مهمة من تداول الأسواق بسبب استمرار تراجع أداء القطاع العقاري في الإمارات نتيجة تراجع أسعار الإيجارات وأسعار الوحدات السكنية. ويتوقع محللون في المقابل تفاوت أداء الشركات الأخرى استناداً إلى مدى استمرار تأثر أعمالها التشغيلية بتداعيات الأزمة المالية العالمية. * مستشار للأسواق المالية في «بنك أبو ظبي الوطني»