على رغم الحراك الشعبي الذي يشهده العراق في الكثير من مدنه متمثلاً بالتظاهرات والاعتصامات المطالبة بحقوق مسلوبة من الشعب وسقوط الكثير من الشهداء والجرحى بسبب الاعتداءات المستمرة من قوات الأمن العراقية، وعلى رغم استقالة عدد من الوزراء واحتمال استقالة بعض الوزراء لاحقاً بسبب ممارسات الحكومة المتهمة بالطائفية ومضايقاتها المستمرة والاعتداءات غير المبررة على المتظاهرين، نرى أن المسؤولين المحليين، خصوصاً في المحافظات التي يتظاهر الشعب فيها، منشغلون، ومن دون مبالاة بما يعانيه هذا الشعب، بحملاتهم الانتخابية التي يصرفون عليها الملايين فيما تملأ صورهم الشوارع، مع أنه كان عليهم أن يكونوا مع الشعب الذي انتخبهم وأجلسهم على كراسي الحكم. وعلى رغم أنهم فشلوا في تحقيق الحد الأدنى من حاجات المواطن العراقي وتوفير الحماية له والحفاظ على كرامته فإنهم يتسابقون، ومن دون حياء، سعياً للفوز بفترة أخرى لعضوية هذه المجالس المحلية، وقد تناسوا أن المواطن رفضهم بسبب فسادهم الذي أزكمت رائحته الأنوف، وأن الكثير منهم لديه ملفات فساد كثيرة ومنشورة في وسائل الإعلام. لا أستثني أحداً منهم، وأستطيع أن أثبت أن سبب تخلف الخدمات التي تقدم للمواطن العراقي هو الفساد المستشري فيها، فمحافظة بغداد رفعت في الفترة الأخيرة نسبة لجانها التي تحيل المشاريع للشركات المنفذه بمقدار 9 في المئة من قيمة العقد ويسلم المبلغ على دفعتين حتى تتم إحالة المشروع أو العقد للشركة المنفذة. ومحافظة بابل حددت نسبتها ب4 في المئة، وهكذا المحافظات الأخرى. وهذه العملية لا تتم بصورة سرية وإنما علناً وباتفاق مع الشركات المتقدمة للحصول على هذه المشاريع، وبسببه فإن الشركات لا تنفذ بمستوى جيد لذلك فإن القسم الأعظم من المشاريع المحالة من هذه المجالس فاشل ويستطيع أي مواطن بسيط أن يثبت للعالم فشل الكثير من المشاريع التي تنفذ في مناطقه وأن البحث عن الفساد والمفسدين لا يستوجب بحثاً وعناء لو أرادت الحكومة ودوائرها محاسبة المقصرين أو الكشف عن المفسدين، لكن الجميع شركاء في الجريمة. وحتى الوضع الأمني المتردي في البلاد قد تكون هذه المجالس أحد أسبابه، فالفاسدون ينتمون إلى أحزاب متنفذة وميليشيات ويستطيعون أن ينفذوا ما يريدون، والدليل على ذلك ما يحصل في محافظة صلاح الدين حيث إن مسؤول الأمن في هذه المحافظة اتهم عمار طعمة رئيس مجلس المحافظة بالهجوم على مقر المجلس فيها سابقاً، وذكر المسؤول الأمني أن هناك عدداً من مذكرات الاعتقال ضد عمار لكنها لم تنفذ بحقه. المواطن بدأ يشعر بالحال التي وصل إليها بلده من فقدان الأمن والكرامة والخدمات بكل أنواعها، لذلك فإنه سيقول قوله بحقهم، وبدأ غيث هذا بتمزيق بعض الصور الدعائية لمثل هؤلاء المسؤولين.