أوساط بطولة العالم لألعاب القوى المقامة حالياً في برلين، منشغلة في جنس العداءة الجنوب أفريقية «الواعدة» كاستر سيمينيا، التي اقتحمت الأضواء فجأة في الأسابيع الأخيرة، وفرضت نفسها سريعاً على الساحة الدولية، وتوجت مشاركتها في برلين بلقب ال800م، مسجلة 1.55.45 دقيقة، وهو رقم قياسي شخصي وأفضل توقيت للسباق هذا الموسم. وأضافت سيمينيا (18 سنة) اللقب العالمي الى اللقب الأفريقي للشابات الذي أحرزته في بامبوس بجزر موريشيوس أواخر تموز (يوليو) الماضي ومطلع آب (أغسطس) الجاري عندما كسبت سباقي ال800م (1.56.72د) وال1500م (4.08.01د). وسيمينيا التي لفتت الأنظار منذ انطلاق تصفيات ال800م في المونديال، فرضت إيقاعها الخاص على المقدمة، وابتعدت في ال150 م الأخيرة بفضل سرعتها «الخارقة» تاركة المنافسة خلفها للأخريات، وفي مقدمهن حاملة اللقب في «أوساكا 2007» الكينية جانيت جيبكوسغي بوسييني التي حلت ثانية بفارق تعدّى الثانيتين. وما أثار شك الاتحاد الدولي، أن أفضل أرقام سيمينيا لم يتخط العام الماضي 2.11.98د، كما أن طريقة سيطرتها على المنافسات ومكوناتها الفيزيولوجية التي تبدو شبيهة بالذكور، ما جعله يطلب فحص جنسها اذ يشتبه في أن تكون خنثى تملك صفات الذكور والإناث. وسبق أن طلب الاتحاد الدولي من نظيره الجنوب أفريقي تقديم معلومات عن العداءة الواعدة، لا سيما بعد بروزها المفاجىء والكبير في بطولة أفريقيا للشابات. وحتى تاريخه، يؤكد الجانب الأفريقي الجنوب تمتع عداءاته بأنوثة كاملة، مبدياً إنزعاجه من الإشاعات التي تحاك والشكوك التي تتنامى. وتبدو سيمينيا في هيئة المراهقين، لا أرداف أو أكتاف ظاهرة في بنيتها، صوتها عريض أجش وملامح الرجولة طاغية على وجهها. وحين اجتازت خط النهاية في سباق ال800م، عبرّت عن فوزها بنفض كتفيها، وكأنها تنفض عنهما «غبار الشكوك» التي تثقل أيامها وأيام المحيطين بها. ولما طلب منها مسؤولو منتخب بلادها القيام بجولة شرف حول مضمار «أولمبياشتاديوم» لم يكن تجاوب الجمهور معها كبيراً. وغابت عن المؤتمر الصحافي الخاص بالفائزات وكأنها تتجنب إحراج ما. ولن تظهر نتائج الفحوص المخبرية الفيزيولوجية التي ستخضع لها سيمينيا الا بعد ثلاثة أسابيع. وفي حال جاءت ايجابية ستجرّد من اللقب، ويُقضى على مستقبلها الرياضي. وسارعت الصحافة العالمية الى «استنطاق» عائلة سيمينيا في قرية سيشبكو (ولاية ليمبوبو) في جنوب أفريقيا، فأكدت الوالدة أن ابنتها التي تناديها «موكبادي كاستر» هي فتاة «والجيران جميعهم يعرفون ذلك». وكشفت أن «البطلة الصغيرة» اتصلت بها عقب تجاوزها الأدوار التأهيلية في برلين، وأخبرتها بشكوك المنظمين، وقالت لها: «ما علي أن أفعل يا أمي. ينادونني بالرجل! هي جد منزعجة. ما عسانا نفعل اذا كان مظهرها مختلفاً. المهم أن هذه العراقيل لم تؤثر في تركيزها في طريقها الى الفوز باللقب». وتدافع نكيلي (16 سنة) عن شقيقتها سيمينيا بقولها: «ليسكتوا جميعهم. إنها أنثى ونحن فخورون بها». وتلفت صديقتها ديبورا مورولونغ (22 سنة) الى أن سيمينيا لم تبد يوماً اهتماماً بالجنس الآخر، لكنها ترفض فكرة أنها ليست أنثى. أما ايريك موديبا، مديرة ثانوية نيتهما الثانوية، حيث درست سيمينيا، فتوضح أن التلميذة «البطلة» كانت تلعب دائماً وتلهو مع زملائها الطلاب، تزاول معهم كرة القدم وترتدي سراويل مثلهم، لم تلبس فساتين أبداً، «ولم الحظ أنها فتاة إلا في مرحلة متقدمة من سنواتها الدراسية». خشونة «الجنس اللطيف» في تاريخ المنافسات العالمية غش شمل انتصارات ناعمة بخشونة الشنبات، مع الإشارة الى أن السيدات منعن من حضور الألعاب الأولمبية القديمة. وعام 440 قبل الميلاد اعتمد للمرة الأولى فحص الأنوثة، وكان المشاركون يتبارون عراة تأكيداً لسلامة جنسهم. وحديثاً، أظهر تشريح الأميركية ستيلا والش التي وجدت مقتولة في مرآب للسيارات في كليفلاند يوم 4 كانون الأول (ديسمبر) 1980 خلال هجوم مسلح، أنها خضعت لعملية تحوّل من رجل الى امرأة. وليست والش سوى البولندية ستانيسلاوا والشيسوزيك الفائزة في سباق ال100م (11.9 ث) خلال دورة لوس أنجليس 1932. عامذاك أمل كثر فوز الحسناء ماري دولنغر التي حلت رابعة. كما شك آخرون في «نسبة أنوثة» الكندية هيلدا سترايك، وأيضاً في الألمانية كاتث كروس ثالثة السباق في دورة برلين عام 1936، إذ حلت ستاينسلاوا ثانية خلف الأميركية هيلين ستيفنز والتي تقدّم البولنديون بشكوى «أنكروا» فيها أنوثتها! ولبولندا مآثر أخرى على هذا الصعيد، فالعداءة أيوا كلوبوكوسكا ثالثة ال100م والمشاركة بفوز بلادها في البدل 4 مرات 100 م خلال دورة طوكيو عام 1964، أُبعدت عن المضامير بدءاً من عام 1967 لاكتشاف أن الهورمونات الذكرية في جسمها تفوق المعدل... واعتماد اختبار فحص الأنوثة وضع حداً لمسيرة السوفياتية الكسندرا تشودينا ثانية الوثب الطويل ورمي الرمح وثالثة الوثب العالي، والشقيقتين ايرينا وتامارا برس المتوجات مرات عدة. و «تحولت» الألمانية الشرقية هايدي كريغر، بطلة أوروبا في دفع الجلة عام 1986، الى رجل إثر جراحة خضعت لها، بعدما انعكست مفاعيل العقاقير المنشطة التي كانت تتناولها على مظهرها فبدت واضحة معالم «الخشونة».