ويبقى الوفاء ومبادرة رد الجميل مترجماً على أرض «منى»، عبر قصص تضمها صفحات كتاب «حج 1435ه»، سطرت أجمل المشاهد التي رسمت روائع المبادرات الإنسانية بعيدة كل البعد عن الفوارق العرقية والسياسية. «الجندي خليل» كان إحدى القصص التي حاكت أنبل صور التضحية والإيثار، إذ جدد روح الانتعاش لدى الكثيرين من الحجاج برش قطرات الماء على الحجاج بعد أن حرقتهم أشعة الشمس بحرارتها، عبر عبوة ماء كان ممسكاً بها، لتتلوها «قصة عكسية» «داخل إطار صورة» التقطتها «الحياة» أمس، تنبثق منها أجمل صور الوفاء ورد الجميل، يشرع فيها «الحاج» برش رذاذ الماء على وجه «رجل الأمن» ليعيد له الحياة تحت «لهيب الشمس» و«جهد العمل». «رذاذ الماء» بطل تلك القصص، إذ لا يوجد ما هو أفضل منه ل «بث الحياة» في تلك الظروف المرهقة، فكان بمثابة «المنجي» من التعب، تحت «نية» مقصودة موحدة، وهي «احتساب الأجر»، وتحقيقاً لقول الله تعالى: «وجعلنا من الماء كل شيء حي»، تيقن «الحاج» أن «رجل الأمن» سخر لخدمته كونه ضيفاً من ضيوف الرحمن، ولم يكن في يده لرد الجميل والعرفان «رغم جهل المعرفة به»، إلا أن يبادره ب «رذاذ الماء»، ليزيل عنه آثار التعب المتراكم منذ أيام متتالية قضاها في خدمة حجاج بيت الله الحرام، وتغمر وجهه ابتسامة فرح وسرور في مبادرة أخوية متناغمة يجمعها «الدين» وتحتويها «أرض مقدسة».