قيم إنسانية فاضلة غرسها الإسلام في النفوس ، بدت جلية حاضرة بين جموع حجاج بيت الله الحرام ، لم تميزهم أجناسهم وأعراقهم وألوانهم عن بذلها. خلق كريم رصدته عدس " واس " في أكثر من موقف بين الحجيج صغارًا وكبارًا رجالًا ونساءًا ، من يؤثر على نفسه ولو كان به خصاصة ، ويقدم حاجة الغير على حاجة نفسه ، يسخى بسمو أخلاقه لخدمة الآخرين في صورة تبرز سماحة الإسلام وفضائله المتعددة التي تظهر في مؤتمر المسلمين الأكبر " الحج". فالإيثار صورة من صور الجود وكرم النفس التي قادت حاجًا من القارة الهندية إلى تقديم عبوة الماء البارد إلى حاجة كانت تنظر إليه بنظرات أوحت إليه حاجتها الماسة لإطفاء ظمأها ، قدم إليها الماء بجود نفس وطيب خاطر .. بينما هو ذلك إذ أكمل مسيره دون أن يشرب تلك العبوة. قد لا يعلم هذا الحاج فضل الخلق الذي قاده لهذا العمل ، وما اختصه به الرحمن الرحيم بقوله (( وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ )). عرف الإيثار بتقديم حاجة الغير على حاجة النفس رغم احتياجها لما بذل، فقد يجوع ليشبع غيره، ويعطش ليروي سواه. ويعد هذا الخلق من أعلى المراتب التي حث عليها ديننا الإسلامي الحنيف ، قال عليه الصلاة والسلام (لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه) ، وينشأ الإيثار عند الفرد من قوة اليقين وتوكيد المحبة ، والصبر على المشقة ، مع الرغبة في الأجر والثواب. وجال مندوب وكالة الأنباء السعودية في الجمرات ليشاهد منظرا أخلاقيا آخرا تجلى في مضامينه سمو الأدب وعلو الخلق ، حيث ازدحم الحجاج في طوابير أمام برادات المياه ، فيما وقفت جانبًا امرأة مسنة لا تستطيع المزاحمة ، فطفق أحد الجوالة إلى مزاحمة الحجاج حاملا معه قنينة ماء ليملأها ويقدمها للحاجة المسنة ، في منظر جميل عكس أخلاق المسلمين وترابطهم كالجسد الواحد. تكررت هذه الأخلاق النبيلة في مشاهد متعددة خلال مناسك الحج ، وازددت صور السخاء والعطاء والبذل مع اشتداد درجة الحرارة ، وعند بلوغ الشمس كبد السماء ، تبلغ طاقة الكشافة ورجال الأمن والمسعفين أعلى المستويات استعدادًا لخدمة ضيوف الرحمن.