تعكف إيران على زيادة صادراتها من الصلب، وتسعى إلى خطب ود المستثمرين الأجانب في محاولة طموحة لمضاعفة إنتاجها من الصلب إلى أربعة أمثاله خلال عقد واحد، وتعويض جزء ولو بسيطاً من الإيرادات الضخمة التي تخسرها بسبب العقوبات الغربية على مبيعاتها النفطية. واستناداً إلى عرض توضيحي أعده «مجمع فولاذ مباركة»، أكبر منتج للصلب في إيران، صدّرت الجمهورية الإسلامية التي يعتمد اقتصادها بشدة على قطاع البناء، متوسط 1.35 مليون طن من الصلب عامي 2011 و 2012. وبالمقارنة، صدرت إيران 1.26 مليون طن من الصلب في الأشهر السبعة الأولى من العام الحالي، وفق بيانات رابطة منتجي الصلب. وقال العضو في مجلس إدارة الرابطة بهادر أهراميان، «بفضل التوسع السريع في الإنتاج المحلي في السنوات الأخيرة، أصبح لدى إيران فائض من أنواع عدة من مصنوعات الحديد». ويُصدّر الجزء الأكبر من إنتاج الصلب الإيراني إلى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ويتضمن أحياناً صفقات مقايضة أو إيداع الثمن في مصارف غير غربية لتفادي العقوبات. ولا تحظر العقوبات التي فرضتها الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي على إيران، بسبب برنامجها النووي المثير للجدل، تصدير الصلب. لكن تجارة الصلب باتت صعبة بسبب القيود المالية التي تمنع البنوك من تحويل مدفوعات بالدولار في مقابل الصفقات الإيرانية. ويتضاءل قطاع الصلب الإيراني أمام قطاع النفط، أحد أعمدة الاقتصاد التي تستهدفها العقوبات الغربية. وتُقدر قيمة ما تخسره إيران شهرياً من مبيعات النفط بفعل العقوبات بنحو 4 بلايين دولار. فيما بلغت قيمة صادرات إيران من الصلب في الأشهر السبعة الأولى من السنة نحو 6.3 بليون دولار بالأسعار الحالية. لكن مدير «إيران للتجارة والاستثمار» (وهي مؤسسة استشارية مقرها لندن ولها مكتب في طهران) جواد اردلان، رأى أن «الإيرادات الإضافية مهمة لأنها تمنح قطاع الصلب اكتفاء ذاتياً ما يحميه من أثر العقوبات». وأكد أن «الصلب والحديد الخام صناعة استراتيجية لإيران، إذ في حال لم يتوافر الصلب في شكل كاف في البلاد ستتوقف صناعة البناء، وستتضرر 50 صناعة أخرى مرتبطة بها، ما سيؤدي بدوره إلى بطالة ضخمة». يذكر ان إيران أنتجت 10.64 مليون طن من الصلب الخام في الأشهر الثمانية الأولى من هذه السنة، بزيادة 6.9 في المئة على الفترة ذاتها من العام الماضي، وبزيادة نحو ثلاثة أمثال متوسط النمو العالمي البالغ 2.4 في المئة، وفق بيانات رابطة الصلب العالمية. وعلى رغم هذه الزيادة لا تزال إيران بعيدة عن هدفها بالوصول بإنتاج الصلب إلى55 مليون طن سنوياً بحلول عام 2025، تُخصص منها عشرة ملايين طن للتصدير. وأوضح أهراميان أن «الخطة تخضع الآن لمراجعة استراتيجية، ويجب تعديلها بسبب التسويق والبنية التحتية وعوامل أخرى كثيرة». ويقول خبراء في الصناعة إن المستوى المستهدف (55 مليون طن) سيصبح في مهب الريح، إذا باءت مفاوضات طهران مع القوى العالمية لإنهاء أزمة البرنامج النووي بالفشل، وظل اقتصاد البلاد مشلولاً بفعل العقوبات. وعلى رغم ذلك، يرون أن صناعة الصلب في إيران ستواصل نموها حتى في ظل أسوأ الاحتمالات، وستساهم صادراتها في تفاقم تخمة المعروض العالمي، وبالتالي دفع أسعار الصلب نحو مزيد من الهبوط. ولا تدخر إيران جهداً لتعزيز قطاع الصلب، كما تغازل منتجي الصلب الأجانب لجذبهم إلى الاستثمار في عدد من مجمعات الصلب الجديدة. وأوضح بيان صحافي أصدره نائب وزير الصناعة والمناجم والتجارة مهدي كرباسيان، أن إيران «وقعت اتفاقاً مع كويت ستيل في حزيران (يونيو) الماضي، لبناء مجمع جديد بطاقة مليون طن من لفائف الحديد. وأشار الى أن «37 شركة أجنبية بارزة أبدت استعدادها منذ الصيف، للتعاون في قطاعات صناعات التعدين الإيراني، ولو لم يُكشف عن أسمائها. لكن استعداد الشركات الغربية للعمل مع إيران، يظل مشروطاً إلى حد كبير بنجاح المفاوضات النووية مع القوى الكبرى. وعلى سبيل المثال أبلغت شركة «أس أم أس سيماج» الألمانية لمعدات صناعة الصلب وكالة «رويترز»، بأنها مستعدة لتزويد شركات الصلب الإيرانية بالمعدات، من دون أن تكشف عما إذا كانت أقدمت بالفعل على تلك الخطوة. وبالنسبة إلى بقية الشركاء التجاريين لإيران، مثل أوكرانيا وروسيا وتركيا والصين وكوريا الجنوبية، الذين لم يتوقفوا عن تزويد طهران نتيجة العقوبات، فان زيادة الاكتفاء الذاتي لإيران تعني تراجعاً في المبيعات. لكن رئيس التجارة الخارجية في «اكرون ميتال غروب» الروسية فلاديسلاف شيك، رأى أن «الفرص لا تزال سانحة» أمام شركته، متوقعاً «آفاقاً واعدة لبيع حديد الخردة لإيران، ويمكننا توريد 250 ألف طن سنوياً، وهو الحجم ذاته الذي نصدره حالياً إلى تركيا».