افتتح البابا فرنسيس اليوم الأحد في الفاتيكان مجمع أساقفة "سينودس" حول الزواج والعائلة في مواجهات التحديات المعاصرة الجديدة في ما اعتبره "مواجهة مفتوحة وأخوية". ودعا البابا حوالي 200 أسقف لإجراء أسبوعين من مناقشات في كنيسة القديس بطرس، يريدها أن تكون "منفتحة". وافتتح البابا بقداس رسمي أول "سينودس" في حبريته التي بدأت في آذار (مارس) 2013. وصلّى عشرات الآلاف من الكاثوليك بينهم عائلات مع أطفالها مساء السبت في ساحة القديس بطرس مع البابا الأرجنتيني لنجاح هذا "السينودس"، ممسكين آلاف الشموع. وقال خورغي ماريا برغوليو إن "الزواج هو أيقونة حب الله" وكذلك "عمل يدوي تصنعونه بأيديكم"، مشيداً بمفهوم العائلة التقليدية التي قال إنها "مدرسة لا مثيل لها في البشرية". وطلب من الأساقفة والكرادلة أن يتقنوا "الإصغاء" ويتفهموا الوقائع الجديدة اليوم. وقال إن ثلاثة أمور مطلوبة من المشاركين لتحقيق نتائج إيجابية في "السينودس" الذي من الممكن أن يفتح الطريق "لتجديد على طريقة القديس فرنسيس، للكنيسة والمجتمع"، وهي "نعمة الإصغاء، والإستعداد لمواجهة جدية ومنفتحة وأخوية" والرغبة في "التفكير دائماً بيسوع المسيح". ويشكّل هذا "السينودس الإستثنائي" الذي سيستمر حتى 19 تشرين الأول (أكتوبر)، الإختبار الدقيق الأول للبابا فرنسيس الذي يُصر على عقده. ومنذ انتخابه في آذار (مارس) 2013، تحدث البابا فرنسيس عن "الجروح" التي تسبّبها إنقسامات العائلات، مشبّهاً وضع الكنيسة بمستشفى ميداني. وقال إن "الجروح يجب أن تعالج برأفة، فالكنيسة أم" وليست "مكتباً للجمارك" يُحقق بفتور في مدى تطبيق القواعد، ملمّحاً بذلك الى كثيرين من المطلقين أو الذين يعيشون معاً خارج إطار الزواج والأمهات العازبات. ولا تلقى هذه المسائل إجماعاً بين الأساقفة، إذ تثير مسألة المطلقين الذين يتزوجون من جديد أكبر الإنقسامات. وكان البابا فرنسيس احتفل في 14 أيلول (سبتمبر) بزواج عشرين شاب وشابة، كان عدد كبير منهم يعيشون معاً من دون زواج. وقد بعث بذلك برسالة واضحة تؤكد حرصه على "الترحيب الودي" بهم أياً يكن الطريق الذي سلكوه. كما تحدّث البابا عن الأمهات العازبات وصعوبة الشعور التي يواجهها أطفال هؤلاء النساء والعائلات، مؤكداً حرص الكنيسة على احتضانهم، فيما ستحتل هذه المسائل صدارة المواضيع المطروحة. لكن الموضوع المركزي هو مكانة أعداد كبيرة من المطلقين الذين تزوجوا من جديد، في إطار الكنيسة. هل يمكن أن يسمح لهم بالمناولة؟ وكيف يسمح لهم بها، مع العلم أنهم بزواجهم الجديد المدني ينتهكون أحد الأسرار الإلهية؟ وبدأ التوتر خلال الشتاء باستمارة بعثت بها روما الى جميع الأبرشيات. وأراد البابا أن لا تكون أي "من الحقائق الجديدة" (المساكنة خارج الزواج والثنائي المثلي مع أطفال، إلخ...) محرّمة. وكان هذا الموقف جديداً جداً، لكن من دون أن يعني أن الأبرشيات توافق عليه. وكشفت الأجوبة الهوة الكبيرة بين توصيات الكنيسة وتصرفات المؤمنين. وازدادت حدة التوتر في مجمع الكرادلة الذي عقد في شباط (فبراير)، عندما كلف البابا الكاردينال اللاهوتي الألماني فالتر كاسبر المعروف بانفتاحه على المطلقين الذين تزوجوا من جديد، عرض القضايا التي سيناقشها المجمع. وشكل كتاب أصدره خمسة كرادلة محافظين يطالبون بعدم تغيير أي شيء حول المطلقين الذين تزوجوا من جديد، نموذجاً للنقاش الجاري. ويقال إن البابا لم يكن مسروراً. ولا يرضي شكل المجمع الجميع أيضاً، لأن المداخلات فيه ستتسم بالإنضباط الشديد، ولأن المتزوجين والنساء والعلمانيين هم أقلية فيه. وسيتحدث مئات الأساقفة وعشرات العلمانيين منهم أقلية من النساء في "السينودس" الذي سيليه بعد سنة مجمع آخر "عادي"، يستطيع البابا أن يستخلص فيه على الأرجح الإصلاحات أو التحولات، ولكن ليس قبل العام 2016. وكان البابا الأرجنتيني تمنى أن يتّسم النقاش بالهدوء والوضوح، لكن مناظرات حامية، خصوصاً بين المحافظين والبراغماتيين الأكثر تحرراً، تُفسد الأجواء حتى الآن. وفي تصريح لوكالة "فرانس برس-تي في"، قال الخبير في شؤون الفاتيكان في "تي إم نيوز" ياكوفو سكاراموتسي "هناك الذين يتخوفون من أن يؤدي الإنفتاح الى انهيار بنية العقيدة الكاثوليكية من جهة، ومن جهة أخرى هناك الذين ينتظرون عمليات تجديد كبيرة والذين يمكن أن يصابوا بخيبة الأمل". وتحدّث البابا فرنسيس عن "قنابل بالغة الخطورة" تنجم عن الثرثرات في الفاتيكان، مؤكداً أنه "سيسير عكس الرياح"، مضيفا يتعذّر تخطّي خلاف ما "عبر الخداع والضلال" بل من الممكن تخطّيه عبر "الفطنة والطاعة".