استمع ضيوف حفلة إعلان المنامة عاصمةً للسياحة العربية 2013، وحضوره، إلى بعض ما دوّنه ابن بطوطة عمّا شاهده وعاينه في البحرين، من عادات ناسها ومشاغلهم، وقد أشار إلى الاسم القديم لهذه البلاد «أرض دلمون»، لمّا توقف وتجوّل فيها في زمنه، وهو الذي توفي في 1377 ميلادية عن 73 عاماً، وأيضاً، عما شاهد في مصر والشام، أثناء رحلاته التي بدأها من مدينته طنجة، وجاب فيها أصقاعاً عدةً في العالم، واستغرقت 27 عاماً. استمع ضيوفُ الحفلة والحضور إلى تدوينات لابن بطوطة، في عرض مسرحيّ غنائيّ واستعراضيّ راقص، أنجزه المخرج المصري نادر صلاح الدين، وأجاد الفنان عبدالرحمن أبو زهرة في أداء دور الرحالة الشهير. وابتهج مشاهدو العرض في مسرح البحرين الوطني في المنامة بالإيقاعات والرقصات المعبّرة عن هويات البحرين والشام ومصر، وكذا بالأغنيات، بأداء آمال ماهر وأمينة خيرت واللبنانية غادة شبير والبحرينية هند. ويُؤشر الاحتفاءُ بابن بطوطة إدراكاً لدى القائمين على تظاهراته بالبعد الثقافيّ في الترويج السياحي للعاصمة البحرينية، يدلُّ على ذلك تولي وزارة الثقافة المسؤولية الكبرى في ذلك، وهي التي ستنشط، كما توضحُ البرامج المعلنة والمؤرّخة لها مواعيدُها، في تأكيد التآخي بين الثقافيّ والترفيهي والترويحي، وبين الجماليات الإبداعية والفنيّة العميقة لمكوّنات البحرين، التراثية والراهنة المتجدّدة، وما يندرج ضمن صناعة السياحة بمفهومها الشامل والواسع، والذي لا يغفلُ عن العميق والجوهريّ في البيئة البحرينية وتراثاتها ومنتوجات ناسها. ومن ذلك أنّ من برامج «المنامة عاصمة للسياحة العربية 2013» استعادة طريق اللؤلؤ في وسط مدينة المحرق، العاصمة الأبرز للنشاط البشري والتجاري الذي يمتد تاريخُه إلى أيام جلجامش، قبل 2500 عام. جوائز وكتب واحتفال حضر ابن بطوطة في اليوم التالي لأمسية الاحتفال، مشخّصاً في تمثال صغير متقن، قال عارفون إنه الأقرب إلى تمثيل أمير الرحالة العرب والمسلمين، أنجزه الفنان السوري، عاصم الباشا، ظل أمام ضيوف احتفاء جديد به ومدعوين إليه، بتسليم الجوائز التي تحمل اسمه لأدب الرحلة، ويمنحُها للفائزين بها، منذ أُولى دوراتها في عام 2003، المركز العربي للأدب الجغرافي – ارتياد الآفاق (مقره أبو ظبي ولندن)، ويرأسه ويرعاه الشاعر الإماراتي، محمد أحمد السويدي، ويديره الشاعر السوري نوري الجراح. واستضافت المنامة، في تظاهرة إعلانها عاصمة السياحة العربية 2013، حفلة دورتها الثامنة، لتُضاف إلى الدوحة وأبو ظبي والخرطوم والرباط والجزائر، والتي كانت استضافت الدورات السبع السابقة التي واكبتها ندواتٌ علميةٌ مختصة في أدب الرحلة، عنوانها «الرحالة العرب والمسلمون – اكتشاف الذات والآخر». وتسلم الفائزون، من وزيرة الثقافة البحرينية، الشيخة مي بنت خليفة آل خليفة، جوائزهم، وهم: الباحثة المغربية مليكة الزاهدي، في فئة تحقيق المخطوطات (الرحلات الكلاسيكية)، عن تحقيقها ودراستها مخطوط «البدر السافر لهداية المسافر إلى فكاك الأسارى من يد العدو الكافر»، لمحمد بن عثمان المكناسي. وفي الفئة نفسها، نال الجائزة أيضاً الباحثان المصريان، محمد حرب، وابنته تسنيم محمد حرب، عن تحقيقهما وترجمتهما «رحلات عثمانية في الجزيرة العربية والهند وآسيا الوسطى ما بين القرنين 16 و20». وفي فئة الدراسات، نال الجائزة المغربي عبد النبي ذاكر، عن ترجمته كتاب التونسي الراحل، صالح المعيربي، «رحالة الغرب الإسلامي». وفاز بجائزة ابن بطوطة في فئة الرحلة المعاصرة المصري أحمد هريدي عن كتابه «تونس البهية... رحلة في الناس والتاريخ والعمران»، وفي فئة اليوميات، نال الجائزة الشاعر فرج بيرقدار، عن كتابه «الخروج من الكهف... يوميات السجن والحرية». وجائزة الرحلة المترجمة، نالها السوري، نعمان الحموي، عن ترجمته «السفر مع تشي غيفارا»، لمؤلفه ألبرتو غرانادو. هيأت الكتب الفائزة دار السويدي للنشر والتوزيع في أبو ظبي، ونشرتها وتقوم بتوزيعها المؤسسة العربية للدراسات والنشر التي يديرها الناشر ما هر الكيالي، وكان من ضيوف التظاهرة. وتوافرت الكتب في معرضٍ افتتحته الشيخة مي آل خليفة، وصاحب الاحتفالية بالجوائز، والندوة الحوارية مع الفائزين، واطّلع حضورُه، ومنهم وزراءُ عربٌ للثقافة، على الإصدارات المركز العربي للأدب الجغرافي - ارتياد الآفاق، في أزيد من ثلاثة عشر عاماً، وبلغت حوالى مئتي كتاب، تنوّعت بين المخطوط المحقق والدراسات والرحلات المعاصرة والريبورتاجات والترجمات. وفي رسالته إلى التظاهرة، نوّه محمد أحمد السويدي بالتعاون بين المراكز العلمية والأدبية العربية المستقلة والمشروعات الثقافية الجادة، من قبيل الذي تحقق بين مركز ارتياد الآفاق والمنامة عاصمةً للسياحة العربية، وقال «لا نجد فرقاً بين مناسبتي العاصمة الثقافية العربية وعاصمة السياحة العربية، فالسياحة في الأرض كما عبرت عنها أعمال مركزنا عملٌ ثقافي من طراز رفيع، يصل الثقافات العربية بالثقافات الأخرى، ويصل المغرب العربي بمشرقه، ويربط التجربة الثقافية العربية الجادّة والتنويرية بتجارب الأمم والثقافات الأخرى». وأردف «أدب الرحلة كما سعينا إليه العام الحالي وفي الأعوام العشرة السابقة من عمر جائزة ابن بطوطة وندوة الرحالة العرب والمسلمين هو أدب تواصلٍ وتعارفٍ، يؤكد انفتاح ثقافتنا العربية». وأوضح السويدي أن المركز العربي للأدب الجغرافي مكن الباحثين والعاملين فيه من أنْ يكونوا فعالين في شكل عملي يتيحُ المجال للخبرات أن تتواصل فيما بينها.