منذ نحو 40 عاماً عاش أبناء الجالية البرماوية في السعودية نوعاً من الضبابية نحو المستقبل المجهول، إضافة إلى النبذ والاضطهاد الذي يتعرضون له في موطنهم الأصلي، قبل أن تضع اللجنة المختصة برئاسة إمارة منطقة مكةالمكرمة المعنية بتصحيح أوضاعهم مطلع شباط (فبراير) الماضي حداً لهذا الأمر، وتشعل قنديل الأمل في طريق حياتهم، بعد أن شكلت لجاناً مختصة لتصحيح أوضاع أبناء الجالية «الأركانية» البرماوية في السعودية، ومنحهم إقامات نظامية، لتتيح أمامهم وأمام أبنائهم الخدمات التعليمية والصحية، مشعلة أمامهم بصيص نور شاع في آخر النفق، يعوضهم وأبناءهم ما افتقدوه طوال أعوام خلت. وجاء قرار وزير العمل أمس، بدمج أبناء الجالية البرماوية المصنفين ضمن الفئات المعفاة من الإبعاد في المملكة باحتساب توظيفهم ب0.25 نقطة ضمن برنامج نطاقات. أبناء الجالية البرماوية الذين قدرت أعدادهم في السعودية نحو 600 ألف شخص، منهم 70 في المئة مولودون في السعودية، إذ قدرت الإحصاءات أنهم يشكلون نحو 25 في المئة من سكان منطقة مكةالمكرمة، فيما قدرت بعض الإحصاءات الأخرى استيطان نحو 85 في المئة منهم في منطقة مكةالمكرمة، و 15 في المئة موزعون في المناطق الأخرى، الأمر الذي أدى إلى ارتباط «البرماويين» ببعض المناطق والأحياء كمنطقة النكاسة، جبل الشراشف في مكةالمكرمة، ومنطقة أم السلم وكيلو 14، إضافة إلى شرق طريق مكة القديم جنوبجدة، التي غالباً ما تزدحم أزقتها آناء الليل وأطراف النهار بهم رغم الظروف المعيشية الصعبة التي يعيشونها هناك. وصنفت جهات دولية بحسب تقديرات رسمية للعام الماضي أن عدد أبناء الجالية «الروهانجية الأركانية البرماوية» تقدر بحوالى 800 ألف شخص، موزعين في مختلف دول العالم، إذ صنفتهم الأممالمتحدة على أنهم من أكثر الأقليات اضطهاداً في العالم، فيما طالبت منظمة العفو الدولية في العام نفسه بوضع حد لما يتعرضون له من انتهاكات ومجازر تتعارض مع مبادئ حقوق الإنسان الأساسية. وتوصف الجالية «الروهجنية» أنها من أكثر شعوب العالم تعرضاً للنبذ والاضطهاد في العالم، لتجريدهم من مواطنتهم في بلدهم الأم من جانب المجلس العسكري البورمي منذ العام 1978، إضافة إلى حرمانهم من الجنسية البورمية منذ سن قانون الجنسية في العام 1982، إذ لا يسمح لهم القانون بالسفر من دون الرجوع إلى السلطات الحاكمة في بورما وأخذ إذن رسمي، إضافة إلى منعهم من امتلاك الأراضي، والتوقيع على الالتزام بأن لا يكون لهم أكثر من طفلين للعائلة الواحدة.