مع تصاعد وتيرة الجريمة الإلكترونيّة، يثبت أن الوسائل التقنية تعجز عن منعها بصورة شاملة. لذا، يرى البعض أن الحلّ ربما يأتي عبر الاستعانة بقيم الدين والأخلاق التي تستطيع دعم المسؤولية الشخصيّة في منع الجريمة الإلكترونيّة ومحاربة الرذيلة في الواقع الافتراضي. وفي ذلك السياق، عقدت جماعة «القرصنة الأخلاقيّة» فى «كلية عبري للعلوم التطبيقية»- عُمان، ندوة عن دور الأخلاق والدين فى محاربة الجريمة الإلكترونيّة. واستهل الشيخ محمود العبري، موجه أول مدارس القرآن الكريم في ولاية عبرى، الندوة بكلمة عن آداب استخدام الإنترنت، شارحاً دور تلك الشبكة في نشر فتاوى العلماء إلى الناس، مع ملاحظة أن الإنترنت أصبح حقلاً خصباً لإشباع حاجات الفرد في العلوم والمعارف والمعلومات. وشدّد الشيخ العبري على أهمية الوعي العام بأهمية أمن المعلومات، ناصحاً متصفحّي الإنترنت بالتزام الضوابط الشرعيّة أثناء تجوالهم في الفضاء الافتراضي لل»ويب»، موضحاً أن تلك الضوابط لا تحدّ من الحريات ولا تشكل قيداً أمام الوصول الى العلوم. وحذّر الطلبة من نشر المواد عشوائيّاً على الانترنت، مؤكّداً أن الفرد مسؤول عن الرسالة التى تخرج من هاتفه أو حاسوبه، لذلك عليه التحقّق منها والتريث قبل نشرها. وشدّد على عدم جواز الطلاق عن طريق الانترنت. ونصح الشيخ العبري الطلبة بعدم الاستجابة إلى أشياء مثل الاستحلاف والتحذير والتخويف وتحميل أمانة نشر رسالة معيّنة، لافتاً إلى أن الانترنت أصبح طريقاً سريعاً لنقل المعلومات، ما يوجب التصرف بمسؤولية تجاه محتوياته. صعوبة المكافحة في سياق مماثل، أكد نائب مدير الإدعاء العام يونس اليحيائي أهمية التوعية بالقوانين المتعلقة بالجريمة الإلكترونيّة، مؤكداً على أن لا عقوبة إلا بنص وأنه لا يوجد قياس فى القانون. وبين اليحيائي أن عُمان كانت سبّاقة فى تجريم كثير من الأفعال الإلكترونيّة. إذ أصدرت قانون الاتّصالات في العام 2002، وقانون المعاملات الإلكترونيّة (2008)، وقانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات وغسيل الأموال والإتجار بالبشر وإستغلال الأطفال (2011). وذكّر بأن عقوبة الاعتداء على حُرمة الحياة الخاصة تراوح بين سنة وثلاث سنوات، إضافة إلى غرامة مالية. وتناول اليحيائي مشكلات التعامل مع الجريمة الإلكترونيّة، لا سيما عندما تتعلق بأطفال يصعب التحقيق معهم بسبب عدم وصولهم إلى السن القانونية وقلة خبرتهم بالتقنية. واستشهد بحادثة نجاح طفل فرنسي فى اختراق حاسوب الرئيس الأميركي باراك أوباما. وأشار اليحيائي أيضاً إلى صعوبة تتبّع جرائم الانترنت لأنها عابرة للدول ومكلفة فى الوقت والجهد. ومثلاً، يستطيع شخص إسباني أن يسرق معلومات ثم يرسلها إلى شخص ماليزي الذي ربما حوّلها إلى شخص في تايلاند. وكذلك ذكّر بصعوبة توفير الأدلّة في الجرائم الإلكترونيّة، إضافة إلى التداخل بين الإلكتروني وما هو غير إلكتروني. وأوضح اليحيائي أن قانون المعاملات الإلكترونيّة يضفي الشرعيّة على المعاملات الإلكترونيّة الموقّعة رقميّاً، باستثناء الطلاق والزواج والوصايا والاعلانات القضائيّة. ولاحظ أيضاً أن شبكات التواصل الاجتماعي تحفل بكثير من الاشاعات والمعلومات غير الموثوقة، ما يوجب التفكير بدقة في تبني ما يأتي عن طريق تلك الشبكات. واختتم اليحيائي محاضرته بالتشديد على أهمية التثقيف والتوعية والتدريب.