109 ايام تفصلنا عن انتهاء ولاية المجلس النيابي اللبناني، في 20 حزيران (يوليو) المقبل، والمرجعيات السياسية التي اغرقت اللجان النيابية المشتركة بسيل من الاقتراحات والمشاريع الانتخابية لم تفلح في التفاهم على حل يفضي الى قانون توافقي وفق معيار النظام المختلط الذي يجمع النسبي والاكثري ويؤمن صحة التمثيل المسيحي ويحقق التوازن السياسي، حتى بدأت الازمة الانتخابية تدخل دائرة التأجيل التقني، الذي بات مسلماً به من غالبية الفرقاء، في وقت تحتاج وزارة الداخلية الى اكثر من ثلاثة اشهر لإنجاز التحضيرات اللوجستية والادارية وفق أي قانون يتفق عليه لإجراء الانتخابات في موعدها. هذه المسائل القانونية أجاب عنها ل «الحياة» رئيس لجنة الادارة والعدل النيابية روبير غانم كمرجعية قانونية. غانم الذي بات يستشعر خطر عدم اجراء الانتخابات في موعدها، يقول انه «اذا كان لا بد من تأجيل الانتخابات، تقنياً، فلا يمكن وفق آليتها ان يتم الا بقانون يصدر عن المجلس النيابي». وفيما يشير الى ان مهلة لوائح الشطب تنتهي في 15 آذار (مارس) الجاري، يلفت غانم الى «ان هيئة الاشراف على الانتخابات التي يفترض على الحكومة تشكيلها موجودة في القانون النافذ اليوم (قانون الستين)»، ويضيف: «تشكيل الهيئة يسير على اي قانون يتم التوافق عليه، وهي ضرورة، لكن باعتبار القانون السابق ينص على انه (بعد ستة اشهر من الانتخابات لا يعود لها وجود قانوني)، يفترض اعادة تشكيلها من جديد. وكان يجب ان تكون الهيئة مستقلة تماماً، لكن للظروف التي كانت سائدة في انتخابات 2009 لم نتمكن من جعلها مستقلة بالمطلق، اذ تحتاج لنقل صلاحيات قضائية وادارية ومالية ويخصص لها موظفون وغير ذلك، وهذا الامر كان من الصعب تحقيقه في وقتها، وهذا ينسحب بالتأكيد على الوضع القائم الآن». اما دعوة الهيئات الناخبة والتي احال وزير الداخلية مروان شربل مرسوماً فيها الى الامانة العامة لمجلس الوزراء في 3 كانون الاول (ديسمبر) من العام الماضي، فإن مهلتها كما يؤكد غانم، تنتهي قبل 9 حزيران (يونيو) ب 60 يوماً، اي في 10 نيسان (ابريل) المقبل. لكن اذا مرت المهل ولم يحصل اتفاق على قانون توافقي، يحيل غانم الامر على قانون الدوحة ويقول: «القانون النافذ يبقى نافذاً، وهو ساري المفعول حتى صدور قانون آخر يبطله. لكن من الصعوبة بمكان اجراء الانتخابات على اساس قانون الستين، بوجود فريق كبير لا يقبل به. وهذا يدخلنا في مرحلة تأخير الانتخابات بضعة اشهر من اجل ايجاد قانون توافقي». ويجزم غانم بأنه «لا يمكن التمديد يوماً واحداً للمجلس النيابي حتى لو اتفق على تأجيل تقني، الا بموجب قانون صادر عن المجلس نفسه». وهل قانون التمديد يجب ان يحصل فور انقضاء المهل، ام ان المطلوب ان يصدر قبل نهاية ولاية البرلمان؟ يؤكد غانم انه «يجب ان يصدر قبل انتهاء ولاية المجلس». حكومة تصريف أعمال وفي حال لم يمدد للبرلمان، هل تستطيع الحكومة ان تحكم؟ يلفت الى انها «تصبح حكومة تصريف اعمال، وهنا يفترض بالمؤسسات ان تستمر ولو على الاقل بصورة قانونية. لكن اذا لم تحصل انتخابات ولا قانون، تقوم الحكومة بمهام تصريف الاعمال. وفي الظروف الاستثنائية اذا ما استجد شيء ما، يحق للحكومة ان تتخذ قرارات استثنائية وفقاً للظروف الاستثنائية». واذ يشير الى ان «التمديد غير مبرر تقنياً»، لكن «المبرر» يقول غانم، «هو في ان يتم التوافق على قانون»، وكما يقول الرئيس نبيه بري ان «قانوناً سيئاً بتوافق افضل من قانون جيد من دون توافق»، خصوصاً ان التحديات التي تحيط بنا داخلياً وخارجياً، تحتم علينا تجنب الدخول بخلافات جوهرية، اذ ان قانون الانتخاب يجب ان يكون خطوة اولى، والآن لم يعد في امكاننا الوصول الى قانون يلبي طموحات المواطنين، لكن على الاقل ان يكون هذا القانون خطوة اولى نحو حل المشاكل التي يتخبط فيها لبنان نتيجة الازمات التي وقع فيها وتتجسد بخروقات للدستور وميثاق العيش المشترك وللمساواة والعدالة، وهذا ما خلق ازمة نعيشها الآن ومن نتائجها هذا الاصطفاف الكبير والحاد، الذي لا يمكن الانتهاء منه الا اذا اوجدنا حلاً على مستوى هذه الازمة، ولم يكن قانون الانتخاب هو سببها ولن يكون هو الحل وحده، فبالتوافق يمكن ان يصبح خطوة اولى، يليه التوصل الى اقرار مجلس شيوخ، ولا مركزية ادارية، والغاء الطائفية السياسية». ويقول غانم الذي رأس جلسات لجنة التواصل النيابية الفرعية: «كنا نقترب من التوافق نحو ايجاد مساحة مشتركة في النظام المختلط، اذ ان كل الفرقاء تقدموا خطوات في هذا الاتجاه، الا ان بعض الفرقاء بقي متمسكاً باقتراحه ويرفض التقدم بخطوات نحو أي حل آخر. لكن مقولة المناصفة، بانتخاب المسيحي للمسيحي، هو قول يراد به باطل، لأن دستور الطائف جاء بتسوية بعد 200 الف قتيل، وان كان يوجد بعض الاخطاء لكنه اداة عدالة سياسية، اخذ من رئيس الجمهورية بعض الصلاحيات واعطاها لمجلس الوزراء وقال: لكن انت تبقى رئيس دولة ورمزاً لوحدة الوطن، لا رئيس مؤسسة، كما نص على المناصفة في المجلس النيابي بين المسيحيين والمسلمين، وقال للمسيحيين هذا حق لكم وليس منة وهذه التسوية تقوم على هذه المعادلة التي اذا اقدمنا على تغييرها فاننا ننسف الدستور والكيان. فلنطبق الدستور بحذافيره ولو مرة واحدة». وسأل: «عندما كان الرئيس السابق قبل الطائف وكانت كل الصلاحيات في يده من تعيين رئيس حكومة ووزراء الى اقالتهم، الى حل المجلس النيابي، لم يستطع ان يحمي المسيحيين عام 1958، فهل كما يقول هؤلاء، ان ال50 – 60 نائباً الذين سينتخبونهم على اساس طائفي سيحمون المسيحيين؟ هذا كلام بلا طعمة». مجلس الشيوخ ويقرأ غانم في طرح الرئيس بري، بالذهاب الى المشروع الارثوذكسي مجدداً، او العودة الى المادة 22 من الدستور التي تنص على استحداث مجلس شيوخ بعد اول مجلس نواب، بأنه «من باب الضغط. لكن هو مقتنع تماماً بإمكان حصول ذلك بالتزامن، او حتى في حال رغب الفرقاء الآخرون باستحداث مجلس شيوخ قبل الوصول الى هذه المرحلة، وبذلك نكون اعطينا التطمينات الكاملة لكل الهواجس المسيحية وغير المسيحية». لكن غانم يرى انه اذا كانت النيات صافية، فالاتفاق سهل ويمكن الوصول الى صيغة مختلطة، اذ ان «المستقبل» جاء من رفض النسبية الى تقديم اقتراح في هذا الشأن، وكذلك الحزب الاشتراكي الذي كان متمسكاً بالستين ويرفض النسبية، قدم اقتراحاً على اساس النسبي والاكثري». ويخلص غانم الى «اننا ما لم نتوصل في الفترة المتبقية الى توافق، فاننا ذاهبون الى التأجيل تقنياً، وقال: «اعتقد جازماً ان الرئيس بري لن يقدم على أي خطوة غير ميثاقية».