سلّم رئيس الوزراء الأردني عبدالله النسور استقالته إلى العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني بعد أيام على إجراء الانتخابات البرلمانية التي أظهرت تقدم القوى العشائرية، في وقت صدر مرسوم ملكي أمس بتعيين رئيس الوزراء السابق فايز الطراونة رئيساً للديوان الملكي الهاشمي خلفاً لرياض أبو كركي، وهو جنرال سابق في الجيش الأردني. كما علمت «الحياة» ان السلطات تتجه في المستقبل القريب نحو تدشين قناة رسمية جديدة تهدف إلى محاورة جماعة «الإخوان المسلمين»، كبرى الكيانات السياسية المعارضة في البلاد والتي قاطعت الانتخابات الأخيرة احتجاجاً على القانون الذي أجريت على أساسه. وقدم النسور استقالة غير معلنة إلى الملك ترقباً لتشكيل حكومة جديدة بدأ التشاور في شأنها مبكراً على مستوى مؤسسات الحكم المختلفة، فيما شهدت مؤسسة القصر الملكي على مدار اليومين الماضيين مشاورات عميقة مع كبار أركان الدولة للبحث في كيفية تشكيل الحكومة المقبلة. وقالت مصادر مطلعة وقريبة من مركز صنع القرار إن «استقالة النسور لن تظهر إلى العلن ولن يبت في شأنها قبل اكتمال المشاورات الخاصة بتشكيل الحكومة، وربما يتم تأجيل مناقشتها إلى الأسبوع المقبل». وأضافت أن «اسم النسور سيبقى مرشحاً بقوة لتولي المنصب مرة أخرى، ما لم تحدث تطورات مفاجئة على المشهد الراهن»، لافتة إلى أن «باب الترشيحات لمنصب رئيس الحكومة سيبقى ايضاً مفتوحاً حتى ربع الساعة الأخيرة، وربما تحدث مفاجآت نوعية». وكان حزب «الوسط الإسلامي» الذي فاز ب 17 مقعداً في الانتخابات الأخيرة (وهو يضم بعض المنشقين عن جماعة «الإخوان» وآخرين يعرفون بانتماءاتهم الرسمية)، أعلن أمس ترشيح رئيس الحزب مروان الفاعوري لمنصب رئيس الوزراء، كما رشح رئيس قائمة الحزب الانتخابية محمد الحاج، وهو قيادي سابق مفصول من «الإخوان»، رئيساً للبرلمان. لكن إعلان هذا الكيان ترشيحاته المفاجئة اصطدم بطموح ورغبات نواب جدد سارعوا إلى تشكيل تكتلات نيابية جديدة أكبر من تلك التابعة لكتلة الحزب الإسلامي الوليد، ليتسنى لهم المنافسة على ترشيحات الحكومة ورئاسة البرلمان المقبلين. وكان القصر أكد أخيرا أن الحكومات المقبلة ستتشكل وفقاً لآليات جديدة وعبر التشاور مع الكتل البرلمانية التي ستحظى بغالبية مقاعد البرلمان. يأتي ذلك، فيما صدر مرسوم ملكي ظهر أمس على نحو مفاجئ وغير متوقع بتعيين فايز الطراونة رئيساً للديوان الملكي الهاشمي. والطراونة رجل دولة مخضرم ومحسوب على التيار الرسمي المحافظ. وكان تولى رئاسة الحكومة في الأعوام 1998 و1999 و2012، وشهد عهده وفاة الملك الحسين بن طلال وانتقال السلطة الى الملك عبد الله. وبحسب مصادر رفيعة المستوى، يأمل مطبخ القرار من الطراونة في أن يكون قادراً على إدارة مفاوضات سريعة وعاجلة مع الكتل النيابية المختلفة لتشكيل الحكومة المقبلة، كما يُعوّل عليه قيادة حوار جديد مع المكونات الفاعلة في المشهد السياسي الراهن. وعرف عن الطراونة خلال السنوات الماضية أنه ينفذ ما يطلب منه بشكل دقيق، اضافة الى إدارته الجيدة لمفاتيح اللعبة السياسية وفقاً لتوجهات صاحب القرار. بموازاة ذلك، علمت «الحياة» ان السلطات تتجه إلى تدشين قناة رسمية جديدة تهدف إلى محاورة «الإخوان». كما علمت أن جهات رسمية أرسلت إلى الجماعة إشارات معينة فهم منها إمكان تحقيق انفراج قريب بين الطرفين، وحمل بعضها تأكيدات بأن الحكومة المقبلة ستقود سلسلة حوارات مع قيادات الجماعة. وابدت قيادات «إخوانية» بارزة استعداداً لقبول أي دعوة حوار توجهها إليها السلطة من اجل الوصول إلى تفاهمات جديدة. وكان العاهل الأردني أكد أول من أمس من دافوس «ضرورة التفكير في كيفية إعادة إدماج الإخوان في جوانب الإصلاح المستقبلية المختلفة».