في فضاء العدسة وبين إطارات الصور، يتكون مجتمع افتراضي، تستهويه المناظر الجمية، ومهمته الرصد الضوئي لمجالات الحياة، وعرض شريط مصور للأحداث اليومية، تتنوع الإضافات وتتنافس المواهب في إبرازها في أبهى صورة، ذلك هو مجتمع «انستغرام»، التطبيق الذي ملاء الدنيا بالصور الملتقطة في أقطار العالم الشاسع، وشغل الناس، خصوصاً أصدقاء الضوء، الذين يبدو أنهم وجدوا ضالتهم في شبكة اجتماعية متخصصة بمشاركة الصور، التي أصبح من روادها المصور الفوتوغرافي المحترف، وكذلك المصور الهاوي، الذي ما لبث أن سحرته روعة الصور المعروضة في هذا التطبيق، فانضم إلى نادي المصورين، الذين يحرصون على توثيق مشاهدهم وعرضها في صفحتهم، ليشاركوا بها أصدقاءهم ومتابعيهم. فلم يتم «انستغرام» عامه الثالث حتى أصبح في الصف الأمامي مع بقية مواقع التواصل الاجتماعي الشهيرة، الذي يزداد متابعيه يوم بعد يوم، فأخذ «الانستغراميون» يوثقون أحداث يومهم بتصويرها، ومشاركة مستخدمي التطبيق بهذه الصور، وإضافة التعليقات وتبادل الحوارات حولها، والبعض أصبح يبحث عن الصورة الأجمل التي تزيد من متابعيه، وتفاعلهم مع ما يقدم. وكان بداية تطبيق «انستغرام» في تشرين الأول (أكتوبر) 2010 إذ أنشئت كشبكة اجتماعية تسمح للمستخدم بالتقاط الصورة وإجراء التعديلات الرقمية والفلاتر عليها، ثم مشاركتها مع الأصدقاء عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وكانت محصورة بشكل خاص لأجهز أبل (الآيفون والآيباد والآيبود)، وكان رد الفعل من المستخدمين إيجابية إلى حد حصول البرنامج على لقب «برنامج العام» في متجر آبل للآيفون، وحينما لقي هذا التطبيق رواجاً أعلنت «انستغرام» في نيسان (أبريل) 2012 عن دخولها عالم «اندرويد»، ولقي شعبية كبيرة وصلت إلى أن أكثر من مليون مشترك حمّل هذا التطبيق على جهازه خلال 12 ساعة فقط من طرحه، وتفيد آخر الإحصاءات أن «انستغرام» حطم حاجز ال100 مليون مستخدم، بعد أن كان عدد المشتركين في تموز (يوليو) الماضي حوالى 80 مليون فقط. أما الصور المرفوعة على هذا التطبيق فقد تجاوزت بليون صورة، وهو ما دعا الشبكة الاجتماعية الأشهر «فيسبوك» إلى شراء «انستغرام» في صفقة بلغت بليون دولار. وكادت «انستغرام» أن تخسر الكثير من المستخدمين عندما قامت بتغيير سياسة الخصوصية وبأنها يمكن أن تقوم ببيع صور المستخدم للشركات المعلنة في طريقة لجلب الأرباح، وهو ما أدى إلى مخاوف الكثير من رواد الشبكة، وقيام البعض منهم بحذف حساباتهم، إلى أن كتب مؤسس «انستغرام» رسالة توضيح واعتذار وذكر فيها أن الشركة لا تريد بيع صور المستخدمين، وأن التعديلات الأخيرة كانت غير مفهومة وأن الشركة لن تقوم باستخدام صور المستخدمين أو التعديل عليها. ويرجع المتخصصون في الإعلام الاجتماعي هذا الشغف في ارتياد شبكات مشاركة الصور، إلى القدرة الكبيرة في التعبير التي يمكن أن تفعله الصورة في مقابل النص الكتابي، إضافة إلى الفضول الكبير لدى الأفراد الذي يدفعهم إلى حب استطلاع ما لدى الآخرين، ومتابعة حياتهم بكل تفاصيلها، وكذلك الخدمات التي توفرها التطبيقات المتخصصة ك»انستغرام» التي تظهر الصور في أبهى حلة، إذ يقول عضو نادي فوتوغرافيي الشرق الأوسط المصور حسين العسكر: «إن برنامج انستغرام من التطبيقات التي لاقت انتشاراً واسعاً بأجهزة الجوال، ودخل منافساً قوياً لبقية التطبيقات المشابهة، بسبب سهولة استخدامه، وكذلك لوجود خصائص ومميزات عدة في التعامل مع الصور، من تعديل وإضافة تأثيرات تزيد من جماليتها»، وعن الولع الكبير بهذا التطبيق بين المصورين المحترفين والهواة يؤكد العسكر أن المصور دائماً يبحث في مثل هذه التطبيقات عما يلبي رغباته، ويضمن له وصول صوره إلى مستوى مميز من الجودة والانتشار، ويضيف: «هذا ما حصل مع «انستغرام»، إذ اشتهر في أوساط المصورين بكفاءته العالية، وهو ما حدا بهم إلى الانضمام لرواده ونشر الجديد من أعمالهم فيه، فأصبح واحة لمحبي التصوير، وهو ما كان له الأثر في زيادة وعي المتابعين بهذا الفن واحترافية الصورة». وفي نظرة سريعة ل»انستغرام» نجد أن مستخدمين يحظون بنسبة متابعة كثيفة من رواد البرنامج، لجمال ما يعرضونه من صور، إذ يركز المصور صالح محمد في نصائحه لمن يريد زيادة عدد متابعيه على «انستغرام»، على الانتقائية في اختيار أفضل اللقطات الخاصة به، وأن المتابعين يحرصون على المستخدم النشط، فيجب أن يكون رفع الصور على دفعات حتى لا يفتقدها المتابعون، كما ينصح باستخدام «الهاشتاق»، فمن خلاله يمكنك اجتذاب المستخدمين الذين يبحثون عن موضوع أو صورة محددة، كما يساعد هذا الأمر في الاستفادة من مواكبة ما هو شائع، إذ يمكنك أن تذهب إلى العنوان (web.stagram.com/hot) لترى «الهاشتاق» الذي يتوافق مع صورك، سواء كانت حديثة أم قديمة، كما أن إضافة إشارة جغرافية إلى الصورة مهم جداً، فغالبية الناس يهتمون بالصور المتعلقة بأماكن يعرفونها.