دخلت إيران على خط تسليح الجيش اللبناني أمس بإعلان الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي شمخاني إثر اجتماعه مع رئيس الحكومة اللبنانية تمام سلام في بيروت عن تقديم بلاده هبة «عربون محبة تساعد الجيش الباسل في مواجهته الإرهاب». وقال إن الدولة اللبنانية قبلت الهبة. وجاء إعلان شمخاني الذي زار لبنان أمس ليوم واحد واجتمع أيضاً مع رئيس البرلمان نبيه بري والأمين العام ل «حزب الله» السيد حسن نصرالله، بعد سلسلة مساعدات وهبات للجيش من المملكة العربية السعودية (تبلغ قيمتها الإجمالية 4 بلايين دولار أميركي) والولايات المتحدة الأميركية وعدد من الدول الغربية لدعمه في مواجهة الإرهاب. ولم يعلن شمخاني عن قيمة الهبة واكتفى بالإشارة الى أنها «عبارة عن تجهيزات ستقدم عملياً خلال زيارة سيقوم بها وزير الدفاع سمير مقبل الى إيران لتسلمها». (للمزيد) وهاجم شمخاني الذي رافقه مساعد وزير الخارجية للشؤون العربية والأفريقية حسين أمير عبد اللهيان ووفد موسع الائتلاف الدولي ضد الإرهاب الذي قال عنه إنه «مضحك ويتبنى ظاهرياً مكافحة الإرهاب... وحاميها حراميها». وأضاف: «هذا الائتلاف موبوء والضرب الجوي من دون تحرك أرضي لا قيمة له». واعتبر الائتلاف «مسرحية». وإذ نفى شمخاني اي علاقة لإيران بتنظيم «داعش»، اعتبر أن الحوار هو الطريق الوحيد في لبنان مبدياً اهتمامه بترسيخ الأمن والاستقرار فيه. وساد التكتم في بيروت أمس في شأن ما وصفه مصدر وزاري «الدينامية الجديدة لمفاوضات إطلاق العسكريين اللبنانيين المخطوفين» في ظل تكهنات عن اتصالات ووجود موفد قطري في لبنان (في جرود عرسال) للتواصل مع الخاطفين، وانتقال المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم الى تركيا لمتابعة جهود أنقرة في هذا المجال، لم يؤكدها أي مصدر رسمي. وأملت أوساط رسمية بأن تنجم الاندفاعة الجديدة للتفاوض عن الإفراج عن عسكري أو اثنين مع عيد الأضحى المبارك. وقطع أهالي العسكريين أمس طريق المصنع للضغط على الحكومة لتسريع مبادلة أبنائهم بمطالب الخاطفين. وتختبر القوى السياسية اللبنانية اليوم قدرتها على إنجاز التوافقات السياسية، في الجلسة النيابية المخصصة لإقرار سلسلة الرتب والرواتب واتفاقات قروض مع البنك الإسلامي والبنك الدولي وألمانيا لمشاريع إنمائية. وإذ رفضت نقابة معلمي المدارس الخاصة استثناءهم من زيادة الدرجات في مشروع السلسلة ودعت الى الإضراب المفتوح اليوم والاعتصام، فإن الأمر بقي موضع تشاور بين الكتل النيابية حتى ساعة متأخرة ليلاً نظراً إلى اعتراض هذه الكتلة أو تلك على بنود في مشروع السلسلة. ورجّحت مصادر نيابية ل «الحياة» أن تعقد جلسة تشريعية جديدة مباشرة بعد ارفضاض الجلسة المخصصة لانتخاب رئيس للجمهورية يوم الخميس في 9 تشرين الأول (اكتوبر) والتي سيتكرر عدم اكتمال نصابها كسابقاتها طالما لا توافق على الرئيس المقبل. وذكرت المصادر النيابية أن بري قد يدعو فوراً وفي اليوم نفسه الى جلسة تشريعية على جدول أعمالها مشروع قانون تشريع إصدار سندات «يوروبوند» لمصلحة الخزينة، وآخر برفع سقف اعتمادات صرف رواتب القطاع العام وثالث بتعديل مهل دعوة الهيئات الانتخابية إلى الاقتراع، من أجل اختيار النواب الجدد (في 16 تشرين الثاني/ نوفمبر) ورابع هو اقتراح قانون نيابي بالتمديد للبرلمان سنتين و7 أشهر. وهذا يعني أن البحث بالتمديد للمجلس النيابي بحجة صعوبة إجراء الانتخابات النيابية لأسباب أمنية سينطلق في تلك الجلسة تحت ضغط وجوب إصداره قبل شهر من تاريخ انتهاء ولاية البرلمان الحالي في 20 تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل، لإتاحة المجال لصدوره حكماً ضمن مهلة الشهر التي نص عليها الدستور في حال رفض أي من الوزراء توقيعه من ضمن صلاحيات الحكومة بالإنابة عن رئيس الجمهورية. وينتظر أن تتجه الأنظار إلى جلسة مجلس الوزراء التي تُعقد غداً للبحث في السقف الذي يتوافق عليه أعضاؤها في مبادلة العسكريين مع مطالب الخاطفين، فضلاً عن بحث نقطة خلافية أثارت جدلاً في شأن إقامة مخيمات تجريبية للنازحين السوريين إلى عرسال، في الشمال والبقاع الغربي. ولم تستبعد مصادر وزارية أن يثار في الجلسة الموقف من اجتماع وزير الخارجية جبران باسيل مع نظيره السوري وليد المعلم في نيويورك الذي اعتبره الرئيس سلام مخالفاً لسياسة النأي بالنفس وحصل من دون علمه. وأعلنت كتلة «المستقبل» النيابية أمس دعمها «الكامل لجهود سلام لاعتماد الحلول التي تؤمّن عودة العسكريين المحتجزين سالمين إلى عائلاتهم في أسرع وقت». ودعت الكتلة أهالي العسكريين إلى «عدم الاستسلام للضغوط ليصبحوا في مواجهة مع الدولة». ورفضت الكتلة أي دعوة إلى الالتحاق بدولة «داعش» الإرهابية في لبنان والمنطقة العربية. واستنكرت الكتلة لقاء الوزير باسيل مع وزير خارجية النظام السوري معتبرة أنه خرق لسياسة النأي بالنفس. وفي باريس عقد باسيل مؤتمراً صحافياً بعد لقائه نظيره الفرنسي لوران فابيوس أكد فيه عدم وجود أي عراقيل لا من الجانب اللبناني ولا من الجانب السعودي أمام إتمام اتفاقية التعاون الخاصة بالجيش اللبناني. كما رحب بأي هبة تقدم الى لبنان إن لم تكن مشروطة سياسياً. وقال إنه التقى وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل في الأممالمتحدة و «أكد أنهم ملتزمون وماضون في التنفيذ». وأضاف أن موضوع النازحين السوريين «يستغل لخلق توتّر بين اللبنانيين وبين السوريين أنفسهم إضافة الى الخضّات السياسية والفرنسيون مدركون لوضع لبنان وما تغيّر هو أن الجهد الدولي بات مركزاً على «داعش». ولفت إلى أنه «ليس جديداً أن الآراء غير متطابقة داخل الحكومة» لكنه أضاف أن هناك تطابقاً حول «كيفية مواجهة خطر محدد هو داعش» وأن الوضع في لبنان «لا يحتمل حالياً فذلكة سياسية». وقال إن الجيش قادر على خوض المعركة ضد الإرهاب. وعن أسباب تأخر توقيع اتفاقية التعاون الفرنسية - السعودية لدعم الجيش قال باسيل إن «الجانب الفرنسي هو الذي أخبرنا بما يحصل» وأن الجانب اللبناني ينتظر «أن تنتهي الأمور بين فرنسا والسعودية». واعتبر باسيل أن انتخاب رئيس هو ضرورة قصوى، لكنه دعا إلى عدم الربط بين عدم وجود رئيس حالياً و «ما يحصل عندنا في قضية «داعش» والإرهاب والنازحين». وتابع أن عدم وجود رئيس لا يعطل العمل ولا التحرّك على المستوى الدولي بدليل أن «مجموعة أصدقاء لبنان» عُقدت سابقاً بوجود رئيس للجمهورية وعُقدت أخيراً في نيويورك بلا رئيس، «هذا من دون أي تقليل من أهمية انتخاب رئيس».